عبد الغفار العطوي
يشير مصطلح ( الرجل الجديد new man) الى الرجال الذين تأثر اسلوب حياتهم بالنسوية و الذين يمنحون الايديولوجية النسوية تأييداً ضمنيا في الاقل في التصدي للأنماط التقليدية للسلوكيات المنسوية للرجل (2) على هذا الاساس بنت الشاعرة العراقية حذام يوسف طاهر صور التعامل مع الرجل تقريباً ، بما يقربها من مضمون المصطلح الذي اطلقته النسوية في معترك صراعها ضد القمع الذكوري للرجل ، بما يعد في الغرب تطرفاً من قطاع واسع من الرجال ، و غياً و خروجا غير مألوف بالنسبة للرجال هنا في شرقنا الذكوري الابوي ، لكن الشاعرة هنا تضع تصورها لملامح الرجل الجديد على وفق التالي:
1- العتبة او العتبتان اللتان وضعتهما يمكنهما استنطاق الغيرية التي نستشف من خلالها بعض ملامح الرجل الجديد او الشاكلة التي ترتضيها له ، الاب الاجمل روحاً مع الشكر و الامتنان و الاعتذار ، لأن غيريته ستكون ذات إلماحات تعاونية تزاوجية بحضور ( الام) التي تضفي على ابوية الاب صورة ( التدجين )بما يعطي لحضور الام الفعل الاطفائي لحرائق الابوية ، من هنا الشاعرة حذام تؤكد على لون و شاكلة الرجل الجديد التعاوني المؤآزر و إن كان أبوياً لعلائق الانثى و رغبتها في تدجين الابوية ، و مصداق قولها ( الى روح الوالد الكريم و المناضل يوسف طاهر ) النص الذي تشكل به ملامح الرجل الجديد التي تريده
هل لي بروح مثل روحك ؟
يا سيد الكرماء
يا طاهر الروح
و طاهر اسمك
هل لي بلحظة ، هي حلمي
أبوح فيها ما تأخر من حروفي
و تبدو صورة الابوية الصامتة( الاب الراحل ) فاعلة في وعي الشاعرة الجمعي اللاشعوري عبر بنيات لاشعورية مهيمنة ترسم للمرأة الانثى في عالمنا الشرقي صورة الرجل كانبعاث لفاعلية الاب ، كرمه من كرم الاب و فروسيته كفروسيته ، بيد إن العالم تغير و بدت تلك اليقينيات تضمحل و تتوارى في حقبة ما بعد الحداثة التي نعيش هزاتها البعيدة ، من هنا تبرز المرأة الانثى في نصوص ( الحب و أشياؤه الاخرى) صورة ميثولوجية أشبه بشخصيتي ( أنتيجونا) و | أو ( أوفيليا) على وفق تطابق ملامح الرجل الجديد و فاعلية الابوية الصامتة من خلال الانتقام الرمزي او الجنون الرمزي الانتجوني و الاوفيلي
2- البداية الاستسلام للواعج الحب في اتعامل مع الرجل في ترسيم خطى السير على وفق العلاقة التي تبنيها المرأة في رؤية الشاعرة ( و هي تتقمص شكل الانثى بحرفية عالية) كما في ( الحب و اشياؤه الاخرى ص 13)
أعلم إنك غادرت
فمنذ الف وهم
و انت ليس هنا
تشكل حروفاً من اللامعنى
ياااااااااأنت
ستبحث عني
و لن تجدني
ستكتب عني كثيراً
و لن تقرأني
و هي بداية تضع التالي من النصوص على وفق الانتقام الجنوني في فشل ( الرجل الجديد ) الذي بشرت به النسوية في غربة الابوية الصامتة التي تبدأ ياجترار ال(ذكريات ص15)
تذكرت و هي تهز ذكرياتها
انها تركت باب النسيان مفتوحاً
تنحت الاحرف جانباً
لتطلق صوت النحيب
فلا تسمع صداه
تذكرت عندما زرع قبلة بيديها
و تظهر الشاعرة نحيب اوفيليا على ابيها المقتول رمزياً بيد هاملتها ( الرجل الجديد) في ( لم يحن الوقت بعد ص 16)
الى أي درب تدير وجهك ؟
كم انتظرت ايها المعذب روحاً
كثيرون وصفوك نبياً للمحبة
نبي الطفولة
هل كنت تعلم يوم رحيلك ؟
هل كننت تخطط لرزم احلامك)
ولأن فشل الرجل الجديد في ان يحل محل أبويتها و هي تشعر بالانتقال الجسدي بينهما تدفع بال(لوم ص18 ) كتعويض ( أنتيجونا) للثأر الرمزي
أشعر بالأسف
عندما اتذكر
ان جسدي اشتاقك كثيراً
و يداي سعتا إليك
لكن صوتا بداخلي
سحبني الى الخلف
و تتوزع أنثى الشاعرة بين جنون ( أوفيليا) و انتقام ( أنتيجونا) في محور طيف ( هاملت ) و هي تغرق (بسم الحب ص 21) وصمت ( بينلوبي) في (عناد ص 23)
يا الله
ما بال خطواتي !
و انا اركض
مابالي باسمي اتعثر ؟
خطواتي تتعثر اكثر
و اميل على ظلي الاسمر
÷ ÷ ÷ ÷
اتنقل في زوايا ذاكرتي
ذاكرتي التي تعاندني
فتصرخ في وجهي بصورتك
وتدور حولي
لتمنعني
لكن ملامح الرجل الجديد نجدها في (لقاء27)
في لحظة
انتظرناها طويلا
حلم كان اللقاء
لحظة
لم تكن أكثر
ومن دون مقدمات
أفرغ عطره
في (وداع ص 28) متوقع فالفارق واضح بين الاب والفارس
الشارع اخرس
والضوء اخرس
وحدها السيارات تزعق في الفضاء
النخل اخرس!
كل شيء يحيط به الذهول
حتى الاشجار توقفت عن الرقص
لأن طيف الحب في عالم الرجل الجديد مخيب للابوية التي تود النهوض من جديد كأبوية ثانية ي (لغز ص 31)
كل يحاول الوصول
كل يحلم بالقبلة الاولى
كلما سجدنا لمحراب الحب
و سبحنا بآياته
لكننا لم ندرك
معنى ان الله محبة
(1) الحب و اشياؤه الاخرى حذام يوسف طاهر الطبعة الاولى 2015 دار سطور بغداد
(2) الجسد بين الحداثة و ما بعد الحداثة د سامية قدري