نايف عبوش
خرج من قاعة المحاضرات مرهقا.. حزم ملابسه المتسخة في حقيبته، فاليوم الخميس نهاية الأسبوع، وعليه ان يستعجل النزول إلى مركز المدينة، ليلحق باص القرية الخشبي، قبل ان يغادر الكراج عائداً إلى القرية بعيد الظهر، وإلا فاته النزول إلى اهله.
صعد باص المصلحة الذي كان مزدحما بالركاب، لم يجد مقعدا خالياً يجلس عليه، كانت عيناه تنظران الركاب، فذلك رجل كبير السن اتكأ على كتف شاب جالس بجنبه، وتلك امرأة تحضن طفلها الذي ازعجها بكثرة بكائه، وذلك طالب يتأبط كتبه، ويمسك بيده الأخرى حافة المقعد بجنبه، وذلك الجابي يقطع التذاكر، وبالكاد يستطيع الحركة بين الركاب، اكتظ الزحام داخل باص المصلحة مع اقترابه من مركز المدينة.
امرأة ساقها التدافع بقربه، لا مجال لمساعدتها لتجلس، فالمقاعد مشغولة، تناول حقيبة كانت تحملها بيدها، كي يمنحها فرصة الإمساك بحافة المقعد بجانبها، وتمسك طفلها المتشبث بجلبابها بيدها الأخرى.
نهض من المقعد، واجلسها مكانه احتراماً لأنوثتها، وما ان وصل باص المصلحة محطته بمركز المدينة، حتى تهيأ للنزول، ناولها حقيبتها بعد ان شكرته على معروفه، غذ السير مسرعاً نحو زقاق مرآب الباص، ليجده قد تهيأ للمغادرة، أخذ مكانه في مؤخرة الباص الذي غص بالركاب، وهو يمني نفسه بالوصول السريع كي يتجول في ربوع القرية، ويتعلل هذه الليلة مع الربع.