عقيل العبود
في مكتبه، الرجل الوقور بتمعن تام راح يراجع قراءاته القديمة، أفكاره كانت تترى بطريقة متعاقبة، كانها تستجمع حكايات زمن مبعثر، حاول ان يصغي اليها كما خرير ماء يتدفق عند نهايات ينبوع قريب، المشاهد كما متوالية تختلف الوانها؛
اصر ان يعيش معها تلك المرأة التي فجأة توقفت عند بقايا مسافات متلكئة، لذلك أملاكه؛ شركة الاثاث، والبيت المطل على ضفاف بحيرة بعيدة، تماما تم الاتفاق على مصادرتها بتهمة اختلال القدرات العقلية.
القانون لا علاقة له بحياة الانسان، هو مجرد أوراق ومعاملات على اساسها يتم تقرير تلك القضية، اوتلك. والأحكام القطعية تعقبها قرارات، مع سبق الإصرار.
الزمن يتمطى متباطئاً معلناً عن اثقال نعاس تنتابه مشاهد يتعقبها الالم.
السيجارة التي امسك بها عند أطراف أصابعه المتعبة، تداعت، فتساقط رمادها وفقا لأبجدية رداء أتعبته المناسبات.
المرارة ذلك الشعور الذي بقي يبحث عن فرصة للتحدي، كان كما قطع صغيرة من الحجر، عالقة برغيف خبز بارد.
الواقع حركة يسكن اطيافها الوهم، يتدنى قريباً، ليمارس طقوس مودته المفاجئة.
القصة التي مشاهدها ما زالت عالقة في ذاكرته، أحداثها ما انفكت تترى، تنساب كما جريان نهر أعلن الان انتماءه الى تلك الضفاف.
النخلة كما عاشقة تمتلكها البراءة، وهنالك على ضفاف امتدادها، حكاية كوخ جدرانه مصنوعة من القصب.
الأفعى نابها ينتابه الصداع، الجدران تهرأت كما أثواب اصاب بعض أوصالها الحزن.
الرجل الكهل كان يبحث عن قبر منخور.
الكلاب أصداء، نباحها ما زال يملأ فضاءات البرية.
الجنازات التي تم الصلاة على أصحابها وصلت، لذلك الحضرة، تلك المنارات المطلة قبابها عند فضاءات تنتسب اليها انوار الملائكة، قررت ان تفتح ابوابها، لعلها تستقبل دعوات المصلين، تلك الدموع التي بين أهدابها احزان الفجر تهتف بين انفاسها سورة ياسين.
النهاية تشبه قماط طفل، صراخه ولد حديثاً معلناً عن أنباء بطولة مقبلة.
اما بغداد فما انفكت قافلة، حكايتها تستعين بأسراب قوافل بشرية لا علاقة لها بقضية الانتماء.
البحث عن السلطة تسبقه حركة قطعات عسكرية،
التداعيات فعل له امتدادات زمنية تبتدئ بحركة عقرب الثواني.
الماضي كان حاضراً، آما الحاضر فهو كما بذرة خلعت قماط طقوسها، لعلها تلك النخلة، كبرياؤهَا يفرض انفاسه.
المرأة العجوز، صراخها، العدسة عاجزة عن التقاط صورته؛
اما الحس فكيانات تلد من عمق هذا الوجود.