شغلت المفاوضات العراقية ـ الأميركية لتنظيم الانسحاب العسكري من الأراضي العراقية قسطاً كبيراً من اهتمامات الرأي العام العراقي والإقليمي والعالمي على السواء .. واحاط بهذه العملية الكثير من اللغط والمزايدات والمناكفات المشككة اولاً وغير الواقعية ثانياً أي ربط عناصر المفاوضات ببعض المفاهيم السياسية والايديولوجية المترسبة بكثافة في العراق وفي المحيط العربي والإسلامي ، لا وبل في المستوى العالمي .
ففي البيئة العراقية تصاعدت أصوات تتبنى التفاوض مع واشنطن من زاوية كسر المعادلة السياسية العقلانية التي تربطنا والإدارة الأميركية . وساد جو من المزايدات المنطلقة من التطلع الى الإيحاء بأن الإطار النهائي المنتظر من المفاوضات يجب ان يوضع تحت عنوان :هزيمة الولايات المتحدة في العراق وفشل احتلالها للبلاد.
وانسجمت هذه الاطروحات مع البيئة العربية والإسلامية التي استندت الى ارث العداء الايديولوجي لواشنطن وعدّت المناسبة فرصة لإعلان انتصار جماعات العنف والإرهاب المرتبطة بالقاعدة والتيارات السلفية على اميركا والنظام العراقي .
ومن الواضح ان المفاوض العراقي واجه مهمة شاقة ومعقدة ولكن الوفد العراقي اغتنى بتجارب مماثلة من التأريخ القريب والتشاور مع كل الأطراف المحلية والعالمية للوصول الى احسن الشروط المناسبة للوطن .
من هذه الزاوية يسجل كتاب الدكتور محمد حاج حمود رئيس الوفد العراقي للمفاوضات الذي قاد العملية بكل نجاح ومبدئية كيف نجح العراق بالرسو في شاطئ الأمان ضمن بحر العواصف الهائجة التي احتوت وطننا واوشكت على تضييعه . وتبادر ” الصباح الجديد ” الى نشر مقاطع أساسية من الكتاب المهم الذي صدر قبل مدة قصيرة من دار الثقافة للنشر والتوزيع .
“د. محمد الحاج حمود” كبير المفاوضين
تقديم ومراجعة السيد هوشيار زيباري
الحلقة 4
2 -صندوق تنمية العراق والمجلس الدولي للمشورة:
قرر مجلس الأمن في القرار (2003) إنشاء صندوق تنمية العراق لكي تودع فيه جميع عائدات صادرات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي المصدرة من العراق وجميع الأصول المالية العراقية التي كانت مجمدة سابقاً والمحولة من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فضلاً عن الأرصدة المنقولة من برنامج النفط مقابل الغذاء.
وقرر المجلس أن جميع هذه الأموال تتمتع بالحصانة من الدعاوى القانونية المرفوعة وعدم حجزها أو التنفيذ عليها ،باستثناء تعويض المطالبات البيئية إلا ما يتعلق بقرار أو تحكيم يصدر عن القضاء العراقي .على تصرف أموال الصندوق بتوجيه من سلطة الأتلاف المؤقتة بالتشاور مع الإدارة العراقية المؤقتة.وقد نقل هذا الإشراف فيما بعد إلى الحكومة العراقية .ويقوم بمراجعة حسابات الصندوق محاسبون عموميون مستقلون يقرهم المجلس الدولي للمشورة والمراقبة لصندوق تنمية العراق. ووضع التزاما على عاتق جميع الدول بالعمل فوراً على نقل الأموال وغيرها من الأصول والموارد الاقتصادية إلى الصندوق.
وأنشأ مجلس الأمن أيضاً في العام نفسه المجلس الدولي للمشورة والمراقبة الذي كلف بتوفير إشراف مستقل ودولي وإجراء مراجعة الحسابات عن طريق مراجعي حسابات مستقلين .ويتألف هذا المجلس من ممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة والمدير الإداري لصندوق النقد الدولي والمدير العام للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ورئيس البنك الدولي .وأضيف الى أعضائه ممثلاً عن حكومة العراق يتمتع بكامل حق التصويت .وقد مددت الحصانة التي تتمتع بها الأموال المودعة في صندوق تنمية العراق بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1905(2009) حتى نهاية عام 2010 ومددت أخيراً بموجب القرار 1956/2010 إلى نهاية حزيران 2011.
لقد بلغت الأموال المودعة لدى صندوق تنمية العراق حتى نهاية عام 2008 مبلغ (1،165) مليار دولار، وبلغت الأموال المنقولة إلى الصندوق من برنامج النفط مقابل الغذاء (4,10) مليار دولار وبلغت الأموال العراقية المجمدة والمودعة لدى الصندوق (5,1)مليار دولار وفي حزيران 2006 كتب رئيس المجلس الدولي رسالة إلى حكومة العراق لغرض تشكيل هيئة رقابة عراقية لتحل في المستقبل محل المجلس الدولي وفي العام نفسه أبلغت الحكومة العراقية المجلس الدولي بقرار مجلس الوزراء العراقي بإنشاء لجنة الخبراء الماليين برئاسة هيئة الرقابة المالية .وقد أقر المجلس الدولي بكفاءة لجنة الخبراء الماليين العراقية برسالة بعثها إلى الحكومة العراقية في نيسان 2009.
3 -لجنة 1518:
أنشأت هذه اللجنة بموجب القرار(1518) لسنة 2003 والمكونة من جميع أعضاء مجلس الأمن لغرض تحديد الأفراد والكيانات الذين بحوزتهم أموال أو أصول مالية أو موارد اقتصادية ملكاً لحكومة العراق أو تلك التي أخرجت من العراق أو تلك التي بحوزة عائلة النظام السابق وأعوانه وتحويل هذه الأموال إلى صندوق تنمية العراق .وقد أنشأت هذه اللجنة لتكملة العمل الذي بدأته اللجنة المشكلة وفق الفقرة (6) من القرار 661.
ووجه المجلس (لجنة1518) للعمل على وفق المبادئ التوجيهية التي أقرها في 12 حزيران 2003 الوثيقة (365/ik 7791sc/ ) والتعاريف التي حددها في 29 تموز 2003 الوثيقة (372/ik 7791/ sc ) وذلك لغرض تنفيذ أحكام الفقرة 23 من القرار 1483 (2003) التي تضع على عاتق جميع الدول الأعضاء واجب تجميد الأموال والأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية التي تعود لحكومة العراق السابقة أو الهيئات الحكومية أو المؤسسات أو الوكالات التابعة لها، الموجودة خارج العراق في تاريخ اتخاذ القرار ، وكذلك أية أموال أو أصول مالية أخرى أو موارد اقتصادية أخرجت من العراق أو حصل عليها صدام حسين أو مسؤولون كبار غيره في النظام العراقي السابق وأفراد أسرهم الأقربون ،بما في ذلك الكيانات التي يمتلكها أو يسيطر عليها ،بصورة مباشرة أو غير مباشرة ،هؤلاء الأشخاص أو أشخاص يتصرفون بالنيابة عنهم أو بتوجيه منهم .وقرر المجلس أيضاً أن تتمتع هذه الأموال بامتيازات وحصانات تعادل ما تتمتع به الأمم المتحدة.
وقد أعدت اللجنة حتى شهر أيار 2009 ، قائمة بأسماء الأفراد الذين تم تحديدهم استناداً إلى هذا القرار وبلغت (89) اسماً وقائمة بأسماء (208)كياناً. وكانت اللجنة خلال المدة من إنشائها تضيف أو تحذف أسماء أشخاص وكيانات بناء على طلب العراق أو دول أخرى .
4- تعويض الدور والمزارع على الحدود مع الكويت:
قرر مجلس الأمن في قراره المرقم 899(1994) تعويض ممتلكات العراقيين ممن بقيت ممتلكاتهم على الأراضي الكويتية أو هدمت دورهم في أعقاب ترسيم الحدود الدولية بين العراق والكويت .وقد دفعت الكويت مبالغ هذه التعويضات إلى حساب استئماني أنشأ لهذا الغرض .وفي عام 2008 قرر مجلس الوزراء العراقي تشكيل لجنة من الوزارات المعنية لتوزيع التعويضات على المزارعين العراقيين المتضررين .كما اتفق العراق والكويت على قيام الأخيرة بإنشاء عدد من الدور لتعويض أصحاب الدور التي هدمت بسبب مرور خط الحدود فيها أو بالقرب منها.
5 -الآثار العراقية المسروقة:
ألزم مجلس الأمن بقراره المرقم 1843 (2003) جميع الدول باتخاذ الخطوات المناسبة لتيسير عودة الممتلكات الثقافية العراقية والأشياء الأخرى ذات أهمية الدينية التي نهبت بطريقة غير قانونية من المتحف الوطني العراقي والمكتبة الوطنية منذ عام 1991 .وقد فرض المجلس حظراً على الاتجار بهذه الأشياء أو نقلها . وطلب المجلس من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافية (اليونسكو) والمنظمة الدولية للشرطة الدولية الجنائية (الإنتربول) والمنظمات الدولية الأخرى المساعدة في تنفيذ ما ورد أعلاه. ومعلوم أن ثروات العراق الثقافية والآثار تعرضت إلى النهب واعتداء من قبل قوات الاحتلال عام 1991 وعام 2003 أدى إلى سرقة الكثير من تلك الكنوز.
المبحث الثالث
جهود حكومة العراق للخروج من طائلة القرارات الصادرة
على وفق أحكام الفصل السابع
صدرت أغلب قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالعراق والتي سببت الكثير من الآلام والمآسي لأبناء الشعب العراقي في زمن النظام السابق ويمكن القول أن بعض القرارات التي صدرت بعد احتلال العراق عام 2003 قد اصطبغ أغلبها بطابع الاحتلال وحماية مصالح الغير، برغم أن البعض منها يصب في مصلحة العراق كحماية الأموال العراقية ورعاية العملية السياسية والدستورية . ومع ذلك فإن طبيعة النظام السياسي الجديد في العراق يختلف جذريآ عن طبيعة النظام السابق ، ولا بد وانطلاقاً من هذه الحقيقة ، أن يكون تعامل مجلس الأمن مع العراق مختلف كليا عن تعامله مع النظام السابق .فقد أعلن النظام الجديد حرصه على التعامل مع الشرعية الدولية بأعلى قدر من المسؤولية ،وأظهر حرصه على إبداء النوايا والأفعال الايجابية تجاه قرارات الأمم المتحدة وتنفيذها بحسن نية .
وقد تأكد هذا الاتجاه في دستور العراق الجديد ، إذ نصت المادة (9) منه على ما يلي : تحترم الحكومة العراقية ، وتنفذ ،التزامات العراق الدولية الخاصة بمنع انتشار وتطوير وإنتاج واستعمال الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية ويمنع مايتصل بتطويرها وتصنيعها وإنتاجها من معدات ومواد وتكنولوجيا وأنظمة اتصال . كما أن سياسية العراق الجديدة تجاه دول الجوار تقوم على ما ورد في المادة (8) من الدستور والتي تنص : يرعى العراق مبادئ حسن الجوار،ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية،ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل ، ويحترم الالتزامات الدولية :. وقد قامت سياسات الحكومة العراقية المتعاقبة هذه المبادئ والأسس . وانطلاقا من هذه الحقائق كان على مجلس الأمن أن يقر بأن الحالة في العراق لم تعد تهدد السلم والأمن الدوليين وبالتالي رفع طوق الفصل الفصل السابع من الميثاق لابد لمجلس الأمن أن يقتنع بأن الحالة في العراق لم تعد تهدد السلم والأمن الدوليين والتخلص من الالتزامات التي فرضت على العراق بسبب سياسات الظام السابق . وبذلك يتمكن العراق من استرداد سيادته الكاملة والعودة إلى احتلال مكانته الطبيعية في المجتمع الدولي .لقد نفذ العراق خلال السنوات الأخيرة الكثير من الالتزامات التى فرضها مجلس الأمن عليه أما المتبقي منها فهو على طريق الحل .ويمكن استعراض تلك الالتزامات وجهود العراق للانتهاء منها فيما يلي :
اولآ: أسلحة الدمار الشامل
لقد فرض مجلس الأمن بموجب القرار (687) لعام 1991 حضرا كاملا على العراق فيما يتعلق باستعمال أو خزن أو استيراد اي نوع من انواع أسلحة الدمار الشامل ويمكن إدراج التزامات العراق المتعلقة بالأسلحة الكيمياوية والبيولوجية والصواريخ البالستية ضمن ثلاثة ميادين :
الأول : التزامات العراق في التعامل مع اللجنة الخاصة ولجنة التفتيش والتحقيق والمراقبة .
الثاني : التزامات العراق في انجاز عمل محدد مثل تدمير وإزالة المواد المضرة تحت الاشراف الدولي .
الثالث : التزامات العراق بتنفيذ معايير لم يتم تعريفها بقرارات مجلس الأمن كحضر أو تقيدات محددة في قضايا البيولوجية . وقد تأكد تنفيذ التزامات العراق في المناسبات والوثائق التالية :
أـ لقد شعر مجلس الأمن أن العراق أوفى بالتزاماته المتعلقة بنزع أسلحته وفق القرارات السابقة لذا أنهى بموجب القرار 1762 (2007) ولاية لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقيق والتفتيش ومكتب العراق والتحقيق النووي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية
ب ـ كما أشارت الرسالة المشتركة البريطانية الاميركية المرفقة مع قرار مجلس الأمن 1762 والمؤرخ في 28/6/2007 إلى أن كل الخطوات المناسبة قد اتخذت لتأمين وإزالة كافة أسلحة الدمار الشامل المعروفة لدى العراق والصواريخ البالستية ضمن مديات أكتر من 150 كم وكافة عناصر برامج البحث العراقية لتطوير وتصميم وتصنيع ودعم وتجميع وتشغيل هذه الأنشطة كما أشار المجلس إلى رسالة وزير الخارجية العراقي المرفقة بالقرار أعلاه الذي أعلن فيها انضمام العراق إلى المجتمع الديمقراطي العالمي في دعمه النظام العالمي لعدم الانتشار.
ج ـ انضم العراق إلى العديد من معاهدات نزع السلاح وعدم الانتشار بما فيها اتفاقية حضر استحداث وإنتاج وتكديس الأسلحة البيكتريولوجية والسمية وتدمير تلك الأساحة ، واتفاقية حضر استحداث وإنتاج وتكديس واستعمال الأسلحة الكيمياوية وتدمير تلك الأسلحة ،والبروتوكول الإضافي الملحق باتفاق الضمانات الخاصة بها. وانضم العراق إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية وإلى اتفاقية الأسلحة الكيمياوية .وقد أشاد المدير التنفيذي لمنظمة الأسلحة الكيمياوية بالسلطات العراقية لروح التعاون التي أبدته في هذا الصدد واعتبر التزامات العراق في هذا الميدان مثيلة لالتزامات بقية الأطراف في الاتفاقية .
دـ وقد أقر الأمين العالم للأمم المتحدة أن الأمانة العامة العامة للجنة الدولية للطاقة الذرية لم تتعثر على أي دليل على استعمال المواد النووية المعلنة لأغراض غير الأنشطة النووية السلمية في العراق وعلى هذا الأساس خلصت إلى ألى ان استعمال المواد النووية المعلنة في العراق لم يخرج عام 2008 عن إطارالأنشطة السلمية .ووقع العراق على البروتوكول الإضافي لاتفاق الضمانات الشامل.
هـ ـ قدم العراق في 30/5/2008 استجابة لمتطلبات القرار 1762(2007) تقريرا حول التقدم الحاصل في تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحضر التسليح ومنع الانتشار والاتفاقيات الدولية ذات الصلة . كما أن الدستور العراقي لعام 2005 ألزم العراق في مادته التاسعة /هـ باحترام وتنفيذ والتزامات العراق الدولية الخاصة بمنع انتشار وتطوير وإنتاج واستعمال الأسلحة النووية والكيمياوية والبيولوجية ويمنع مايتصل بتطويرها وتصنيعها وانتاجها واستعمالها من معدات ومواد وتكنولوجيا وأنظمة للاتصال ، بالإضافة إلى كل ما سبق يسعى العراق إلى توقيع الاتفاقيات التالية :
ـ نظام الانضباط الدولي لمنع الانتشار للصواريخ البالستية.
ـ الاتفاقية المشتركة بشأن التصرف في الوقود المستهلك ومكان التصرف في النفايات المشعة .
ـ اتفاقية الأمان النووي.
ـ اتفاقية فيينا بشأن المسؤولية المدنية عن الأعراض النووية .
ـ اتفاقية التعويض التكميلي من الأضرار النووية .
ـ نظام الانضباط لأمن وأمان المصادر المشعة .
ـ الاتفاقية الدولية لمكافحة الارهاب النووي .
لقد حرم القرار 687(1991) في الفقرة 31/ج على العراق في المستقبل القيام بالأنشطة التالية التي ورد النص عليها في خطة الرقابة والتحقق المستمر في الوثيقة (s/22877/r7)
1ـ الاضطلاع بأية نشاطات في ميدان المعضيات المجهرية والتكسيات عدا ما يقوم به أفراد مدنيون لايعملون على أية هيئة عسكرية على أن يقوموا بهذه الأنشطة بصورة علنية .
2ـ الاضطلاع بأنشطة بشأن الأمراض الموطنة أو المتوقع أن تتفشى فورا في بيئته .
3ـ أن يمتلك في أي وقت من الأوقات أكثر من مرفق واحد في المختبر يستوفي المعايير المحددة في الاحتواء الأقصى كما هو مبين في دليل السلامة الحيوية في المختبرات لمنظمة الصحة العالمية لعام 1983 .
4ـ وقف جميع الأنشطة النووية ما عدا مايستخدم في النظائر المشعة للأغراض الطبية والزراعية والصناعية وكما ورد في القرار (707). ولابد من الإشارة والتأكيد إلى أن دائرة الرقابة الوطنية تعمل كهيئة وطنية لتنفيذ التزامات العراق على وفق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بمنع الانتشار والسيطرة على المواد المزدوجة الاستعمال . وأن الدائرة مكلفة بإنشاء وإدامة نظام وطني موحد يمكن العراق من الإيفاء بالتزاماته الخاصة بمعاهدات واتفاقيات منع انتشار الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية والنووية ووسائل إيصالها وتطبيقها على جميع الأنشطة السلمية ، بما في ذلك المواد والمعدات والتقنيات وما يتعلق بها من انتاج وامتلاك واستعمال وخزن واستيراد وتصدير وشحن ونقل وإدارة أية أنشطة أخرى بما يضمن عدم تحويلها إلى أنشطة محظورة . وفي عام 2008 أشارت سكرتارية الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه لاتوجد مؤشرات على تسريب مواد نووية مصرح بها من الأنشطة النووية السلمية في العراق ، وعلى هذا الأساس استنتجت السكرتارية أن المواد النووية المعلنة في العراق تستخدم للأغراض السلمية . وقد أكد المدير العام للمنظمة الدولية للطاقة الذرية في رسالة بعث بها إلى مجلس الأمن بتاريخ 11/أذار/2010 قيام العراق بتنفيذ كافة التزاماته تجاه المنظمة .
لقد بذلت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 جهوداً مضنية للتخلص من قيود الفصل السابع ،وكان لوزارة الخارجية الدور الرائد في هذا المجال وأسفرت هذه الجهود عن إصدار مجلس الأمن القرار(1957) في 15/12/2010 الذي أعاد العراق إلى وضعه قبل احتلال الكويت بما في ذلك الحق الكامل بالحصول على التكنولوجيا المتقدمة والاستعمال الأمثل والشامل للطاقة الذرية للأغراض السلمية وتطوير قدراته الدفاعية.
كما بذلت الدبلوماسية العراقية دوراً بارزاً في إنهاء ولاية لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقيق والتفتيش باعتبارها الآلية الأساسية لمجلس الأمن في معالجة قضايا نزع السلاح في العراق أن إنهاءها فضلاً عن مدلوله الرمزي الكبير في استكمال سيادة العراق فإنها في الوقت نفسه تنهي العلاقة المستمرة بين ملف نزع السلاح في العراق من جهة ومجلس الأمن من جهة ثانية بمعنى انتهاء العمل في التقاريرالفصلية عن نزع السلاح في العراق التي تقدم إلى مجلس الأمن وانتهاء جميع الاتصالات والمراسلات بشأن هذا الملف التي كانت من ضمن ولاية تلك اللجنة ليصار بعد ذلك إلى رفع القيود المفروضة على العراق والمتعلقة بنزع السلاح بموجب قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة وأبرزها القرارين (687)و(707) لسنة 1991 وهذا هو الفصل المهم من نزع السلاح الذي تم إنهاؤه بموجب قرار مجلس الأمن حول الموضوع بتاريخ 15/12/2010 ، بمعنى آخر فإن قرار مجلس الأمن 1762 لسنة 2007 أنهى آلية الأمم المتحدة في مجال نزع السلاح في العراق في حين تم رفع القيود المفروضة على العراق بموجب القرار الذي تم اعتماده بتاريخ 15/12/2010 ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف عملت وزارة الخارجية في ثلاثة اتجاهات متوازية :
1-إنضاج رأي عالمي واسع داعم لموقف العراق وضاغط على مجلس الأمن من اجل إنهاء ولاية الانموفيك ومكتب العراق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك عن طريق تضمين البيانات الأساسية في حركة عدم الانحيازوفي منظمة المؤتمر الإسلامي وبيانات العراق أمام الجمعية العامة ومجلس الأمن المطالبة بإنهاء ولاية هذه الهيئة باعتبار أن المسوغات والظروف التي أدت إلى إنشائها لم تعد موجودة وأن استمرارها لم يعد له ما يسوغه .
2- توجيه وزير الخارجية في كانون الثاني 2010 رسائل إلى كل من رئيس مجلس الأمن وإلى مديرعام الوكالة الدولية للطاقة الذرية أوضح فيهاالخطوات التي قام بها العراق على طريق الالتزام بنزع السلاح وعدم انتشاره كما أكد أن العراق سيستمر باتخاذ الإجراءات المطلوبة من الوكالة الدولية ، بضمنها تقدم الإعلانات الضرورية وحرية الوصول إلى المواقع والوثائق الخاصة بالمنشأة السابقة للأسلحة .وطلب من المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية توجيه رسالة إلى مجلس الأمن يخبره فيها بالتعاون التام والشامل الذي يبديه العراق مع الوكالة ،وان الوكالة تؤيد أي قرار يصدرمن مجلس الأمن ينهي فيه القيود المتبقية على العراق في إطار قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة بنزع السلاح ، لا سيما القرارين (687)و(707)لسنة 1991 وفعلاً أرسل المديرالعام للوكالة في 11/3/2010 ، الرسالة المطلوبة أشاد فيها بالتعاون الممتاز الذي يبديه العراق مع الوكالة فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق الضمانات والبرتوكول الإضافي .
3- تجفيف مواردالانموقيك عن طريق رسائل يبعثها وزير الخارجية إلى الأمين العام للأمم المتحدة يطلب فيها تحويل جزء من رصيدها إلى صندوق تنمية العراق أو تسديد اشتراكات العراق في المنظمات الدولية أو تغطية نفقات شراء مباني للعراق وغيرها من الالتزامات المالية الدولية.
حققت الدبلوماسية العراقية في هذا التحرك شيئين مهمين: الأول عودة العراق إلى المنظمات الدولية واستعادة حقوقه الكاملة في التصويت والترشيح لهيئاتها والثانية استنزاف موارد الانموقيك بهدف شل قدراتها، وعدم استغلال موارد العراق في قضايا لا علاقة لها بالولاية المناطة بها.
4- فضح تصرفات الانموفيك التي تتجاوز الولاية المناطة بها عن طريق متابعة الأنشطة التي تقوم بها وتشير إلى ما هو خارج إطار ولايتها وتضمنيه في بيانات العراق أمام مجلس الأمن وفي الإعلام الدولي.