نحو عراق جديد سبعون عاماً من البناء والإعمار

هشام المدفعي
اعتادت الصباح الجديد ، انطلاقاً من مبادئ أخلاقيات المهنة أن تولي اهتماماً كبيرًا لرموز العراق ورواده في مجالات المعرفة والفكر والإبداع ، وممن أسهم في إغناء مسيرة العراق من خلال المنجز الوطني الذي ترك بصماته عبر سفر التاريخ ، لتكون شاهداً على حجم العطاء الثري والانتمائية العراقية .
واستعرضنا في أعداد سابقة العديد من الكتب والمذكرات التي تناولت شتى صنوف المعرفة والتخصص وفي مجالات متنوعة ، بهدف أن نسهم في إيصال ما تحمله من أفكار ورؤى ، نعتقد أن فيها الكثير مما يمكن أن يحقق إضافات في إغناء المسيرة الإنمائية للتجربة العراقية الجديدة .
وبناءً على ذلك تبدأ الصباح الجديد بنشر فصول من كتاب المهندس المعماري الرائد هشام المدفعي ، تقديرًا واعتزازًا بهذا الجهد التوثيقي والعلمي في مجال الفن المعماري ، والذي شكل إضافة مهمة في مجال الهندسة العمرانية والبنائية وما يحيط بهما في تأريخ العراق .
الكتاب يقع في (670) صفحة من القطع الكبير، صدر حديثاً عن مطابع دار الأديب في عمان-الأردن، وموثق بعشرات الصور التأريخية.
الحلقة 42
سنوات الحصار المدمرة و بغداد بين 1992 – 2003
جانب آخر من حياتنا الاجتماعية ، توقف الاعمال الاستشارية ، دروس الرسم ، الفنانة وداد الاورفلي ، الفنان الكبير الأستاذ سلمان شكر ، عازفة البيانو أكنس فكري بشير ، منتدى أمل الخضيري ،مجموعة الصليخ ، هوايتي بالآثار ، بلاطو القرية الاسلامية ، زواجي الثاني ، تجربة عمان في التفتيش عن العمل ، مجتمع عمان، من عمان الى بغداد ، العمل الاستشاري مع الشركات الروسية ، مع الشركات الصينية ، زيارة الوركاء ، السد الغاطس ، زيارة دير مار متي ، زيارة دير ربان هرمزد ، بيتي ومنتجعي ، مزرعتي في بغداد ، جولات اثارية خلال فترة الحصار ، محمود شكري الالولسي ، نقل واغمار منارة عنه ، سفرة إيطاليا ، وصول لندن والحياه في لندن ، حصار الامم المتحدة , النسيج الاجتماعي خلال التسعينيات

حياتنا الاجتماعية
بانتهاء الحرب العالمية الثانية وبعد عدد من العقود ، كون المثقفون في بغداد فئة غير قليلة من الطبقة الوسطى ، وظهرت في مجتمع بغداد تجمعات الادباء والشعراء والفنانين والرسامين والموسيقيين والمهنيين وهؤلاء الذين صنعوا الحياة في بغداد .
كما ظهر صغار التجار والمهندسون والاطباء والمحامون لإدامة الحياة .
وبدأت الطبقة الوسطى تقود المجمتع . كما ظهرت الاحزاب السياسية بعد الحرب العالمية الثانية وملأت الصحف السياسية والادبية والمتخصصة مكتبات بغداد ، وانتشرت من جانب آخر النشاطات السياسية في البلد ، ومن ناحية اخرى بدأت نشاطات مقاومة الحكومة والتطرفات السياسية . فعلى مرحلة أربعة عقود من الزمن وحتى سبعينيات القرن العشرين نشطت الطبقة الوسطى وحققت العديد من الانتاجات . تكونت اتحادات الادباء والشعراء والحركات الفنية والنقابات والمسارح وقاعات التمثيل وقاعات الفنون التشكيلية .
ومن كل هذا ، وعن طريق الصحافة والكتاب كانت الحياة الاجتماعية بما فيها من لقاءات فردية او عامة تحمل أفكاراً غنية تمثل مختلف جوانب المعرفة والتطور الفكري في العراق . عشنا تلك الايام ونعيش بقاياها هذه الايام .
وكنتيجة للتحول السياسي في العراق بدءاً من ثورة 14 تموز 1958 والانقلابات السياسية حتى وصول حزب البعث العربي الاشتراكي الى السلطة في (8) شباط 1963 …. الذي اطلق عليه (يوم القيامة) وبعد ذلك انقلاب البعث سنة 1968 ، بدأت موجات هجرة المثقفين الى خارج العراق.
وان تقلصت مجتمعاتنا وهاجر الكثير من الاصدقاء والاقارب ، وهاجر قبلهم اولادنا ، طلباً للعمل والعلم بسبب الظروف الاقتصادية كنتيجة للحروب التي مر بها حزب البعث في العراق ، أقول ان ما تبقى من جيلنا في بغداد وبكل ما تحمله من امكانات فكرية وفنية وفّر لنا حلقات فكرية وثقافية نعقدها بيننا استطعنا ان نستغلها لتمضية الزمن انتظاراً لما يحدث مستقبلاً .
وبالنسبة لي ، كانت هواياتي هي زيارة المواقع الآثارية والمدن القديمة وما تضمه من معالم دينية وحضرية ، وقد انشغلت بهذه الهواية خلال سنوات الحصار بعد حرب الكويت ، فضلاً عن التردد على ما تبقى من منتديات البحث والفكر والفن والموسيقى.
توقف لاعمال الاستشارية بسب الحصار والتضخم النقدي
الحياه مملة وغير اعتيادية بلا عمل . وما ان انتهت الحرب الايرانية رسميا بتأريخ 8/8/1988 وانتهت فرحة الشعب بالنصر في هذه الحرب التي أنجزنا خلالها الكثير من المشاريع ومنها مشاريع إعمار بغداد ، حتى عم الركود الاقتصادي وبدأ التقشف بالتخصيصات والصرف من قبل الدولة وتحددت جدا المشاريع الجديدة وانحسرت الاعمال الاستشارية الضرورية عن القطاع الخاص لتكون محصورة بيد القطاع العام ومنها المركز القومي للإعمال الاستشارية في وزارة الاسكان والمراكز التصميمية المشابهة في الوزارات فقط .
توقفت اعمالنا في المكتب بعد تسليم مشروع 300 الى ديوان الرئاسة لعدم اقدامنا على مشروع آخر في ظروف تلك الفترة . إلا أننا كنا لانزال تحت صدمة انتهاء الحرب العراقية الايرانية وكان المجتمع ينتظر بأجمعه عودة الجيوش والمقاتلين من الجبهات الى قواعدها وعودة الحياة الى طبيعتها.
بدأت التحضيرات لعقد مؤتمر قمة رؤساء الدول العربية في بغداد في 1990 ، إلا اننا في تلك الفترة من الزمن قررنا مع أخي قحطان وفي خلال فترة انعقاد المؤتمر ، أن نسافر مع بناتنا «ابنتي غادة» وابنة قحطان « لينيا « الى شمال العراق في جولة للاطلاع على كردستان العراق ومتابعة سجلات ارض تعود الى والدي في قرية « أرادن» واخرى تعود الى قحطان في مدينة «شقلاوة» . بقينا في كردستان العراق لعدد من الأيام وتمتعنا بأيام وأجواء الربيع الجميلة . لم نفلح في العثور على سجل واضح في طابو قضاء العمادية للأرض التي جئنا من أجلها في أرادن لكن نصحونا بان نلتقي بكبار سكان القرى وشيوخها اذ انهم قد يتذكرون تلك الملكيات . وعند عودتنا لزيارة تلك القرى الواقعة على سفوح جبل (أرادن) المقابل لفندق سرسنك ، وجدنا تلك القرى قد اخليت ودمرت ومنها «أرادن» واصبحت عبارة عن اكوام من الحجر ، حيث قد تم الأمر بهدمها أو نسفها من قبل السلطات العسكرية اسوة بكل القرى التي تقع ضمن 30 كم من الحدود العراقية الايرانية ، تامينا للقرى هذه من قذائف المدفعية الايرانية خارج الحدود . لم تكن تلك المناظر مريحة لبناتنا فحبذنا العودة والخروج من هذه المنطقة وترك موضوع الأرض.
وحسب المعلومات التي حصلنا عليها من الاذاعة العراقية ان الرئيس صدام حسين في تلك الأيام قد اصطحب الشيخ زايد بن نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة ، في جولة بالهيلوكوبتر لزيارة سد الموصل من الجو وبعدئذ اصطحاب شيخ زايد في زيارة لقصور صدام المشيدة في «اينشكي» وهو المنتجع الذي شيده صدام ليكون منتجعا خاصا له في جبال كردستان. اعجب الشيخ زايد وهو يشاهد من الجو ، سعة الأراضي المنتجة للحبوب في شمال العراق وبالمناطق الجبلية الخضراء في شمال العراق .
بدأ الوضع الاقتصادي في العراق بالتدهور بسرعة وبدأت العملة العراقية بالتدهور بسرعة والتضخم النقدي يزداد يوميا وانحسرت الأعمال الهندسية أكثر من الاول ، وبدأ بعض الزملاء المهندسين يتجهون الى مهن اخرى لضمان العيش. أجابني صديقي المهندس «سواريوس» عند سؤالي له ، وهو المهندس الكفء الذي عمل معي في ستينات القرن العشرين على قرية «العبارة» في ديالى ، بأنة اتجه الى بيع الأقمشة عوضا عن التفرغ للأعمال الهندسية .

دروس الرسم مع الفنان ابراهيم العبدلي و بانتظار الحرب 1991
للاستفادة من أوقات فراغنا في فترة الحصار ، اقترحت الخزافة نهى الراضي أن نبدأ بدروس رسم في اول السنة يدرسنا فيها الاستاذ ابراهيم العبدلي ما يفيدنا من مبادئ الرسم واستعمال الألوان. اشتركت في هذه الدروس الاسبوعية التي تعقد على الأكثر في ستوديو نهى الراضي وبستانها المحيطة به وأحيانا تعقد جلساتنا في بيوتاتنا كتغيير عن رتابة استعمال الموقع.
من المشتركين في هذه الدروس نهى الراضي وسهى البكري وسهى الطريحي وبشرى زوجة المهندس سعدي قطان و سنا عطا عبد الوهاب ، التحق بالمحاضرات هذه معنا أحيانا اصدقاء آخرين مثل السيدة اللبنانية ريتا ابراهيم التميمي و» بكي « زوجة ناجي عبد القادر وأمل الخضيري…. كان الاستاذ ابراهيم يوجهنا حول المبادئ والاساليب , واستعمال الفرشاة والألوان .
وكانت الحوارات بيننا مفيدة وممتعة, تدور أما حول نقد وتعليقات الاستاذ ابراهيم حول رسوماتنا أو حول الفنانين العراقيين وبحث المشهورين من الفنانين العالميين واساليب الرسم بالإضافة الى سماعنا لما يدور في المجتمع من أحاديث … استمرت هذه المحاضرات التي تمتعنا بها كثيرا الى آخر سنة 1991 ورسمنا خلالها بعض اللوحات الزيتية بمختلف مستوياتها لمواضيع مختلفة على بساطتها . توطدت أواصر الصداقة بيننا إلا أن السياسة العالمية قد تبلورت وأصبح الهجوم العسكري على العراق شبه حتمي للتخلص من حكم البعث و صدام حسين . ودعنا في اليوم الأخير من سنة 1991 بعضنا الآخر ولا نعرف تماما ما سيحدث في العراق من حرب أو هجوم أوانقلاب عسكري.

الفنانة الكبيرة وداد الاورفلي وقاعة الاورفلي – مركز فكر وفن
وداد الاورفلي , رسامة فنانة متعددة المواهب , ترسم بامتياز وتعزف على العود وتعزف على البيانو وتنظم الشعر احياناً وكل ما يدور حولها او من قبلها له علاقة بالفن واشكاله في تسعينات القرن العشرين في بغداد ،
كونت قاعة وداد الاورفلي في المنصور – بغداد مركزا فنيا وثقافيا واجتماعيا مهما للنشاطات الفنية والثقافية في الفترات قبل وبعد الحصار . كانت قاعة وداد الملتقى
الرئيس الذي يلتقي فيه الفنانون لتبادل الآراء والأفكار واخبار الفن وحتى اللقاءات الاجتماعية. وفرت وداد في فضاءات قاعتها الواسعة العديد من المرافق التي يرتاح اليها وفيها الفنانون والمثقفون ومتذوقو الفن أو تجار الفنون ، ولذا اصبحت هذه القاعة محط أنظار شرائح المثقفين من بغداد وانحاء العراق وحيث يلقى كل من يحضر أو يزور مجمع كلري وداد ، يلقى الترحاب والتكريم من الفنانة بصورة مستمرة . حتى وان لم تكن هناك مناسبة محددة لنشاط معين ، كنا نلتقي واذا بوداد تعزف أحيانا على العود أو على البيانو في أحيان أخرى ، مسلية نفسها أو لتسلية زوارها الآخرين . حاولت وداد الاورفلي التي قضت طيلة حياتها متفرغة ومتفانية هي وعائلتها ومدعومة من زوجها الاستاذ حميد. اقول حاولت عرض فنون التشكيليين من مختلف أنحاء العراق بالطريقة والشكل الذي يتفهمه المتلقون او زوار المعرض. عبقت روح وداد الاورفلي على جميع نشاطات كالري وداد وما تفرع منه من اقسام .
احتوت قاعة الاورفلي على العديد من اللوحات الفنية للفنانين العراقيين على اختلاف مدارسهم الفنية . من اللوحات ما اعتبرت من المصادر الرئيسية في بغداد لتغذية من يسعى للحصول على الأعمال الفنية للفنانين العراقيين بشكل مهني ومحترم . كونت قاعة الاورفلي لنفسها والى جانبها مركزا فنيا مهما في بغداد . فهناك «كلري ومشغل» الفنان الكبير رافع الناصري حيث يجد المتلقي نفسه في فكر فني ومدرسة فنية تختلف عن ما يجده عادة في معروضات وداد الاورفلي ، كما تجد ضمن مركز وداد الاورفلي او جواره غرف متخصصة لتدريس الرسم والعزف على العود ولإعطاء محاضرات وتدريبات عملية حول الاتيكيت واللياقة وسبل التصرف الصحيح في قواعد استقبال الاصدقاء والآخرين واللياقة في الكلام واتكيت المخاطبة واتكيت الأكل والتصرف على المائدة.
تعلن قاعة الاورفلي بين فترة واخرى عن حدوث مناسبة لتعرض فيها الأعمال الفنية لفنان معين , واذا بقاعة الاورفلي تعقد مهرجانا لاستقبال العديد من الزوار واصدقاء القاعة في الفن واصدقاء الفنان، فالساحات وحدائق المركز تحتفل باستقبال ضيوفها ، منارة بمختلف الأضوية واللافتات الفنية وعناصر الاثارة كما يجلب انتباهك بائع اللبلبي وبائع الشلغم والقهوجي يتجول بين الزوار والشاي يوزع على الحضور الجالسين أحيانا على المقاعد المخصصة في الحدائق والساحات، كل ذلك لخلق جو من الألفة بين الحضور والاصدقاء وتجاذب أطراف الحديث حول نوعية ومستوى ومفاهيم الفنون المعروضة داخل قاعات الاورفلي العديدة . أقول حقا لقد أدت قاعات وداد الاورفلي واجبها في الحركة الفنية في بغداد والعراق على مدى سنين عديدة في تلك الحقبات من الزمن . الف الف شكر لكل الجهود المبذولة من قبل من خلق لأجل الفن . تركت الفنانة وداد بغداد لاسباب امنية وبعد ان تمت المحاولة على الاستحواذ على الكلري بعد دخول القوات الامريكية في 2003 .
تطورت كثيرا صداقتي و علاقتي في منتصف تسعينات القرن العشرين مع الاستاذ الفنان عازف العود المشهور «سلمان شكر», ذلك الفنان البارز والأحسن في العراق ممن عزف القطع الموسيقية الكلاسيكية على العود واقصد بالكلاسيكية هي المعزوفات المهمة التي كانت تعزف من قبل الموسيقيين الكبار خلال الحقبة العباسية وخلفائها ونزولاً الى الحقبات العثمانية . وأصبحت لقاءاتنا اسبوعية أو كلما رغب سلمان وتوفر الوقت لدي . سلمان شكر وهو الأبرز من اربعة في فنون العزف عل العود ( جميل بشير وسلمان شكر ومنير بشير و غانم حداد) درسوا على يد استاذهم الكبير عازف العود الشريف محيي الدين حيدر . سلمان شكر الذي بعد تخرجه من بغداد ،درس العزف الكلاسيكي على العود في جامعة «درم» البريطانية وعزف على العود في مختلف القاعات الكبيرة في دول العالم .
سلمان شكر لم يعزف أبدا نوتات الأغاني التي يتداولها المجتمع في افراحهم واجتماعاتهم مع المغنين والمطربين. كنا أحيانا نلتقي وحدنا لنجلس في الحديقة بهدوء وتهيئ لنا بشرى (مديرة منزلي) ما يتوفر عندها من الطعام والمزات بأنواعها. نتحدث قليلا فيما يحدث في عالمنا في بغداد والعراق ويتفرغ سلمان لعزف ما يحلو له من قطع موسيقية كلاسيكية على العود ويذكر انها عزفت في القرن كذا من الزمن من قبل فلان والى فلان . لم يكن سلمان شكر من العازفين الاعتياديين ، بل كان بنظري الوحيد الذي يعزف القطع الموسيقية الكلاسيكية كما عزفها «الأرموي» أو كما عزفت في قصور الخلفاء بتواريخ معينه ويشرح مكونات القطعة الموسيقية وظروف عزفها وأبيات الشعر المصاحب
لها وكما يشرح بأنها عزفت تلك القطعة بحضور فلان أو فلان أو كما عزفتها الجارية فلانة الى الخليفة كذا . يحضر معنا أحيانا العديد من الاصدقاء والمعارف والمعجبين بفن العزف على العود للاستماع الى عزف الاستاذ سلمان والتمتع بذلك. تخلل لقاءاتنا العديد من القراءات الشعرية في أبيات قالها الشاعر عمر الخيام واحمد شوقي أو قيلت في مناسبة كذا. تكلم سلمان شكر اللغة الفارسية والتركية بالإضافة الى الرصيد الكبير الذي يحفظه من الشعر العربي القديم وما غنى منه وما يحفظه من قصائد لعمر الخيام والشعراء الآخرين . أسمعني سلمان قطعة جميلة على العود وعلق بأن هذه القطعة ألفها بشكل خاص الى أختي ميادة التي يعتز بها وبزوجها المرحوم سعد شاكر .أمكنني تسجيل العديد من الأشرطة لعزف الاستاذ سلمان شكر والتي احتوت على الكثير من اللقاءات وما تخللها من أحاديث مع أصدقائنا المتميزين وبعض الصحفيين العرب أو الأجانب الذين زاروا العراق .
اشتقت ومعي الاستاذ سالم الآلوسي والاستاذ سلمان شكر الى سماع مقامات حسين الأعظمي و اتصلت بالأستاذ حسين ولبى الدعوة مشكورا . حضر مطرب المقام المشهور الاستاذ حسين الأعظمي ويصحبه عازف العود علي الامام الذي درس العود على يد سلمان شكر وعازف الطبلة المعروف سامي عبد الأحد . ونحن نشترك بالاحاديث والمشروبات بيننا ، قرأ لنا سلمان العديد من أشعار عمر الخيام وأحاديث جلسات الطرب لدى العباسيين … روى لنا الاستاذ سالم الالوسي العديد من أشعار العراقي الكبير ملا عبود الكرخي … أنعشنا كثيرا الاستاذ سالم بغزارة ما يحفظه لعبود الكرخي من طرائف الشعر ونوادره. وعدنا الى حسين الأعظمي ليسمعنا ما يطيب له من المقام وفنون قراءاته ، التفت وطلب من علي الأمام أن يباشر بعزف بعض المقدمات على العود …… الا أن علي الامام ( وهو من المتميزين جداً في العزف على آلة العود في العراق بعد سلمان شكر) رفض المباشرة بالعزف أمام استاذه سلمان ما لم يسمح سلمان بالعزف …… يا لها من نظرة احترام واعلاء لمقام الاستاذ لدى طالبه . شكرنا علي الامام على هذه الروحية العلمية المتميزة وسمح سلمان له بالعزف واستمرت سهرتنا في سماع فن المقام العراقي من حسين الأعظمي ويرافقه من شروحات الاستاذ سالم الآلوسي. حقا كانت امسية بغدادية جميلة بين الأصدقاء سمعنا فيها من الشعر والمقام والأغاني ما تهواه النفس.
يالها من امسيات نقضيها في الطرب والفكر والادب بين فترة وأخرى بعيدين عن السياسة وتشنجاتها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة