كشف عن تعاونه مع روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية
واشنطن ـ وكالات:
شهدت قضية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية تطورًا لافتًا، امس الاول الجمعة، مع توجيه القضاء تهمة الكذب على محققي مكتب التحقيقات الفدرالي ، إلى مستشار الأمن القومي السابق للرئيس دونالد ترامب، مايكل فلين، وإقراره بالذنب في هذه المسالة، والتحقيق واسع النطاق الذي يجريه المدعي العام روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016 والروابط المحتملة بين مقربين من ترامب وموسكو، يلقي بثقله منذ عدة أشهر على البيت الأبيض.
ومثل فلين مدير الاستخبارات العسكرية السابق امس الاول الجمعة أمام قاض في واشنطن حيث أقر بالذنب بتهمة الكذب على المحققين، ويأتي هذا التطور في لحظة حساسة جدا بالنسبة للبيت الأبيض، حيث يستعد ترامب وزعماء جمهوريين في الكونغرس لدفع خطة كبيرة لخفض الضرائب، ليصبح القرار غير مرحب به، في الوقت الذي يأمل فيه فريق الرئيس تركيز اهتمام الأميركيين على ما يقولونه وما يفعلونه من إنجازات في السنة الأولى من رئاسة ترامب، ولم يصدر البيت الأبيض أي تعليق على ما حدث امس الاول الجمعة واعتراف فلين بالذنب، وقال محامو فلين مؤخرا للفريق القانوني للرئيس، إنهم لم يعد بإمكانهم مناقشة التحقيقات التي أقر فيها فلين بالتعاون مع روسيا للنيابة العامة.
ويشكل هذا التحقيق معضلة خلال السنة الأولى لتولي ترامب منصب رئيس الولايات المتحدة، ويعد فلين رابع شخص كان مستشارا لترامب توجه له اتهامات بالتعاون مع روسيا، واتهم أيضا بإدلاء تصريحات كاذبة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، بشأن اثنين من المناقشات مع السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، سيرغي كيسلياك، وعقوبة الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي هي السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
وقال القاضي رودولف كونتريراس «اقبل اقرار فلين بالذنب» مضيفا «لن يكون هناك محاكمة»، واقر فلين بأن تصرفاته كانت «خاطئة» مؤكدا أنه وافق على التعاون مع القضاء، وكتب في بيان «اقر بأن الأفعال التي اعترفت بها اليوم أمام المحكمة تشكل خطأ فادحا» مضيفا أن «اعترافي بالذنب والموافقة على التعاون مع مكتب المدعي الخاص يعكسان قرارا اتخذته بما فيه افضل مصلحة لعائلتي وبلادنا»، وأضاف «اتحمل المسؤولية الكاملة عن تصرفاتي»، وفي احدى المحادثات التي عرضتها وثائق المحكمة، ناقش فلين مع السفير الروسي التصويت في مجلس الأمن الدولي بشأن إدانة بناء المستوطنات الإسرائيلية، وحينها كانت إدارة الرئيس باراك أوباما، تستعد للتصويت في مجلس الأمن بشأن هذه المسألة.
واطلع محققو مولر من خلال الشهود والوثائق التي طلبها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من فريق ترامب الانتقالي للضغط على دول أخرى لمساعدة إسرائيل، وفقا لما ذكره شخصان محاطان بالتحقيق، وقد علم المحققون أن فلين وصهر ترامب، جاريد كوشنر، أخذا زمام المبادرة في هذه الجهود، وفي مناقشة أخرى، وفقا لوثائق المحكمة، طلب فلين من كيسلياك أن تمتنع موسكو عن تصعيد الموقف، ردا على العقوبات التي أعلنتها إدارة أوباما في ذلك اليوم ضد روسيا بشأن تدخلها في الانتخابات الرئاسية.
وبدأ مكتب التحقيقات الفيدرالية التحقيق مع فلين بعد أربعة أيام من تولي الرئيس منصبه، كما أعربت الاستخبارات الأميركية عن قلقها بشأن تعاون فلين واتصاله بالسفير الروسي السيد كيسلياك، وخدم فلين في إدارة ترامب لمدة 24 يوما فقط، ومن ثم قدم استقالته في 13 شباط الماضي، بعد الكشف عن محادثته مع السفير الروسي، وبعد قبول استقالة فلين، أكد ترامب أن فلين كان شخصا جيد جدا، متهما وسائل الإعلام بمنح ما حدث أكبر من حجمه، وكان الجنرال السابق مستشارا للرئيس ترامب، وليس في الإدارة الأميركية حين حصلت الوقائع التي يتهم بها، وأصبح لاحقا ولبضعة أسابيع فقط مستشار الأمن القومي للرئيس، وسبق أن اتهم مولر في نهاية تشرين الاول اثنين من اعضاء فريق حملة ترامب هما مانافورت وريتشارد غيتس، أما الثالث جورج بابادوبولوس، فقد أقر بذنبه بانه كذب على محققي مكتب التحقيقات الفدرالي ووافق على التعاون مع المحققين.
وفلين المعروف بتسامحه مع روسيا ونهجه المتشدد ازاء التطرف الإسلامي، يعتبر شخصية أساسية في هذا التحقيق، وفي كانون الأول ، تم استبعاد نجله مايكل فلين جونيور من فريق ترامب بسبب ما نقله عن نظريات مؤامرة، وحتى قبل تعين ترامب لفلين كمستشار له، كانت هناك أسئلة تدور بشأنه ، حيث حضر حفل عشاء في العاصمة الروسية موسكو ليلة عيد الميلاد، وكان مع الرئيس لروسي فلاديمير بوتين على طاولة واحدة في عام 2015، وطوال الحملة الانتخابية كان معروفا أنه مؤيدا لروسيا، ويسعى للتعاون الوثيق بين البلدين، وكان فلين شخصية مثيرة للجدل في مجتمع الدفاع والاستخبارات قبل انضمامه إلى حملة تراكب، وكان رئيسا لوكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة لأوباما، ولكنه دوما ما اشتبك بشكل متكرر مع مسؤولي إدارة أوباما، وبعد أن غادر إدارة أوباما، شكل فريقا استشاريا أدى إلى إجراء تحريات عن الضغط المشكوك فيه على الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الحكومة التركية، والعلاقات التجارية الضبابية مع دول الشرق الأوسط، وتساءل المحققون بشأن علاقة فلين مع الحكومة التركية، حيث كشف بعد ذلك أنه حصل على مبلغ 500 ألف دولار من تركيا لتمثيل مصالحها في النزاع مع الولايات المتحدة.