الأقوياء يدفعون المال والأسواق إلى الانتعاش
بغداد ـ الصباح الجديد:
اتسمت سنة 2017 بأنها سنة خسائر وكوارث، وسنة انتعاش في الوقت ذاته، وفيما بلغ حجم الدين العالمي 63 تريليون دولار، حققت الصين تطورا إيجابيا انعكس على الأسواق العالمية..هنا مراجعة لمجريات الاقتصاد العالمي لهذه السنة .
ارتفاع التوقعات
أكد صندوق النقد الدولي إن الاقتصاد العالمي تعافى بوتيرة أسرع في 2017.
وراجع الصندوق في أحدث تقرير له بشأن الاقتصاد العالمي توقعاته السابقة، ورأى أن الاقتصاد حقق نموا أقوى قليلا من السابق.. بواقع 3.6% في 2017، وتوقع نمواً يبلغ 3.7% في عام 2018.
وقال التقرير إن الاقتصاد العالمي يمر «بمرحلة صعود دوري إيجابية بعد نمو مُحبط خلال السنوات القليلة الماضية».
وارتفعت توقعات النمو للعديد من البلدان، وجاءت أكبر تغييرات في توقعات هذا العام لكندا وروسيا (وهو ما يعود جزئيا إلى استقرار أسعار النفط) والبرازيل حيث لا تزال الأرقام ضعيفة إلى حد ما لكن النمو شهد تحسنا في مقابل الانكماش الحاد خلال العامين الماضيين.
الى ذلك، أشار تقرير دولي الى أنه «مع دخول الربع الرابع من 2017، شهدنا خلفية إيجابية عند النظر إلى المعنويات الاقتصادية العالمية الإجمالية، إذ تجدر بنا ملاحظة الارتفاع الأخير في مؤشرات النمو العالمي المفاجئ بدفع من استقرار اقتصادات كبرى».
وفي حين كانت الصورة الإجمالية لمؤشرات النمو خلال عام 2017 مخيبة للآمال، مثّل الربع الأخير مفاجأة إيجابية، لنشهد تطورات الأصول ذات المخاطر العالية والأسهم والسندات ذات العوائد المرتفعة.
البنك الدولي..
تحسّن الأداء العالمي
كشف البنك الدولي فى تقرير حصاد 2017، تحسّن الاقتصاد العالمي، موضحا أن هناك الكثير من الأحداث والاتجاهات المزعجة والمثيرة للقلق، حيث أدت العواصف الشديدة والفيضانات العاتية إلى تدمير مساحات واسعة وسبل العيش من جنوب آسيا إلى البحر الكاريبي.
واحتاج نحو 83 مليون شخص فى أكثر من 45 بلدا مساعدات غذائية طارئة فى 2017، أي بزيادة 60% عن العدد الذي شهده عام 2015. ويوجد فى اليمن أكبر عدد من السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فهناك 17 مليون يمني ليس لديهم ما يكفي من الطعام، وأكثر من ثلاثة ملايين طفل وحامل ومرضع يعانون من سوء التغذية الحاد.
كما أكد رؤساء الدول وغيرهم من القادة على تعهداتهم بمكافحة تغير المناخ فى قمة كوكب واحد في باريس في الذكرى السنوية الثانية لاتفاق باريس. وجاءت دعوتهم إلى اتخاذ إجراءات ملموسة مع وصول تركيزات ثاني أكسيد الكربون في غازات الدفيئة أعلى مستوى لها خلال 800 ألف عام.
وأشر تقرير البنك الدولي الأعاصير المدمرة والأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التاريخية التي أدت إلى سقوط قتلى وتدمير ممتلكات فى منطقة البحر الكاريبي وجنوب آسيا والولايات المتحدة. وفي سيراليون وكولومبيا، قُتل المئات فى انهيارات طينية بعد هطول أمطار غزيرة. وزاد عدد الكوارث الطبيعية إلى نحو 4 أضعافها (حين يقتل أكثر من 10 أشخاص أو يتأثر أكثر من 100 شخص) اليوم عما كانت عليه في الستينات. هذا ما أربك اقتصادات دول متأثرة وصعّد في المقابل شركات من افلاسها.
وأكد التقرير الدولي، أن الوظائف تعد طريقا للخروج من الفقر، إلا أن 60% من الشباب فى الفئة العمرية 15-24 عاما حول العالم عاطلون عن العمل. وفي جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء، ارتفع عدد الشباب في هذه الفئة العمرية باطراد ليصل إلى 525 مليون شاب عام 2015، أي أن ما يقرب من نصف سكان العالم من الشباب.
خسائر الكوارث.. 306 مليارات دولار
تسببت الكوارث التي وقعت خلال عام 2017 في أنحاء العالم في خسائر بلغت 306 مليارات دولار.
ويعكس هذا الرقم ارتفاعا بنسبة 63 في المئة مقارنة بتكلفة الكوارث العام الماضي، وهو ما يزيد كثيرا عن المعدل خلال العقد الأخير.
وتكبدت الأميركتان خسائر بالغة بعدما تعرضت لعدة أعاصير في منطقة الكاريبي والمناطق الشمالية للولايات المتحدة ووقوع زلازل في المكسيك وعدة حرائق في غابات كاليفورنيا. وتسببت أعاصير هارفي وإرما وماريا في خسائر بقيمة 93 مليار دولار.
وبالرغم من الارتفاع في التكاليف المالية لمواجهة الكوارث، لم تكن هناك زيادة كبيرة في الخسائر البشرية.
وقالت مصادر أن خسائر التأمين ارتفعت إلى 136 مليار دولار، أي أكثر من ضعف إجمالي خسائر العام الماضي، وثالث أكبر خسارة على الإطلاق.
حجم الدين العالمي
أظهر تقرير لموقع «فيجوال كابيتال ايست» المتخصص، أن حجم الدين العالمي بات يبلغ 63 تريليون دولار في 2017، وتتخذ أغلب هذه الديون شكل سندات أو أذونات خزانة.
وتعد اليابان من بين أكثر الدول مديونية في العالم، حيث يبلغ حجم ديونها نحو 11.8 ترليون دولار، فيما تعد ديون الولايات المتحدة الأكبر من حيث القيمة، حيث تقارب 20 ترليون دولار، وهي تساوي من حيث نسبة قيمتها إلى الناتج المحلي الأميركي 107.1%.
وعند إجراء المقارنة من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي، تحتل اليابان المرتبة الأولى، تليها اليونان. واللافت في التقرير إلى أن حجم ديون الدول العربية ضئيل جدا، ولا يصل حتى إلى حجم مديونية دولة أوروبية صغيرة مثل اليونان.
بريطانيا..
نمو مُستهدف وصعود
مليارديرات لندن
عكس تقييم لصندوق النقد الدولي بشأن الاقتصاد البريطاني ضعفا في نمو الإنفاق الاستهلاكي بسبب انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني وتأثيره على الدخل الحقيقي المعدل بحسب التضخم. ومع ذلك، فإن انخفاض التضخم تدريجيا وصل إلى النسبة التي يستهدفها بنك انجلترا والمقدرة بـ2%.
الغموض الكبير اكتنف النمو في بريطانيا، لكنه اعتمد جزئيا على العلاقة الاقتصادية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي (بعد خروج بريطانيا منه) ومستويات أي زيادة في الحواجز أمام التجارة والهجرة والنشاط المالي عبر الحدود.
على صعيد متصل، ووفقاً لقائمة صحيفة «صنداي تايمز» لأكثر الشخصيات ثراءً، ارتفع عدد المليارديرات في بريطانيا خلال 2017 أكثر من أي وقت مضى، وذلك برغم المخاوف المُتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
هذا وقد أوضحت القائمة الخاصة بعام 2017، أن أغنى 1000 فرد وعائلتهم لديهم ثروة تُقدر بنحو 658 مليار جنيه استرليني، بزيادة 14% عن ثروة العام الماضي والبالغة 575 مليار جنيه استرليني. وضمت القائمة رقماً قياسياً من أصحاب المليارات خلال 2017، حيثُ شملت على 134 مليارديراً، منهم 14 شخصاً انضموا للقائمة خلال الـ 12 شهراً الماضية فقط.
روسيا..
العقوبات لأفضل الاقتصادات
بعد سنة لا يمكن وصفها بأنها «الأفضل» تمكّن الاقتصاد الروسي، من الاتجاه نحو النمو ضاربا بعرض الحائط العقوبات الغربية وهبوط أسعار النفط. ولا يتحدث الخبراء الاقتصاديون فقط عن النجاح في خفض معدلات التضخم، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي فحسب، بل يشيدون بمرونته.
ويعود الفضل في خفض معدلات التضخم إلى البنك المركزي الروسي، نتيجة مجموعة من التدابير المعقدة التي اتخذها، كتخفيض سعر الفائدة الرئيس من 10% في بداية العام إلى 7.75% في كانون الأول الماضي، فنجح في خفض معدلات التضخم إلى مستوى 2.5% وفقا لأحدث البيانات للبنك المركزي، بدلا من 4% المستهدف.
وفي آب 2017، سجل الانكماش الاقتصادي رقما قياسيا عند 0.54% للمرة الأولى في عصر روسيا الحديث.
ومن بين أهم الأحداث الأخرى في 2017، دخول وزارة المالية الروسية في نيسان الماضي ولأول مرة منذ 1982 سوق الإقراض المحلي، بعد توقف دام 35 عاما، إذ منحت الوزارة 15 مليون شخص قرضا خاصا بقيمة 15 مليار روبل عن طريق «سبيربانك» و»في تي بي 24».
كما أصدر المركزي الروسي ورقتين نقديتين من فئة 2000 و200 روبل، وهو ما لا تستطيع الدول القيام به ما لم يكن اقتصادها يتمتع بأداء قوي، ما يميز الفئة الجديدة أن الشعب الروسي ولأول مرة شارك في اختيار الرسم عليها والذي فازت به مدينة سيفاستوبول.
ويعتقد المحللون الاقتصاديون أن المخاطر الرئيسة التي ضغطت على الاقتصاد الروسي خلال العام 2017، والتي ستستمر في عام 2018، ترتبط بنظام العقوبات.
فنزويلا.. انهيار اقتصادي
أزمة اقتصادية طاحنة تعرضت لها «فنزويلا» في 2017.. وتستمر، إذ وصلت بعملتها ومعدل التضخم إلى مستويات متدهورة لم تصلها قبل ذلك.
ومنذ التدهور في أسعار النفط منذ نحو 3 أعوام، تحولت الدولة التي استطاعت أن تسجل معدل نمو سنوي مطرد في الفترة بين عامي 2004 و2011، وبنسب تتراوح بين 5% و20%، إلى تسجيل عجز مالي يُقدر بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2015.
كما حقق الاقتصاد الفنزويلي انكماشاً تراكمياً في الناتج الإجمالي المحلي يزيد على 20% منذ 2013.
وحدث ذلك بعد أن كانت «فنزويلا» قد تمكنت من زيادة نسبة الأسر التي تعيش فوق خط الفقر من 52% إلى 72%، خلال ست سنوات فقط، وتسجيل تراجع منتظم في الفقر المدقع في 2017.
ويُشكل النفط 80% من عوائد صادرات فنزويلا بداية من 1999، وتطور بعد ذلك إلى أن وصل إلى 95%.
وتُعد الأزمة التي واجهت أسعار النفط هي بداية الأزمة الحقيقية لفنزويلا، ما عانت منه كاراكاس التي شكت تباطؤ نشاط مصافي تكرير النفط؛ بسبب عدم تعرضها للصيانة، حيث تعمل مصافي التكرير بطاقة إنتاجية 409 ألف برميل يومياً، مقابل 955 ألف برميل يومياً قبل ذلك.
الصين..
بصمة في الاقتصاد العالمي
أما بالنسبة للصين، التي دارت حولها المخاوف خلال 2017، فقد احتلت بكين دائرة الضوء لأسباب كثيرة. فهي المحرك الرئيس للنمو العالمي، وفقاعة الائتمان المحتملة التي ستنهي جميع فقاعات الائتمان، في ضل إجراءات للبنك المركزي الأكثر خضوعا للتحكم في العالم.
كان الخوف من حدوث انهيار صيني بمثابة أمر مبالغ به، ولكن هذا الخوف كان واحدا من النقاط التي سببت بداية صعبة استمرت في 2017. وبالنظر إلى تلك الفترة، كانت التطورات إيجابية.
الى ذلك، حظيت سوق السندات الصينية المحلية باهتمام ضئيل خارج الصين برغم حقيقة أنها سوق قائمة على اليوان بقيمة 9.4 تريليون دولار، إذ إنها تعد ثالث أكبر سوق للسندات في العالم. وتعد هذه السوق ومسيرة تطورها أمرا لا يمكن تجاهله من المشاركين خلال الفترة المقبلة.
وخلال الربع الأخير من 2017، استمرت الصين في تطورها الإيجابي مع انعكاسات إيجابية على الأسواق والأصول الأخرى مثل السلع التي شهدت مؤخرا انتعاشا في الأسعار في مقابل القاعدة العامة الشاملة.
كما يعد التضخم الصيني وأثره على التضخم العالمي بمثابة مؤشر إيجابي لا ينبغي تجاهله، فما يحدث في الصين يحمل آثارا صحية وباعثة على الاستقرار بالنسبة للاقتصاد العالمي.
ألمانيا وفرنسا..
الاصلاحات بموازاة الانتعاش
اختتمت فرنسا 2017 باستقطاعات الموازنة، فقد أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أن استقطاعات الموازنة التى تجريها الحكومة ستجعل فرنسا أقوى فى أوروبا.
وأوضح لومير، أن بلاه تجري استقطاعات فى الموازنة وإصلاحات فى سوق العمل «هي على الأرجح الأهم منذ سنوات طويلة»، مشيرا إلى خطة الحكومة لوضع إطار ضريبي جديد وخفض الضرائب على الشركات وعلى الثروة وفرض ضريبة على بعض الدخول.
الى ذلك، أعتقد محللون أن القرارات التي يتخذها الرئيس ايمانويل ماكرون ستحسن بشكل كبير الاقتصاد في فرنسا لجميع المواطنين وهذا سيجعل فرنسا أقوى وسيصب فى مصلحة البلدان الأوروبية.
كما أبدت برلين استعدادها لمناقشة المقترحات الفرنسية لإصلاح منطقة اليورو ولكنها طالبت، في الوقت ذاته، من باريس تنفيذ الاصلاحات المطلوبة منها على المستوى الوطني.
وما دمنا عرجنا على برلين، فان المانيا ستغادر 2017 على انتعاش اقتصادي متسع النطاق، وأنه الى جانب الاستهلاك الفردي وقوة التصدير ستزداد أيضا استثمارات الشركات، كما سترتفع معدلات التشغيل ودخول العاملين.
ورفعت التوقعات المستقبلية بشأن النمو الاقتصادي في ألمانيا للعام المقبل بعد ارتفاعه في 2017، إذ بلغت نسبة النمو في هذا العام 2.2 في المائة.
وعزا خبراء رفع توقعاتهم إلى المسار الجيد للاقتصاد العالمي، الذي يستفيد منه الاقتصاد الألماني القوي في الصادرات، وكذلك إلى الاستهلاك الفردي القوي، وانتعاش قطاع البناء وطلبيات المصانع.. مع ارتفاع معدل التضخم خلال هذا العام إلى 1.7 في المائة.
سوق السندات الناشئة
النقطة الحاسمة لـ 2017 تتمثل في أن سوق السندات الناشئة كانت قد شهدت انتعاشا كبيرا، وتعد الآن مسرحا لصفقات تداول. ويعود ذلك إلى أن الأسواق الناشئة قد أصبحت الآن بمثابة اقتصادات أكثر استقراراً ونضجاً.
ورأى خبراء ان «إذا ما شهدنا ارتفاعا مفاجئا في عائدات الخزينة الأميركية، سيراودنا إحساس سيئ حيال الاعتماد على الاتجاه الواحد الذي تسلكه الأسواق الناشئة مع هبوط مفاجئ في المعنويات».
وبحسب تقارير دولية، فإنه مع دخول الربع الرابع من 2017، فان ثمة إيجابية حذرة حيال فئات السندات ذات المخاطر العالية، ولكن مع تزايد مخاطر الانتكاسات بسبب ارتفاع العائدات الأساسية. وتتوقف مسألة استمرار الأداء بالنسبة للسندات الأساسية على المفاجآت الاقتصادية السلبية وتصاعد حدة التوترات الجيوسياسية. لكن مخاطر التركيز على التضخم سترتفع، وبالتالي ستقل أهمية التعرض في السندات الأساسية، ومواصلة التركيز على الأصول وفئات السندات ذات المخاطر العالية.
تمديد اتفاق «أوبك»
من أهم الأحداث التي أسهمت بدفع عجلة اقتصادات الدول المنتجة للنفط إلى الأمام هو النجاح في التمهيد لتمديد اتفاق خفض إنتاج النفط الخام «المؤكد» حتى نهاية 2018، لما له من آثار إيجابية على توازن السوق العالمية ودعم الأسعار التي تصب في مصالح هذه الدول.
فبعد مرور سنة على اتفاق «تاريخي» على تقليص حجم الإنتاج من أجل لجم تخمة المعروض العالمي التي أضعفت أسعار النفط لسنتين متتاليتين، وذلك بين أعضاء منظمة «أوبك» و11 منتجاً مستقلاً بقيادة روسيا الذين يشكلون أكبر منتجي النفط عالمياً، بدأت أسواق الطاقة تبدي إشارات عن التعافي، بعد أن استطاع سعر برميل النفط كسر قيوده أخيراً والقفز فوق مستوياته العليا في أكثر من عامين.
وقفز خام «برنت» القياس إلى أكثر من 65 دولاراً للبرميل في الربع الأخير من 2017، بعدما كان في حدود 45 دولاراً، في حين سجل خام «تكساس الوسيط» مكاسب بأكثر من إلى قرابة 58 دولاراً للبرميل.
ويقول خبراء إن استمرار التخفيضات ضروري لبلوغ هدف الدول المنتجة في إعادة المخزونات إلى دائرة مستوياتها السابقة قبل 5 سنوات، المشوار الذي استهله التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج. فبفضل التخفيضات التي التزمت بها الأطراف، تقلص حجم المخزونات النفطية من نحو 340 مليون برميل في بداية العام إلى 140 مليون برميل فقط فوق متوسط الخمس سنوات.
جنون «بيتكوين»
في 2017 برزت بيتكوين بقوة، وربما تم رفض العملة الإلكترونية هذه باعتبارها عملة غريبة من إنتاج القطاع التكنولوجي وسرعان ما يتلاشى تأثيرها. لكنها شهدت تطورا سريعا إذ أصبحت عملة متداولة في القطاع المالي وجعلت بعض الناس أغنياء.
وبيتكوين عملة رقمية تتسم بالتقلب استقطبت اهتمام المستثمرين بغرض المضاربة في أنحاء العالم في الوقت الذي ارتفعت فيه قيمتها لنحو أربعة أمثالها منذ بداية 2017 وجرى تداولها عند 4400 دولار.
وإذا كان يُنظر في الماضي إلى بيتكوين على أنها وسيلة لغسيل الأموال والاتجار في المخدرات، فإنها أصبحت في الآونة الأخيرة، في حفلات العشاء التي تقيمها الطبقات المتوسطة، حديثا رائجا يصل إلى حد تقييم أسعار المنازل بها.
بدأ أول تداول منتجات مالية تعتمد على عملة بيتكوين الإلكترونية في إحدى البورصات الرئيسة بمدينة شيكاغو الأميركية، في حين اعتبر خطوة باتجاه تقنين العملة الرقمية.
وبدأت بورصة شيكاغو بورد اوبشنز اكستشينج «سي بي إو إي» عمليات التداول بعملة بيتكوين في عقود آجلة.
وكانت قيمة العملة عند بدء التداول 15 ألف دولار، لكن العقود الآجلة بالعملة الإلكترونية تقلبت خلال العشرين دقيقة الأولى من التداول، وصعد سعرها إلى 16600 دولار، قبل أن يتراجع لاحقا.
وجاء إدراج عقود آجلة بعملة بيتكوين في البورصة بعد موافقة لجنة تداول السلع والعقود الآجلة الأميركية على ذلك.
وفي مصر، قال مؤسسا أول بورصة لعملة بيتكوين إن البورصة ستبدأ العمل لتربط أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان بالعملة المشفرة التي ارتفعت قيمتها بقوة في الأشهر الأخيرة.
ولا تزال الكثير من الحكومات في أنحاء العالم تدرس كيفية تنظيم وتصنيف بيتكوين.
أسواق العالم..
مؤشرات ايجابية..
وارتفاعات قياسية
ما تبين هو أن عام 2017 كان أفضل مما توقع المستثمرون، وخير دليل على ذلك الارتفاعات القياسية التي سجلتها «وول ستريت»، كما الصعود النسبي الجيد الذي شهدته الأسواق الأوروبية، مثل ارتفاع مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 14 في المائة، و«كاك 40» الفرنسي الذي بلغت مكاسبه نحو 10 في المائة، فضلا عن مكاسب أخرى متباينة في عدد من الأسواق الدولية.
بفضل مكاسب 2017، فان معظم المصرفيين الغربيين يتوقعون أن يكون عام 2018 جيداً أيضاً، ويقدمون عدة أدلة أبرزها أن نمو الاقتصاد العالمي سيسجل نسبة تبلغ نحو 3.6 في المائة، مع تماسك للأنشطة والقطاعات الأساسية في مختلف الأقاليم الدولية، ويتوقعون لأرباح الشركات أن تزيد بنحو 10 في المائة في المتوسط العام، خصوصا في الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي.
كما يستند المتفائلون إلى أن البنوك المركزية كانت، في 2017، حريصة على سياسات نقدية غير محبطة للاستثمار وما زالت، علما بأن المستثمرين يضعون ثقتهم خصوصا بالاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي لجهة حسن إدارة الانعطافة المتوقعة، لا سيما على صعيد رفع الفائدة الأميركية بشكل تدريجي ومدروس، والخروج المبرمج من التيسير الكمي أوروبياً. وهناك شبه يقين لدى كثيرين بأن السيولة ستبقى وفيرة نسبيا، لأن رفع الفائدة سيكون تدريجيا وفقا لمناخات الأسواق ومعدلات التضخم.
المشهد الذي يرسمه المتفائلون تعكره بعض الشيء مخاطر لا تقل أهمية عن النقاط الإيجابية آنفة الذكر، خصوصا لجهة التصحيح الذي قد يحصل في بعض أسواق المال الرئيسة، مع توقعات بألا يكون التصحيح كارثيا، لكنه يبقى احتمالا يستحق الحذر، خصوصا أن تطبيع السياسات النقدية مع نهاية 2017 وبعد فترة طويلة من التسهيل قد يؤثر في السيولة لا سيما في الاقتصادات المتقدمة.
إلى ذلك يحذر محللون من استمرار قوة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، لأن ارتفاع سعر صرفها يؤثر في بعض صادرات دول أوروبية سلعها غير تنافسية، وبالتالي تتأثر أرباح شركات تلك الدول بفعل قوة اليورو في مقابل العملات الرئيسة الأخرى.
من جهة أخرى، لا يغيب عن ذهن الاقتصاديين – كما المستثمرين – الحذر من ما قد تحمله الحمائية التجارية الأميركية من تداعيات باتت على كل شفة ولسان، وما لتلك الحمائية، إذا ما تفاقمت، من أثر سلبي في التدفقات التجارية حول العالم.