(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 32
جاسم محمد
عمليات غسيل الدماغ
ذكرت شهادات بعض سكان مناطق الرقة والطبقة ومناطق اخرى ذكرت، بأن التنظيم يتبع بيانات وارشيف حصل عليه من النظام السوري بعد فرض سيطرته عليها، هذه البيانات الخاصة بالتربية والتعليم والتحاق الاطفال بالمدارس، مكنت التنظيم من تعقب البيوتات والعوائل اللذين لم يرسلوا ابنائهم الى مدارس دولة داعش. المراقبون للوضع التعليمي هناك، اكدوا بان مايجري من تعليم في مدارس دولة داعش هو البدء ب “تعليم” القران الكريم ثم الانتقال الى مطاوي وفتاوى التنظيم التكفيرية بعيدا عن اية علوم اخرى. شهادات اخرى الى اولياء بعض الاطفال من داخل سوريا بثها راديو العراق الحر الى الكاتية والاعلامية سميرة مندي ذكرت بأن العوائل في الرقة والمدن السورية لايمكن لهم المغادرة، برغم ان بعض العائلات خاطرت بحياتها وغادرت الى مدن اخرى او خارج الحدود من اجل انقاذ اولادها ان لايقعوا بيد التنظيم ويكون مصيرهم الموت. مسؤولون في المعارضة السورية تحدثوا عبر اذاعة العراق الحر من تركيا ومن مناطق يسيطر عليها جماعة المعارضة السورية غير “الجماعات الجهادية” وداعش، بانه هنالك عملية خطف علني الى الاطفال، بأسم المدارس الدينية ودورات تدريبية خلالها يقطع الاطفال علاقتهم بعوائلهم وتمنع الزيارات وبات عدد كبير من الاطفال يرفضون اللقاء بعوائلهم نتيجة خضوعهم الى الغسيل الدماغي.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة حلب منذر السلال، إنّ مجلس المحافظة وجه عدداً من الكتب لمنظمات حقوقية وإنسانية، من أجل العمل على إطلاق سراح البرهو. واكد “السلال” في حديث عبر اذاعة العراق الحر بإنّ البرهو من أبناء مدينة منبج بريف حلب الشرقي ولم يكن له أي ارتباط بأي فصيل تابع للحر، حيث طلب منه تنظيم داعش المشاركة في دورة شرعية، ومن ثم تم تجنيده ليقوم بأعمال قتالية، من دون علم أهله وموافقتهم.
شبكة لوجستية وملاذات لترحيل الاطفال الأنتحاريين
الطفل “أسيد برهو” تحدث بتفاصيل كثيرة حول اساليب وطرق تحنيد الاطفال مابين سن العاشرة والسادسة عشر. التنظيم يتخذ من مديتة الرقة مركزا لعملياته ابرزها في الطبقة غرب الرقة. ويوفد الى الرقة الاطفال من مدن سوريا وكذلك العراق ضمن سياسة عزل الاطفال عن عوائلهم وهي عمليات خطف مبطن تحت غطاء الالتحاق ب “مدارس ” التنظيم ومعاهد تعلم القران الكريم، التي تكون مفتاحا الى عملية معقدة يخضع اليها الاطفال للغسسل الدماغ وسط اساليب من الترغيب والترهيب تنتهي بالعمليات الانتحارية. وذكر أسيد في اعترافاته في شريط فديو، نشرته بعض القنوات بالتنسيق مع الاستخبارات العراقية، بأنه عندما سيطر التنظيم الارهابي على مدينته منبج شمال حلب، أجبر عن الالتحاق بمعسكر التدريب والعمل في صفوفه، ثم تجهيزه لتنفيذ عملية انتحارية. ويخضع الاطفال للتدريب في معسكرات معزولة ومغلقة، ينعزل الاطفال عن ذويهم وتقطع الاتصالات بهم ويخضعون لدورات تدريبية مكثفة وعنيفة على فنون القتال واستخدام السلاح وإنما أيضاً على إعداد المفخخات والمتفجرات والتدريب على العمليات الانتحارية. وفي حديث خاص الى مجلة المجلة الى المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية العراقية الذي يلتقي بالطفل أسيد” وغيره من المتورطين، يقول ان هذا التنظيم الارهابي يساوم الاطفال داخل المعسكرات على عوائلهم بالاغتصاب او القتل. وهذا واحدة من الاسباب التي تجعل الاطفال ان يستمروا ويسكتوا على حالهم داخل المعسكرات واعتبارهم مخطوفين.
تشكيل معسكرات الاطفال
بعد تشكيل أول كتيبة نسائية داعشية في الرقة، بدأت “داعش” في تجنيد الأطفال ما بين 14-16 عاماً من أبناء المدينة، ووفقا الى تحقيق قناة “العربية نت” أن أهالي أولئك الأطفال يقفون أمام هذا الأمر بلا حول ولا قوة ودون أن يكون لهم أي رأي بالموضوع. وقال بعض أهالي الرقة إن تجنيد أطفالهم في القتال إلى جانب داعش هو عملية خطف ويجدر الاشارة إلى أن خطف أولئك الأطفال وتدريبهم وغسل أدمغتهم ومن ثم استخدامهم كحراس وكجنود، كل ذلك يتم رغماً عن أهل مدينة الرقة التي باتت مرهونة لأهواء وأفكار داعش. وكشفت “داعش” النقاب في وقت سابق عن تأسيس معسكر “أشبال الزرقاوي” من خلال مقاطع فيديو تم بثها، حيث اعتبر الكثيرون أن ما تضمنته هذه المقاطع أمرا مقلقا نظرا للتشابه الشديد بين “أشبال الزرقاوي” فى سوريا وكتائب “طيور الجنة” التى تم تأسيسها منذ نحو عشر سنوات فى العراق من قبل جماعات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة بهدف تدريب الأطفال على المهام القتالية، بما فى ذلك العمليات الانتحارية. وذكرت مصادر المعلومات واعترافات المعتقلين بأن عملية تجنيد الأطفال في المناطق التي يسيطر عليها داعش والمجموعات المسلحة بان التنظيم كان في البداية يستفيد من الاطفال بنقل الجرحى أو استخدامهم في تهريب الأسلحة، كما استغلت هذه المجموعات الأطفال إعلامياً وصورتهم كضحايا بغية استدراج التدخل الخارجي، بالإضافة الى استخدامهم كدروع بشرية، اما الان فبدء يزجهم في عمليات قتالية واخرى انتحارية، وربما يعود ذلك الى النقص في المصادر البشرية بسبب توسع التنظيم افقيا وعلى مساحة واسعة.
وقالت مصادر محلية من محافظة الانبار الى وكالة شفق نيوزالعراقية إن “تنظيم داعش الارهابي قام بفرض التجنيد الالزامي على الاطفال من 10 الى 15سنة في مدينة الرطبة التي يسيطر عليها التنظيم منذ اشهر. وبحسب تقرير لوكالة انباء الاناضول فأن داعش يقوم بتدريب أولئك الأطفال على القتل والاجرام لاستخدامهم كانتحاريين من خلال تدريبهم في إحدى معسكراته بسوريا وذلك لقطع علاقاتهم بأهلهم .
عمليات قطع رؤوس داخل المعسكرات
وفي هذا السياق قالت صحيفة “الكرونه تسايتونغ” النمساوية إن تنظيم داعش يجند المئات من الأطفال في سورية والعراق للقيام بعمليات إرهابية بعد تلقيهم دروسا في القتل وأساليب التعذيب. وذكرت الصحيفة، أن تنظيم داعش فتح معسكرات خاصة للشبان القاصرين دون الستة عشر عاما بعد تجنيدهم في مدينتي الرقة والموصل حيث يتلقون من قبل أعضاء التنظيم دروسا عسكرية وأفكارا متطرفة وأيديولوجية تكفيرية ويتعلمون أبشع أساليب التعذيب والقتل والتنكيل بكل من يعارض أفكارهم أو يحاربها وأن أكثر من 400 قاصر من الشبان لن يحصلوا على “شهادة تخرج”في تلك الدورات التأهيلية ما لم يمارس وينفذ عملية قطع الرأس بعد أن أصبح ذلك جزءا من الحياة اليومية إلى جانب مشاهداتهم لعمليات الجلد وقطع أجزاء الجسم والإعدامات العلنية.
ويقول “تشارلي وينتر” المتحدث باسم مؤسسة “كويليام البحثية البريطانية” في تعليقه على مقطع فديو أوردته صحيفة “الديلي ميل” حول تجنيد وتدريب الاطفال عند داعش بأن ذلك دليلا على الممارسات التي يقوم بها تنظيم داعش من خلال سعيه لتلقين الأطفال الصغار وفي سن مبكرة جدا أفكاره المتطرفة وذلك في محاولة لتشديد قبضته على المنطقة ويعكس ذلك حقيقة أن إرث تنظيم داعش الإرهابي سيكون طويل الأمد حتى لو انهار التنظيم غدا. وقال شهود إن التنظيم يقوم في بعض الحالات بخطف الأطفال وتجنيدهم في المعسكرات دون علم أو موافقة الوالدين حيث يتم في بداية الأمر تدريبهم على استخدام بنادق كلاشينكوف والقذائف الصاروخية ومن ثم يتم تقسيمهم إلى مجموعات منفصلة يتم تدريب بعضها على العمليات الانتحارية وغيرها. وفي هذا السياق كشفت تقارير إعلامية غربية اخرى قيام التنظيم بتجنيد الأطفال الأبرياء وإجبارهم على حضور جرائم قطع الرؤوس في معسكرات التدريب بغرض إنشاء جيل جديد يتغذى على العنف والإرهاب.
* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة