جاء في كتاب (قصص العرب): كان للنعمان بن ثواب العبدي بنون ثلاثة: سعد، وسعيد، وساعدة، وكان ذا شرف وحكمة، يوصي بنيه، ويحملهم على ادبه.
أما أبنه سعد، فكان شجاعاً بطلاً من شياطين العرب، ولم تفته طلبته قط، ولم يفِرّ عن قرن.
وأما سعيد، فكان يشبه أباه في شرفه وسؤدده، وأما ساعدة، فكان صاحب شراب، وندامى، وإخوان، فلما رأى الشيخ حال بنيه، دعاهم كلٍ على حده، وأوصاهم بما يناسب توجهاتهم، فقال لابنه سعيد، وكان جواداً: يا بني لا يبخل الجواد، فابذل الطارف، والتلاد، وأقلل التلاح ( التشائم)، تذكر عند السماح، وابلُ إخوانك، فإن وفيّهم قليل، واصنع المعروف عند محتمله.
ثم أن أباهم النعمان توفي . فقال أبنه سعيد وكان جواداً سيداً: لآخذن بوصية أبي، ولأبْلُوَنّ إخواني وثقاتي، فعمد إلى كبش فذبحه، ثم وضعه في ناحية من خبائه، وغشاه ثوبا، ثم دعا بعض ثقاته، فقال: يا فلان إن أخاك من وفى لك بعهده، وحاطك برفده، ونصرك بوده، قال: صدقت. فهل حدث أمر؟
قال: نعم. إني قتلت فلاناً، وهو الذي تراه في ناحية الخباء، ولا بد من التعاون عليه، حتى يوارى.. فما عندك؟ فقال: يالها من سوأة وقعت فيها.
قال: إني أريد ان تعينني عليه حتى أغيبه.
قال: لست لك في هذا بصاحب، وتركه وخرج. فبعث إلى آخر من ثقاته، فأخبره بذلك، وسأله معونته، فرد عليه مثل ذلك. حتى بعث إلى عدد منهم. كلّهم يرد عليه مثل جواب الأول.
ثم بعث إلى رجل من إخوانه، يقال له خزيم بن نوفل، فلما أتاه، قال له: يا خزيم، مالي عندك؟
قال ما يسرك، وما ذاك ؟ قال: إني قتلت فلاناً، وهو الذي تراه مسجى
قال: أيسر خطب. فماذا تريد؟ قال: أريد أن تعينني حتى أغيبه. قال: هان ما فزعت فيه إلى أخيك، وكان غلام لسعيد قائماً بينهما، فقال خزيم: هل إطّلع على هذا الأمر أحدٌ غير غلامك هذا؟
قال: لا. قال أنظر ما تقول. قال: ما قلت إلا حقا، فأهوى خزيم إلى الغلام، فضربه بالسيف فقتله، وقال: ليس عبدٌ بأخٍ لك. فارتاع سعيد، وفزع لقتل غلامه.
وقال ويحك. ما صنعت؟ وجعل يلومه. فقال خزيم: إن أخاك من واساك. قال سعيد: فإني أردت تجربتك، ثم كشف له عن الكبش، وخبّره بما لقي من إخوانه وثقاته، وما ردّوا به عليه. فقال خزيم: سبق السيف العذل (اللوم).
سبق السيف العذل
التعليقات مغلقة