برغم عدم ممانعتها من بقاء الأسد كشرط مسبق للتفاوض
الصباح الجديد – متابعة:
حمل مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة اليكسي بورودافكين، أثناء مؤتمر صحفي عقده الجمعة الماضية، وفد المعارضة مسؤولية فشل المفاوضات التي عقدت الاسبوع الماضي في جنيف بشأن التسوية السورية، فقد شدد على أن: « المشكلة الأساسية تكمن في استمرار المعارضة بطرح شروط مسبقة على طاولة الحوار، لا سيما مطالبها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد «، مضيفاً ان: وفد المعارضة وصل إلى جنيف بـ( موقف لا يمكن وصفه بالتفاوضي )، مضيفا أن هذا المنهج للمعارضة يجعل من المستحيل مشاركة وفد الحكومة السورية في الحوار، و إن إنجاح المفاوضات يتطلب أولا إدراك المعارضة ومموليها ضرورة استبعاد مطالب كهذه من أجندتهم «.
ولم يبين بورودافكين السبب الذي دفعة الى وصف موقف المعارضة بغير التفاوضي، وتعمد غمز المعارضة بأنها متواطئة ضد النظام مع حكومات اخرى، وصفها بكلمة « مموليها «، كما ذكر ان من بين الشروط المسبقة التي تضعها المعارضة، رحيل الرئيس السوري بشار الاسد، في حين ان وفد المعارضة السورية استبعد هذا الأمر عندما ذهب الى المشاركة في المفاوضات، فقد اوردت صحيفة الغارديان البريطانية عن العضو البارز في وفد المعارضة بسمة قضماني، قولها إن:» على روسيا إظهار نيتها للحل السلمي، واستثمار نهاية عملياتها العسكرية من خلال بناء السلام « وأضافت قضماني أن:» المعارضة لا تريد خروج الأسد من الحكم كشرط مسبق للتفاوض، إلا أن رحيله يظل الهدف الرئيسي لها».
قضماني اكدت بنحو واضح ان دستورا جديدا لسوريا هو ما تطالب به المعارضة، اذ قالت إنها لا تستطيع التفكير بالكيفية التي سيتأهل فيها الأسد بصفته مرشحا شرعيا في الانتخابات الرئاسية، الا إن:» التركيز في المحادثات في هذا الأسبوع سيكون على الدستور الجديد وتنظيم الانتخابات لا مستقبل الأسد «.
مندوب روسيا الدائم الذي طالب وفد المعارضة بالامتناع عن وصف وفد الحكومة السورية ب «وفد النظام»، طالب ذلك الوفد بالحرص على التسوية السياسية بقوله:» ينبغي أن تؤكد المعارضة في بياناتها بكل وضوح عدم رؤيتها لأي حل عسكري في سوريا وحرصها على العمل على التسوية السياسية».
وعلى الرغم من ان هذا التصريح يتضمن املاء على المعارضة السورية يرضي روسيا، الا ان الغارديان اوردت ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال: «على الأطراف البدء في المحادثات مباشرة حول الدستور الجديد والتحضير للانتخابات»، لكنها اضافت ان الكثير من الدبلوماسيين الغربيين يشك في استعداد بوتين للضغط على الأسد والمشاركة في محادثات جدية».
التقرير الذي نشرته الغارديان قبيل انعقاد المحادثات نقل أمل المعارضة السورية في ان يتمكن الروس من المساعدة على التسوية السلمية، اذ قالت عضو المعارضة بسمة قضماني: «نفترض أن الجولة الجديدة من المحادثات هي أن روسيا مهتمة بالبحث والمساعدة في تسوية سلمية؛ لأنها أعلنت عن نهاية المواجهات العسكرية، وهي تريد في هذه المرة اتفاق سلام في سوريا حتى تدعي أنها ساعدت في العملية السلمية، لكنها بحاجة لشركاء شرعيين لتحقق هذا الأمر».
وأضافت: «نريد أن تضع روسيا بثقلها على الحكومة السورية، ولديها الوسائل للقيام بهذا الأمر، وهذه هي اللحظة الأفضل لتساعد روسيا على تسوية سياسية والبحث عن استراتيجية خروج».
وبين الشد والجذب بين الاطراف الثلاثة: وفد المعارضة ووفد النظام والروس، يرى مراقبون ان تسوية الازمة السورية سوف تستغرق آماد اطول سيما وان الاحداث تتجه صوب تعزيز الموقف الروسي وبقاء قوات روسية في سوريا على الرغم من اعلان بوتين سحبها، فقد شدد بورودافكين على أن:» موسكو تبقي عسكرييها في قاعدتي حميميم وطرطوس لمواصلة دعم السوريين في محاربة الإرهاب الدولي، وخاصة تنظيم جبهة النصرة «، معربا عن:» جاهزية موسكو لتقديم دعم عسكري للقوات السورية في حال ظهور خطر إرهابي جدي في أراضيها «.
اكثر من هذا، تتعقد الازمة السورية الان جراء تعدد طاولات المفاوضات وتنوعها حسب اهواء بعض اطرافها، فروسيا تواصل الحديث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عملية سلام منفصلة عن تلك التي ترعاها الأمم المتحدة، وقال مساعدو بوتين إنهم طرحوا فكرة مجلس سوري للحوار ينعقد في شباط في منتجع سوتشي، يمكن أن يؤدي إلى معارضة أكثر تمثيلا من تلك التي تتحاور في جنيف، وهذا ما تأكد على لسان مندوب روسيا الدائم في الامم المتحدة والذي اورد في المؤتمر الصحفي الذي اشرنا اليه، فلقد اكد ان هذا المجلس:» يهدف إلى إعطاء زخم إيجابي إلى مسار جنيف التفاوضي، مثل ما حققته مفاوضات أستانا «، وهذا ما لم يرض المعارضة السورية اذ قالت قضماني:» «إذا كانت قمة سوتشي ستدعم العملية السلمية للأمم المتحدة فيمكن التفكير بها، لكن لا يوجد بالمطلق وضوح حول ما يريد الروس تحقيقه»، ولم تكتف بهذا، لأنها حثت الغرب على عدم مغادرة العملية السلمية وتركها للروس، قائلة: «غالبية اللاجئين السوريين في أوروبا لن يعودوا طالما ظلت الظروف غير مناسبة «، في اشارة تناقض ما قاله الرئيس الروسي بوتين يوم الاثنين الماضي حين اعلن الانتصار على داعش عن استعادة سيادة سوريا لصفتها دولة، وعودة اللاجئين لبلادهم، وخلق الظروف لتسوية سياسة تحت رعاية الأمم المتحدة».
جدير بالذكر ان المراقبين الغربيين لطالما شككوا بمواقف الرئيس الروسي بوتين وتصريحاته وافعاله، فلقد سبق له ان اعلن سحب القوات الروسية من سوريا لمرتين ثم عاد فزاد من عددها.
اكثر من هذا، ذكر المراقبون ان بوتين يحضر للانتخابات الرئاسية في آذار المقبل وانه حريص على تصوير المهمة في سوريا على أنها نجاح، وأن قواته لم تقع في مستنقع الحرب.