الموسيقي التونسي عبد الباسط عزوز: الفنان اليوم لم يعد بوقاً للنظام

هامش الحرية بعد الثورة فتح أبواباً لتحقيق بعض أحلامنا
أحلام يوسف:
تعددت مواهبه، وشكلت مع بعضها تحفة فنية موزاييكية، تحوي كل أنواع واشكال الفنون، من الموسيقى، الى الرسم، ومحاولات لكتابة الشعر، وكذلك القصة.
الفنان الموسيقي التونسي عبد الباسط عزوز، تحدث الى الصباح الجديد عن مشاريعه المستقبلية، بعد فسحة الحرية التي اخذوها عنوة وبشجاعة، ومن خلال لقاء قصير جمعنا به.
يقول عزوز: موهبتي الاساسية هي الموسيقى، التي رافقتني منذ طفولتي، حيث لفت انتباه المدرسيين حينها لكن، ولعدة ظروف مجتمعة، لم أستطع صقل الموهبة بالدراسة الاكاديمية، الا ان ذلك لم يمنعني من محاولة صقل موهبتي الموسيقية من خلال القراءة ومتابعة الحصص التلفزيونية التعليمية، وكونت لنفسي ثقافة موسيقية علمية، كنت استمع الى أنواع الموسيقى العالمية، واقارن وادرس التراكيب والفوارق الاحاسيس التي تميز كل، شعب.
حصل عزوز على اول عود عندما كان في البكالوريا، حيث وعدته والدته به، عند نجاحه: اشترت لي عودا من مصروفها، لأنها كانت ربة بيت، ولكنها كانت مؤمنة بي، فالفضل الاول لها، ثم لأخي الأكبر، بحكم علاقته هو الآخر بالفن، فهو رسام، وعاشق مجنون للموسيقى، وقد آمن بي ايضا، وكان لا يتردد في مدي بالكتب والتسجيلات، والمقالات، التي من شأنها ان توسع دائرة اطلاعي ومعرفتي بهذا العالم.
وعن السبب الذي منعه من دراسة الموسيقى فيما بعد يقول عزوز: طبعا الدراسة مطلوبة، لكن الموضوع لم يكن بقرار مني. فقد نشأت في مدينة من المدن الداخلية، المهمشة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، برغم انها غنية بالمواهب والطاقات، فلم يكن هناك كونسرفاتوار، وكنا ندرس الموسيقى في السنة الاولى والثانية ثانوي فقط، ويكون عمر الطالب ما بين ١٣ و١٤). لكني بقيت محتفظا، بتلك الكراريس والكتب لسنوات.
وتابع عزوز: اطاري العائلي كان محافظا برغم جودة الذوق، فوالدي لم يكن يسمح بدراسة الموسيقى، وكان يعتقد ان ذلك قد سيعيق مسار دراستي الأساسية، ثم وفي سن متقدمة، تشكل عندي وعي سياسي معين، وقرأت عن الفن من الناحية الفلسفية، والاجتماعية، واطلعت على تجارب بعض الفنانين أصحاب الرسالة، مثل الشيخ امام، ومارسيل خليفة، وفرقة الطريق العراقية، ومجموعات ملتزمة من فناني تونس، منها مجموعة البحث الموسيقي، ومجموعة الأرض، واصحاب الكلمة.
واضاف: عرفت ان الموسيقى ليست، فقط اصوات جميلة مطربة، بل هي ايضا رسالة، عندما قرأت عن فيكتور جارا، المغني الشيلي، الذي قطع بينوشيه اصابعه في ستاد رياضي امام الناس، عقابا له عن اغانيه الثورية قبل ان يعدمه، احسست بقيمة هذه الرسالة، سقت لك هذه الامثلة، لان الميدان الثقافي عموما في تونس بعهد الدكتاتورية، كان عبارة عن بوق دعاية للنظام، فان كنت مواليا للنظام وتوظف فنك في مدحه والتطبيل له، ستفتح لك الابواب، والا فإبق في مكانك.
وعن اول قصيدة شعر قام بتلحينها يقول عزوز: اذكر انني اول قطعة لحنتها كانت لنزار قباني، اسمها قصة خلافاتنا، واعدت الكرة مع بعض اشعار محمود درويش، وامل دنقل، وشاعرة كبيرة في مدينتنا اسمها فوزية العلوي، ثم انتقيت بعض ابيات من الشعر القديم، لأجرب القوالب القديمة كالموشح مثلا، ولي فيه وصلة كامله، ثم حاولت ان اكتب كلمات أغاني، وألحنها، أحب ان أجرب في كل شيء.
اما مشاريعه اليوم فيقول عزوز: الان لم يعد هناك ما يمنعني، لان اهم ما تحقق في ثورتنا هو هذا الهامش المحترم من الحرية، فالفنان أصبح حرا، ولم يعد بوقا للدعاية، ولكن كما تعرفين حضرتك، النوعية التي اميل اليها من الغناء، قد لا تروق الشباب، وهذا هاجس من هواجسي وتحدي: كيف نجلب الشباب الى الموسيقى المتقنة، من دون ان نزعجه بالقوالب الكلاسيكية الثقيلة، او البطيئة والمملة، هذا تحدي كبير لابد، ان يشتغل عليه كل الموسيقيين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة