انتهت مدة الإعفاء ذات الستة أشهر
القدس ــ أ ب ف :
ازمة الموقف الأميركي بشأن القدس ليست وليدة اليوم وواجهت كل الرؤساء الاميركان الذين كان بينهم من أراد نقل السفارة الى القدس وتراجع عن ارادته، فيما كان بينهم من تجاوزها، وتعود هذه الأزمة الى بدايات القرن العشرين. فبعد الحرب العالمية الأولى، وضعت مدينة القدس تحت سيطرة الاستعمار البريطاني كجزء من انتدابها لفلسطين. وبعد تلميحات بريطانيا بنواياها الانسحاب في عام 1947، تبنت الجمعية العمومية للأمم المتحدة خطة لتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى دولتين عربية ويهودية مع إعلان القدس «جهة مستقلة تحت إدارة الأمم المتحدة».
لم يتم تنفيذ هذه الخطة. وبدلًا من ذلك، وفي نهاية الانتداب البريطاني في أيار 1948، أشار الزعماء الصهاينة إلى خطة الأمم المتحدة التقسيمية في إعلانهم قيام دولة إسرائيل. أدت حرب عام 1948 (التي أنتهت إلى نكبة الشعب الفلسطيني) إلى هدنة قسَّمت القدس إلى نصفين، مع احتلال القوات الإسرائيلية القسم الغربي وسيطرة القوات الأردنية على القسم الشرقي. تضمنت الأخيرة المدينة القديمة الأثرية في القدس، والتي تحتوي على مواقع ذات أهمية دينية كبيرة بالنسبة للديانات التوحيدية الثلاث (المسيحية، الإسلام واليهودية).
«عندما أعلنت إسرائيل استقلالها في عام 1948، اعترف الرئيس ترومان وبشكل فوري بالدولة الجديدة. ولكن لم تعترف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على أي جزء من القدس. كما لم تعترف بالسيادة الأردنية على الجزء الذي تسيطر عليه من المدينة. وفي نفس هذا العام، مررت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدعم من الولايات المتحدة قرارًا يشير إلى أن القدس ‘ينبغي أن تحصل على تعامل مميز ومنفصل عن باقي فلسطين‘.
وفي عام 1949، عندما أعلنت إسرائيل عن اجتماع افتتاحي لبرلمانها في القدس، رفضت إدارة ترومان إرسال ممثل عنها لأن «الولايات المتحدة لا يمكن أن تدعم أي ترتيب يتضمن شرعنة لتأسيس سيادة إسرائيلية على أجزاء من أراضي القدس».
«وفي عام 1967، احتلت إسرائيل كامل مدينة القدس. وضمن إجراءات الأمم المتحدة التي تلت ذلك، أشارت الأمم المتحدة إلى أن «السياسة القائمة لحكومة الولايات المتحدة: هي أن وضعية القدس… لا ينبغي تحديدها من جانب واحد بل بالتشاور مع كافة الجهات المعنية.
«وفي عام 1993، وبمساعدة الولايات المتحدة، وافق ممثلون عن إسرائيل والشعب الفلسطيني على وضعية القدس كقضية محورية ينبغي تحديدها بشكل ثنائي ضمن مفاوضات ثابتة. وبشكل متتالي، سعى كل من الرئيس جورج بوش والرئيس باراك أوباما لمساعدة الأطراف في صياغة مفاوضات في كافة القضايا البارزة، بما فيها وضعية القدس».
ومن جانبها، أعلنت إسرائيل عن «عاصمتها الموحدة والكاملة» في عام 1980، تعرضت لرد فعل قوي من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو ما شجع تلك البلاد أن تنقل سفاراتها من القدس الغربية إلى المدن الأخرى. واليوم، لا تمتلك أي دولة أجنبية سفارة لها في القدس، بالرغم من حفاظها ،من ضمنهم الولايات المتحدة ، على العديد من القنصليات المتفرقة أو منشئات أخرى هناك.
*قانون «سفارة القدس» في عام 1995
يعد قانون «سفارة القدس» لعام 1995 أقوى تعبيرٍ عن رغبة الكونغرس بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة. فقد أعلن القانون أنه «ينبغي الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل» وأنه «ينبغي تأسيس سفارة الولايات المتحدة في القدس في موعد أقصاه أيار 1999». ولضمان تنفيذ القانون، فرض الكونغرس عقوبات على الجهات التنفيذية في حال فشلت في اتخاذ مثل هذه القرارات ضمن الموعد المذكور. وبشكل محدد، يشير البند 3 (ب) من القانون:
*دبلوماسيون إسرائيليون سابقون لترامب «القدس عاصمة سيشعل المنطقة»
في رسال لغرينبلات: الولايات المتحدة لم تتجاهل أبدا حقيقة أن القدس هي بيت لمجموعتين قوميتين. وتصريح ترامب بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وتجاهل الأماني الفلسطينية بهذا الشان يعمقان عدم المساواة بين الطرفين، وتضر باحتمالات السلام لأجيال، وقد تشعل المنطقة
سيتم تعليق 50%، على الأكثر، من التمويل المخصص لوزارة الخارجية للسنة المالية 1999 من أجل «الاستحواذ وصيانة المباني في الخارج» إلى حين قيام وزارة الخارجية بإعلام الكونغرس أنه تم افتتاح السفارة الأميركية في القدس بشكل رسمي.
وإذا تم خرق ذلك، سوف يتم قطع تمويلات السنة المالية 1999 المخصصة لصيانة وبناء السفارات والقنصليات والمكاتب الخارجية الأخرى الأميركية إلى النصف، «إلا إذا تم» أو «حتى» افتتاح السفارة الأميركية في القدس.
ولكن إدارة كلينتون رفعت اعتراضات قوية خلال المناقشات التي حدثت على هذا القانون. ومن منظور إجرائي، كان يحدث الجدل بعد فترة وجيزة من الاحتفال بـ»اتفاقية طابة»، حيث كان الإسرائيليون والفلسطينيون قد اتفقوا للتو على ترتيبات حكومة مؤقتة للضفة الغربية وغزة.
كانت آمال الإدارة الأميركية مرتفعة لأن تؤدي هذه الخطوة إلى سلام دائم، وحاججت إدارة كلينتون أن «هذا التركيز على القدس السابق لأوانه» قد «يقوض المفاوضات ويعقِّد فرص السلام». كما أشارت إدارة كلينتون إلى أن البند 3 (ب) من القانون يناقض الدستور، مستشهدةً بمذكرة من مكتب الاستشارة التشريعي التابع لوزارة العدل أن «الدستور يضمن للرئيس وأجهزته التنفيذية أن يطبقوا العلاقات الدبلوماسية للدولة مع الدول الأخرى»، بما فيها قضايا الاعتراف.
وكاستجابة لهذه المخاوف ، ولتجنب الفيتو الرئاسي ، عدل الكونغرس هذا القانون ليتضمن تقديم تنازل، حيث نصَّ البند 7. القسم 7 (ب):
*شرعية الإعفاء:
ابتداءً من 1 تشرين الثاني 1998، يحق للرئيس تعليق المدة المحددة في البند 3 (ب) لمدة ستة أشهر، إذا قرر وأخبر الكونغرس مسبقًا بضرورة هذا التعليق لحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، فضلا يحق للرئيس مثل هذا التعليق لفترة لستة أشهر إضافية في نهاية أي فترة عندما يكون التعليق جاريًا في هذا البند، في حال حدد الرئيس وأعلم الكونغرس مسبقًا بالتعليق الإضافي وضرورته لحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.
واشارة الى ينبغي أن يتضمن التقرير تحت بندي (1) أو (2) بيان في قائمة المصالح التي تتأثر والتي يريد الرئيس التعليق من أجلها، ونقاش كيفية تأثير هذه التحديدات على المصالح.
فيما اشارة البند 7 (ب) في المقابل، إلى أنه في حين تم الإعفاء عن القيود المفروضة في البند 3 (ب)، ينبغي تطبيقها في السنة المالية التالية، إلا إذا كان هناك عام تنازلي آخر.
وتطرق البند التاريخ التشريعي للقانون أن رعاياه كانوا يمتلكون رؤىً مختلفة حول مدى تقديم الإعفاء. فخلال الجدالات، عبَّر بعض الرعاة للقانون عن فهمهم بأن البند 7 سيمكن الرئيس من «الإعفاء من القانون إذا كان له نتائج سلبية على عملية السلام» أو «توسيع التقييدات على منشآت وزارة الخارجية إذا اعتقد ضرورتها لحماية الأمن القومي ومصالح الولايات المتحدة».
في حين أكد آخرون أن القسم 7 «ينبغي أن يُقرأ ويفسَّر بشكل أضيق، باعتباره يقدم «مرونة… عند وجود حدث طارئ وتغير مفاجئ في الظروف المحيطة فقط»، وليس باعتباره يسمح «للرئيس بنقض التشريع ببساطة لمجرد رفضه للقانون».
وبغض النظر عن الغموض الذي يشوب مدى الإعفاء أو بسببه، مر قانون «سفارة القدس» المعدل عبر الكونغرس بدعم كبير وأصبح قانونًا بعد ذلك بفترة وجيزة. واستعملت إدارة كلينتون وبوش وأوباما البند 7 لتمديد نتائج عدم نقل السفارة، وهو أمر استمرت عليه إدارة ترامب حتى شهر حزيران/ يونيو الماضي.
*ما الذي تعنيه نهاية مدة الإعفاء؟
إن قرار تجديد الإعفاء سيحافظ على الوضع الراهن لستة أشهر إضافية على الأقل. ما من شيء سيوقف إدارة ترامب من التطوع للسعي بنقل السفارة الأميركية للقدس، ولكنها لن تُواجه بأي عقوبات قانونية إذا اختار فعل ذلك.
وفي المقابل، في حال سمح ترامب بإنهاء الإعفاء، فإن هذا سيعيد قرار الحد من التمويلات المقترحة في البند 3 (ب)، مما سيقلل من التمويل الذي يمكن أن تستخدمه وزارة الخارجية من أجل «الاستحواذ وصيانة المنشآت في الخارج» إلى النصف، إلا وحتى إصدار وزير الخارجية قرارًا وإعلامه للكونغرس بأنه تم افتتاح السفارة الأميركية في القدس. وبما أننا في السنة المالية 2018 حاليًا، فإن هذا التحديد سينطبق على التمويل المخصص للسنة المالية 2019 بناء على القسم 7 (ب) من القانون، والذي يبدأ في 1 تشرين الثاني 2019.