في جلسة حوارية نظّمت في النجف جمعت أطرافاً فاعلة في المجتمع
النجف ـ الصباح الجديد:
أكّدت الأمم المتحدة في مؤتمرٍ حول المصالحة الوطنية في النجف الأشرف ان انتصار العراق على إرهابيي داعش يُتيح فرصةً للبلاد للتخلُّصِ من الماضي المؤلم والمُضيّ بثقةٍ في طريق السلام والتنمية، وحثّت العراقيين بجميع انتماءاتهم على انتهاز الزخم والبناء عليه لضمان مستقبلٍ مزدهرٍ للأجيال القادمة.
وجاءت هذه الدعوة خلال جلسةٍ حواريةٍ جمعت أطرافاً عشائريةً ودينيةً وأكاديميةً وسياسيةً وأطرافاً فاعلةً في المجتمع المدني من محافظتي النجف الأشرف والديوانية بوو لبول نائب الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق، للتعرّف على آراء العراقيين من جميع أنحاء البلاد ومعالجة التحديات التي تواجه المصالحة الوطنية العراقية في مرحلة ما بعد داعش.
وهذه هي الجلسة الحوارية السادسة والأخيرة من سلسلة جلساتٍ مماثلةٍ عُقدت في شتى المناطق في العراق تحت عنوان “التسوية الوطنية: آفاقٌ وتحديات” منذ أيلول الماضي ، وستعزز توصيات هذه الجلسات العملية التي ستقودُ إلى تسويةٍ وطنيةٍ شاملةٍ تنتقلُ بالعراق نحو المستقبل بعد سنواتٍ من النزاع والانقسامات. وشاركت في تنظيم هذه الاجتماعات نائبُ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق للشؤون السياسية والانتخابية أليس وولبول ولجنةُ متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية في مكتب رئيس مجلس الوزراء وبتمويلٍ من حكومتي ألمانيا وهولندا.
وافتتح ممثل لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية في مكتب رئيس مجلس الوزراء علي عباس الاجتماعَ في النجف الأشرف بتقديم نظرةٍ عامةٍ على وثيقة التسوية الوطنية، والتي أوضح أنها تُشكّلُ الأساسَ للمصالحةِ الوطنية.
وقال: “لا بديلَ عن التسوية أو المصالحة. إنها ضرورةٌ، فلا خيار غيرها سوى عدم الاستقرار وغياب الأمن والتنمية ، وأضاف أن مناقشة التسوية الوطنية يجب أن تشترك فيها جميع المكوّنات والفئات، وأن تكون منفتحةً على الأفكار والمقترحات، شرط أن تكون جميعها متمشّيةً مع الدستور.
وفي كلمتها للمشاركين وهم 68 رجلا و28 امرأة من محافظتي النجف الأشرف والديوانية، أشارت نائب الممثل الخاص وولبول إلى أهمية النجف الأشرف في المصالحة، حيث وصفت هذه المدينة بأنها معروفةٌ بروح التسامح وقبول الآخر ، وقالت وولبول إن هزيمة داعش تتيح الفرصة للمضي قُدماً في الطريق نحو السلام الدائم لكي يتسنّى للبلادِ تركيزُ جميع طاقاتِها ومواردِها على إعادةِ الإعمار.
وشدّدتْ نائبُ الممثل الخاص بالقول “إن المصالحةَ عمليةٌ طويلة ، وعلينا العملُ معاً لوضع رؤيةٍ واضحةٍ لمستقبلٍ أفضلَ للعراق.” وأضافت “نحن نعتقد أن جميع العراقيين بحاجةٍ إلى الاستفادة من هذا الزخم وبناء أساسٍ للتعايش السلمي.”
وسلّط المشاركون الضوء على تحديات ما بعد داعش فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية. وتنوّعت الآراء بين تشخيص العلل في البلاد وسُبُل المُضيّ قُدُماً في معالجتها والدعوات لمكافحة الفساد وضمان العدالة ومساءلة مرتكبي الجرائم وسنّ الإصلاحات السياسية والعمل من أجل التنمية الاقتصادية.
ودعو إلى مشاركةٍ قويةٍ للأمم المتحدة في المجالات السياسية والتنموية بما في ذلك الانتخابات والتعليم فضلاً عن بناء القدرات، مشيرين إلى خبرة الأمم المتحدة في الدول الأخرى وكيفية تطبيق ذلك في العراق ، مؤكدة أن الأمم المتحدة ملتزمةٌ بمساعدة الحكومة العراقية والشعب العراقي في التغلب على العديد من التحديات.
وقالت نائب الممثل الخاص: “هناك حاجةٌ حقيقيةٌ للحوار البنّاء على كل المستويات. وأنا على ثقةٍ من أن العراق ومن خلال الجهود المتضافرة لقادته وقواه السياسية وشعبه بجميع مكوناته العرقية والدينية ووطنيتهم، وبالدعم المتواصل من المجتمع الدولي، سيكون قادراً على التغلب على تحديات مرحلة ما بعد داعش وبناء مستقبلٍ أفضل.”