بتروناس الغرّاف: تمكين حياة المجتمع في العراق

تسعى لإنتاج 230 ألف برميل يومياً من الحقل
بغداد ـ احسان ناجي:

في منتصف العام 2009 انطلقت حزمة عقود عراقية نفطية مع شركات أجنبية استثمارية متخصصة في صناعة النفط.. أريد من هذه الخطوة التي سميت بجولة التراخيص النفطية الأولى وما تلاها من جولات، طرح الحقول النفطية والغازية العراقية لشركات عالمية تتنافس فيما بينها للفوز بما تطوره أو تؤهله أو تستثمره كشريك خدمي يعمل لزيادة الانتاج العراقي من النفط الخام في وقت كان فيه العراق بأمس الحاجة للنهوض بانتاجه كعضو بارز في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك».. التي تأسّست في بغداد العام 1960.
في الخضم، وعلى إثر ضعف البنية التحتية للمنشآت النفطية والحقول العراقية، كانت الخطى تتسارع لبعث الروح في تلك المفاصل الاقتصادية الأهم والتي بدأت الانظار تتجه لها لا سيما وأنها تستقبل، بأثر ارتفاع وتيرة عمل الشركات الأجنبية وبمشاركة الشركات التابعة لوزارة النفط، المزيد من الأيدي العاملة المحلية، ناهيك عن الخبراء العراقيين وأقرانهم ممن وجدوا فرصهم في تلك الحقول والذين، مجتمعين، رسخوا أقدامهم مع شركائهم الأجانب في حيثيات العمل الذي لا ينقطع ليلاً.. أو في أقسى الظروف.
في حقل الغراف بمحافظة ذي قار جنوب البلاد، المثال جليّ، لاسلوب العمل المشترك الذي عملت على ترسيخه شركة بتروناس الماليزية (بتروليام ناسيونال برهاد «شركة النفط الوطنية الماليزية») المستثمرة للحقل مع شريكتها شركة جابكس اليابانية، حيث يكون المشروع لشركة نفط البصرة التابعة لوزارة النفط العراقية.
بسعيها في مهمة تطوير الحقل النفطي، في العام 2010، شهد حقل الغراف بداية بتروناس كمنظمة مغامرة في واحدة من البلدان الأكثر تحدياً.. حتى تمنكت، في العام 2013، من جني الثمار بتحقيق استخراج أول برميل نفط.
بعد توقيعها عقد خدمات التطوير والإنتاج بالتعاون مع شريكها جابكس لمساعدة وزارة النفط، فان ثلاثة أعوام لبتروناس عملاً دؤوباً.. بتركيز الخبرات والمهارات والقدرات، كانت كفيلة بتطوير حقل الغراف: هي الآن تنتج نحو 100 الف برميل يومياً من النفط، ومن المتوقع أن تنتج ما يصل إلى 230 الف برميل يومياً مستقبلاً بحسب العقد المبرم مع وزارة النفط.

الثقة بمجتمع الغرّاف
بالتوازي مع عملها.. القيام بأدوارها لتطوير صناعة النفط العراقية وسعيها لاستمرار تحقيق أهداف الإنتاج التي وضعتها الحكومة العراقية، فان بتروناس، تماشياً مع طبيعة عملها، وضعت في أولوياتها تمكين المجتمعات المحلية التي تقطن منطقة «العقد» الغراف ومتاخماتها، أقضية محافظة ذي قار لا سيما قضائي قلعة سكر والرفاعي، من النهوض بنفسها.. بوضع بتروناس، منذ عام 2013، برامجاً وأنشطة هي ورشاً ودورات مجتمعية تعليمية، تثقيفية، مهنية، وغيرها بهدف تلبية الاحتياجات الفورية للمجتمع، وما يستفيد منه أبناء هذه المناطق في مهمة منها لتحقيق التوازن، في الوقت نفسه، بين الأعمال الخيرية والاستدامة.
وبالاشارة الى أولوية بتروناس بالنهوض بمجتمع الغراف المحلي الذي يعتقد بالتعليم سبيلاً إلى الاستقلال الاقتصادي وطريقاً للخروج من الفقر، فقد سعت الشركة، جنباً إلى جنب مع الحكومة المحلية، بالجهود الحقيقية، لتوفير بيئة أكثر ملائمة لدعم أبناء المنطقة، لا سيما الأطفال منهم، في سعيهم للإلتحاق بالمدارس والحصول على المعرفة، فهؤلاء الذين يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى مدارسهم.. ويضطر بعضهم الى الجلوس في صفوف مدارسهم الضيقة وغيرها غير المؤهلة.. والطينية في بعض الأحيان، يدرسون في ظل ظروف الطقس القاسية ما يؤدي إلى إصابتهم بالأمراض وفقدان الاهتمام بإكمال الدراسة.
بمرور الوقت، أخذت بتروناس على عاتقها تأهيل العديد من المدارس وبناءها لتلبية تزايد عدد أطفال مجتمع الغراف المؤهلين للدراسة، ووضعت الشركة برامج التعلم الإبداعي لتشجيع التعلم والاهتمام بالأطفال والمعلمين على حد سواء، ومهدت بتروناس لذلك من خلال مدّ وتطوير وتأهيل الطرق المتربة والموحلة لتسهيل وصول أبناء الغراف إلى المدارس.

هدف قريب
لم تكن بتروناس ببعيدة عن ما تعيشه منطقة الغراف، التي أصبحت الشركة تنتمي لها، من ظروف معيشية غير مواتية.. خصوصاً بما يتعلق أمره بمياه الشرب غير الصالحة للاستعمال البشري ومصادرها غير الآمنة للمحليين: آبار تقليدية وأنهار ملوثة. وبالرغم من أن بعض الأمراض يمكن علاجها بسهولة، فإن المجتمع ليس مستعداً لأمراض أكثر خطورة مثل الإسهال المعدي أو التيفوئيد.
وبدلاً عن توفير العلاج، فإن زيادة فرص الحصول على المياه المناسبة للشرب ستكون الحل الأفضل للمعضلة. من هذا، عملت بتروناس.. الى قربها من نهر الغراف، الى تشييد وحدات المياه الصالحة للشرب لتلبية احتياجات المنطقة وعدد من القرى المجاورة للحقل النفطي والذي يزيد عددها عن (32) حيث تتم تصفية مياه النهر لما يوفر مياهاً نظيفة مستدامة في مشروع يمتد لسنوات طويلة؛ لقد سخرت بتروناس اسطولاً من ناقلاتها بما يتوازى وعدد السكان الكبير نسبياً في الغراف، لايصال المياه التي تلبي حاجة أبعد قرية في المنطقة.
في منطقة الغراف ومتاخماتها كان السكان يعانون صعوبة الوصول الى المدينة عبر الطريق الضيق الأوحد؛ في ساعات الذروة فان طوابير المركبات المتجهة الى المدينة تعاني اختناقاً على ذلك الطريق المزدحم. وفي وقت يستغرق فيه الوصول الى أقرب مستشفى في المدينة ساعات، فان الحالة الانسانية التي إلتفتت لها بتروناس هي ضرورة شق طريق بري يربط المنطقة بالمدينة. وبعد حين، شُيّد الطريق، وكان لبتروناس الدور الرئيس في انشائه، من منطلق أن الأسف على حالة مُصاب باصابة خطيرة ليس مهماً أزاء المساعدة في انقاذه. أما أبناء الغراف والقرى المجاورة فلم يعودوا مضطرين لقضاء وقت طويل ومحبط في سياراتهم يصطفّون للوصول الى المدينة. حيث أصبحت الحياة اليومية أسهل من خلال الجهد الجمعي المبذول لتحسين ربط المنطقة بمركز المدينة.

جامعة سومر
لم تكن بتروناس بمعزل عن إسهامها في البنية الفوقية لمحافظة ذي قار، فلقد دعمت جامعة سومر/ كلية علوم الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات بما تملكه من امكانيات متاحة، حيث أسهمت بدعم من وزارة النفط ببناء وتجهيز مختبر تكنولوجيا المعلومات في الجامعة الذي جُهز.. مستقبلاً الموسم الدراسي الحالي. ما أثنى على ذلك الدكتور علي عبيد الشمري، عميد كلية علوم الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، ودور شركة بتروناس في انشاء المختبر، معرباً عن خالص شكره لشركة بتروناس على إسهامها في انشاء المختبر الذي يعد جزءاً من أنشطة الشركة المستمرة للاستثمار الاجتماعي لعام 2017 لدعم المجتمع المحلي، وبدوره، قال رئيس شركة بتروناس التنفيذي/ عمليات الغراف، في مشاركة افتتاح مختبر الجامعة: أن التعليم مهم لتطوير المعرفة والقدرات لدعم بناء الدولة العراقية.

مُسك الغرّاف
تغييرات إيجابية على المجتمع المحيط بعمليات بتروناس في حقل الغراف النفطي، بالجهود المثمرة أقيمت روابط بتروناس الأوثق مع الحكومة المحلية ووزارة النفط والمعنيين في محافظة ذي قار، بهدف تحسين الظروف المعيشية في الغراف والعمل كدافع لمواصلة العطاء للمجتمع، وهو اعتقاد تؤمن به بتروناس، بقوة، أينما حلّت.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة