الملفات الحساسة محظورة:
نارين رستم
يبدو أن كردستان ليست مكانا آمنا لأية فئة او طبقة هذه الأيام اذ يقول عدد من المحامين انهم يخشون تناول الملفات الحساسة لأنها ستعرض حياتهم للخطر.
تعرض منزل المحامي عمر توفيق في محلة بختياري في مدينة السليمانية في وقت متأخر من ليلة نهاية العام الماضي لوابل من الرصاص، لم يتم العثور على الجناة الا ان عمر شكك مباشرة في اشخاص محددين كانوا قد هددوه في السابق.
عمر هو احد المحامين في قضية معقدة في المحكمة وهي مستمرة منذ عام 2012 ولم تنته حتى الآن ما دفعه لتوجيه اصابع الاتهام مباشرة الى المتورطين في القضية.
خيوط قضية معقدة في محافظة السليمانية في عام 2012 وكانت تتعلق بالأراضي والفساد والحديث يدور عن تورط مسؤولين كبار فيها، ما ادى الى احتجاز زانا حمه صالح قائمقام مركز السليمانية – اعلى سلطة بعد المحافظ – في معتقل الآسايش (الامن)، وفي شهر نيسان (ابريل) من العام نفسه فارق القائم مقام الحياة في معتقل الآسايش بشكل غامض فيما قالت السلطات الامنية انه انتحر الا ان اقاربه لم يصدقوا الرواية.
وكان عمر احد المحامين في تلك القضية المعقدة، ومع انه لم يتمكن من إحداث تغيير كبير فيها الا ان حياته معرضة للخطر منذ ذلك الحين كما يقول وان اطلاق النار على منزله مؤخرا كان على خلفية القضية.
وقال عمر توفيق: “عندما دخلت القضية تعرضت للتهديد مباشرة وان لم اتمكن من فعل شيء لان القضية قد اخرجت عن مسارها القانوني واصبحت مسألة سياسية وادارية واخفيت الحقائق”.
ومن الصحيح ان القضية لم تحسم نهائيا بعد، الا ان الغموض حولها مايزال قائما الى اليوم وهناك حديث عن تورط العديد من المسؤولين فيها لذلك لا يتعرض لها الإعلام والمحامون والاطراف الاخرى كثيرا.
العديد من القضايا الكبيرة يجري حسمها خارج المحاكم بطرق سياسية وعشائرية، الا ان بعض القضايا التي يوكل حسمها الى المحاكم تتعرض الاطراف مرة اخرى في بعضها الى ضغوطات من اجل الذهاب بها في اتجاه معين، وفي بعض المرات يكون الضحايا من المحامين الذين يدافعون عن احد طرفي القضية.
وقد لا يكون موضوع تهديد المحامين والاعتداء عليهم امرا جديدا، الا ان الغريب في الامر هو تكرار الحالة خلال الفترة الماضية وبأساليب مختلفة.
واشار آسو هاشم وهو محامٍ معروف في مدينة اربيل الى انه كان يدافع في احدى القضايا امام المحكمة إلا ان مسؤولا عسكريا تدخل في الامر وبالتالي تعرضت حياته للخطر.
ونشر آسو هاشم في شهر آب (اغسطس) من العام الماضي انه اختطف في مدينة شقلاوة – شمال شرق اربيل – من قبل مسلحين واخذوا منه عنوة شيكا مصرفيا قبل ان يطلقوا سراحه.
وقال آسو بشأن ذلك: “اصبحت محاميا لتاجر ملابس تعرض للإفلاس بسب عمله، وكان يملك شيكا بمبلغ )16) مليون دينار كان علي ان اتسلمه له وقد اختطفني المسلحون امام المصرف وكانوا يريدون معرفة مكان التاجر مني، وقد اخذوا مني الشيك في نهاية المطاف”.
آسو قدم شكوى لدى الشرطة الا انه سحبها فيما بعد، وحول السبب وراء ذلك قال: “اعلم ان المحاكم لا يمكنها فعل شيء ضد الاشخاص المتنفذين واذا استمررت في الامر لتعرضت حياتي لخطر حقيقي”.
واضاف: “تكمن المشكلة في كردستان في انك حين تصبح محاميا في قضية ما ضد الفساد فان السلطات تنظر اليك بعين العدو”.
العديد من المحامين تحدثوا العام الماضي عن تعرضهم لتهديدات بسبب عملهم الا ان بعضا منهم فقط كشف عنها.
ويشير احصاء لنقابة محامي كردستان التي تملك اكثر من تسعة آلاف عضو الى تعرض سبعة محامين لتهديدات في مناطق مختلفة خلال العام الماضي فقط.
وقال بختيار حيدر نقيب المحامين لـ”نقاش”: “معظم التهديدات التي تعرض لها المحامون كانت عبر الرسائل القصيرة والاتصالات الهاتفية”.
ما قامت به النقابة حتى الان كما يقول بختيار حيدر هو تواجد ممثليها في المحاكم والدفاع عن المحامي او اصدار بيانات عن الموضوع وقد لا تبعد هذه الامور الخطر عن حياة المحامي كليا.
المحامي يونس راوي هو احد المحامين الآخرين الذين تعرضوا لخطر التصفية اكثر من مرة بسبب عملهم كما يقول.
واشار يونس الى انه تعرض للتهديد بسبب تسلمه قضايا في المحكمة ويضيف: “يتعرض معظم المحامين للتهديد بسبب خشية السلطات والطرف المتهم من امكانياتهم”.
ربما لا تبدو حالات تهديد المحامين امرا غريبا، الا انها تعامل لدى الشرطة مثل القضايا العادية الاخرى وتتخذ بحقها الاجراءات القانونية نفسها.
وكشف هوكر عزيز المتحدث باسم شرطة اربيل ان عددا من المحامين قدموا شكاوى بسبب تعرضهم للتهديد، الا انه قال لـ”نقاش”: “اذا تعرض اي شخص للتهديد نحن سنتخذ الإجراءات القانونية مهما كان منصب الشخص المهدَد او المهدِد”.
التهديد والوعيد في كردستان ليس جديدا، ولكن الامر سيكون اصعب عندما يأتي الدور على المحامين فالمواطنون ينتظرون من المحاكم والمحامين مساعدتهم عند تعرضهم للتهديد، فماذا اذا تعرض المحامون انفسهم للتهديد؟
*عن موقع نقاش