بين ذنون وبوذا ..!

يخيل الي ان ابناء مدينة الموصل سوف لن يكون بامكانهم بعد اليوم ان يسموا اطفالهم بتلك الاسماء المحببة الى نفوسهم مثل يونس وذنون وشيت وادريس ذات الدلالات الدينية والتاريخية التي يتميز بها الموصليون من دون غيرهم .. فالخلافة الداعشية التي حلت بارض نينوى , وبعد ان احلت انتهاك الاعراض ونهب الاموال ,وقتل الناس وتهجيرهم على اساس الحروف .. فحرف الـ(ن) على وفق المعجم الداعشي يرمز للنصرانية وحرف الـ(ر) يرمز للشيعة الروافض وحرف الـ(م) يرمز للسنة المرتدين !! وهؤلاء جميعا يجب ان يقتلوا ويصلبوا وتقطع ايديهم وارجلهم من خلاف !! بعد ان تسبى نساؤهم وتصادر اموالهم .. الامر الذي جعل البلد ازاء كارثة انسانية مرعبة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق نتيجة هول الاعداد من المهجرين النازحين من ارض الخلافة الداعشية .. وعلى الرغم من وجود حكومة ومجلس امة ورئاسة للجمهورية وحكومات محلية في المحافظات الا ان الخلافة الجديدة ماضية في تطبيق( تعاليم الدين الاسلامي الجديد) الذي لايمت لمحمد بأي صلة !! .. فهل حقاً ان داعشاً بهذه القوة الهائلة التي لايجرؤ احد على مواجهتها وانقاذ الناس من ويلاتها ؟؟ سؤال كبير لايجد اجابة شافية .. وعود على بدء والكلام عن يونس وشيت وادريس وذنون .. وبعد ان صدرت اوامر (الخليفة) بنسف الكنائس والاديرة التي تتميز بها محافظة نينوى فضلا عن الحسينيات والجوامع .. قرر الخليفة ازالة (مظاهر الشرك) في المحافظة والتي تتمثل باضرحة انبياء الله الذين شرفوا نينوى منذ الاف السنين وباتوا رموزاً لهذه المدينة فعندما يذكر يونس تذكر الموصل وكذا الحال بالنسبة لشيت وادريس.. كان مشهداً تفجير مرقد النبي يونس مشهداً يستفز المشاعر فاذا تجردنا من العامل الديني فغيرنا لايستطيع ان يتجرد من العامل الجمالي والارث التاريخي والحضاري لهذه الصروح العظيمة والمهمة فهي تمثل الوجه الجميل للمدينة بطرازها المتميز.. ولا اعتقد ان أي فكر ومهما كان مستوى انحطاطه وتخلفه ان يصل به الحال الى تدمير الحضارة والتاريخ والجمال بهذا النحو المتخلف .. ونحن نعرف ان الاسلام جاء مكملا ومتمماً لكل الديانات التي سبقته وان محمداً كان خاتماً للرسل والانبياء ومصدقاً لرسالاتهم بلا استثناء .. الا اذا كان هذا الفكر فكرا ظلامياً – وهو كذلك – لايؤمن بالحياة بل يسعى الى وأدها من دون رحمة .. وخطر هذا الفكر السوداوي سوف لن يتوقف عند نقطة معينة فالانباء تتحدث عن احتمال نسف منارة الحدباء التي ليس لها مثيل في العالم .. فهل سنبقى نتفرج كمن يشاهد لعبة الكترونية عبر جهاز (الاكس بوكس) ؟! ..
الكارثة الحقيقية بتقديري تتمثل بذلك الصمت العالمي المرعب ازاء ما يحدث في نينوى فاذا اعتبر العالم ان الدم العراقي ليس بذلك الدم الذي يستحق وقفة معينة او اعتبار الصراع الدائر هو صراع داخلي او انها (ثورة) كما يتحدث سياسيو داعش العراقيون والاعلام العربي المتدعدش .. فعلى العالم المتحضر ان ينتفض بوجه هذه الموجة المتخلفة التي تجتاح الموصل دماراً وتخريباً.. اين اليونسكو التي اقامت الدنيا ولم تقعدها يوم اقدمت عناصر طالبان عام 2001 بهدم تمثال لبوذا في افغانستان في حين نجدها تتحدث باستحياء عن الوضع في العراق مع الفارق بين بوذا الذي يرى البعض في شخصيته انها شخصية خرافية تدخل في اطار نظرية تناسخ الارواح من خلال ظهور دلاي لاما جديد باستمرار .. في حين ان يونس هو نبي مرسل من الله الى مائة الف او يزيدون وقد ورد ذكره ليس في القرآن وحسب انما حتى في العهدين القديم والجديد تحت اسم (يوناي بن امتاي) كما تشير الكثير من المصادر المعتبرة .. لاشك ان كارثة حقيقية حدثت في الموصل وستكون الكارثة اكبر لو استمر هذا السكوت وهذا التهاون على المستويين الداخلي والخارجي .

عبد الزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة