متابعة ـ الصباح الجديد:
ينظر مجلس الامن الدولي في مشروع قرار يؤكد ان اي قرار آحادي الجانب حول وضع القدس ليس له اي مفعول قانوني ويجب ابطاله ردا على اعلان الولايات المتحدة الاعتراف بالمدينة عاصمة لاسرائيل، فيما أعلنت الإدارة الأميركية أنها ترغب في استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وطرحت مصر مشروع القرار امس الاول السبت وقال دبلوماسيون ان المجلس صوت عليه امس الاثنين.
وكان الرئيس الاميركي دونالد ترامب أعلن في 6 كانون الاول نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس معترفا بالقدس عاصمة لاسرائيل، ما اثار موجة تنديد واسعة النطاق في العالم.
وتتواصل تداعيات قرار ترامب بشأن القدس الذي شكل خروجا على السياسة الاميركية المتبعة منذ عقود، مع تظاهرات غاضبة في الدول العربية والاسلامية وكذلك صدامات بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ومشروع القرار الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه يشدد على ان القدس مسألة «يجب حلها عبر المفاوضات» ويعبر «عن اسف شديد للقرارات الاخيرة بخصوص وضع القدس» دون الاشارة تحديدا الى خطوة ترامب.
ويؤكد مشروع القرار ان «اية قرارات واعمال تبدو وكأنها تغير طابع او وضع او التركيبة الديموغرافية» للقدس «ليس لها اي مفعول قانوني وهي باطلة ويجب الغاؤها».
وقال دبلوماسيون انهم يتوقعون ان تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع القرار ،فيما يرتقب ان تؤيد كل الدول الاعضاء الـ14 الاخرى النص.
وقد وجدت الولايات المتحدة نفسها معزولة في مجلس الامن الدولي الاسبوع الماضي حين نددت كل الدول الاعضاء الـ14 بينها حلفاؤها بريطانيا وفرنسا وايطاليا بالقرار المتعلق بالقدس.
واحتلت اسرائيل القدس الشرقية في عام 1967، واعلنتها عاصمتها الابدية والموحدة في 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة. ويرغب الفلسطينيون في جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.
ويشكل وضع القدس احدى اكبر القضايا الشائكة لتسوية النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين.
بالمقابل أعلنت الإدارة الأميركية أنها ترغب في استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكشف مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية أن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب لعملية السلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لإجراء محادثات متعلقة بمساعي السلام، ويسبقه إلى المنطقة نائب الرئيس الأميركي مايكل بنس، الذي يزور إسرائيل ومصر، بعدما ألغى زيارته إلى الضفة الغربية عقب رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقباله في بيت لحم، ومن المقرر أن يؤكد بنس على الشراكة الأميركية مع إسرائيل خلال جولته، كما سيسعى إلى تعزيز العلاقات الأميركية مع العالم العربي، لكنه يواجه مقاطعة عربية في إسرائيل، وكذلك من مسؤولين دينيين في مصر.
حائط البراق»
ورفضت الرئاسة الفلسطينية أي تغيير على حدود «القدس الشرقية» المحتلة، وهي الحدود المعروفة بحدود 1967، حين احتلت إسرائيل الضفة الغربية، بما في ذلك شرق القدس، وكشف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أنّه «لن نقبل بأي تغيير على حدود القدس الشرقية المحتلة عام 1967»، وجاء تصريح أبو ردينة رداً على أقوال مسؤول أميركي في البيت الأبيض، شدّد فيها على أنّ الولايات المتحدة ترى في «حائط البراق»، الذي يسميه اليهود «حائط المبكى»، جزءاً من إسرائيل، كاشفاً أنه يتوقع أن يضاف إلى اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، اعتراف البيت الأبيض بالحائط الغربي للمسجد الأقصى في البلدة القديمة كجزء من دولة إسرائيل.
وقال بهذا الخصوص: «إن الحائط الغربي سيكون في نهاية الأمر جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل».
وعد أبو ردينة أن هذا الموقف الأميركي «يؤكد مرة أخرى أن الإدارة الأميركية الحالية أصبحت خارج عملية السلام بشكل كامل»، مشدداً على أن «استمرار هذه السياسة الأميركية، سواء فيما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الأميركية إليها، أو البت في قضايا الحل النهائي من طرف واحد، كلها خروج عن الشرعية الدولية، وتكريس للاحتلال، وهو بالنسبة لنا أمر مرفوض وغير مقبول ومدان»، وعمق الخلاف الفلسطيني – الأميركي الجديد عن حائط البراق حدة التوتر بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية، بعدما أعلن الرئيس الأميركي القدس عاصمة لإسرائيل، إذ قررت السلطة مقاطعة الإدارة الأميركية، وعدم الاعتراف بها وسيطاً في العملية السياسية.
وأعلن مسؤولون فلسطينيون أن اتفاق أوسلو انتهى بشكل عملي، وأن المفاوضات بشكلها القديم ولت إلى غير رجعة، إذ قال محمود العالول، نائب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قيادة حركة فتح، إن اتفاقية أوسلو قد انتهت، ولم يبق منها إلا الاسم، مؤكداً على شرعية كل أشكال المقاومة، في إشارة إلى دعم السلطة الفلسطينية وحركة فتح الحراك الجماهيري على الأرض، رداً على قرار ترمب، ورد ممثل أعمال الحكومة الإسرائيلية، الجنرال يوآف بولي مردخاي، على العالول لاحقاً، وهدده بالندم على أقواله، وقال مردخاي إن «التفوهات الأخيرة بشأن شرعية كل أشكال المقاومة متطرفة على نحو خاص، الكلمات لها انعكاسات. ممنوع التفوه بتصريحات تندم عليها لاحقاً، أنصحك بتوضيح أقوالك».
وعلى الرغم من إعلان العالول انتهاء أوسلو، فإن القيادة الفلسطينية لم تتخذ قراراً بهذا الشأن بعد. واجتمعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، امس الاثنين، لاتخاذ قرارات، وتحديد موعد اجتماع المجلس المركزي بصفته أعلى هيئة فلسطينية تشريعية منوط بها اتخاذ قرارات حول العلاقة مع الولايات المتحدة ومع إسرائيل، ومستقبل عملية السلام، ووظائف السلطة الفلسطينية.
مسار سياسي جديد
وحسب مراقبين، فإن السلطة الفلسطينية تريد الآن إيجاد آلية دولية لرعاية المفاوضات، بديلاً عن الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، شدد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد إشتية على أن النهج التفاوضي الثنائي انتهى بلا رجعة، مبيّنًا أنّ «القيادة الفلسطينية ستعمل مع المجتمع الدولي، ودول كفرنسا وروسيا والصين، لبناء مسار سياسي جديد تحت مظلة المجتمع الدولي، يستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة كأساس للحل، وليس التفاوض».
وأضاف أشتية، خلال لقاء جمعه بالقنصل الفرنسي العام في القدس بيير كوشارد، أمس، أن الولايات المتحدة «أخرجت نفسها كوسيط في عملية السلام، عقب انحيازها لدولة الاحتلال»، داعياً فرنسا لاستكمال جهودها السياسية الدولية، وأوضح أنّ تعريف القيادة الفلسطينية للسلام العادل هو ما ينهي الاحتلال، ويلبي تطلعات الشعب الفلسطيني ونضاله لأجل الحرية، وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، تكون عاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من (حزيران)، وعودة اللاجئين، مختتمًا أنّ «القيادة تمتلك خطة تحرك سياسية ودبلوماسية لتهيئة المسار الدولي الجديد، بالتزامن مع إنجاز المصالحة الفلسطينية التي تحصن البيت الفلسطيني الداخلي، وتنهي فصل الانقسام».