الصحفي و.. اللوندري !

( الصحفي الجدير بهذا الاسم، يأخذ على عاتقه تبعة كل كتاباته حتى لو كانت لا تحمل اسمه الصريح، فيعد الطعن والتشهير والقذف والاتهامات التي لادليل عليها، من أشنع جرائم أخطاء المهنة، وعليه أن لا يقبل إلا المهمات والواجبات التي تتفق مع كرامة المهنة، ويمتنع عن ادعاء لقب أو انتحال صفة ليحصل على الخبر الصحفي، ولا يسمح بأن يكون عرضة للاستغلال من أية جهة كانت، وأن لا يرتكب سرقة أدبية (لطش)، ولا يسعى الى الاستحواذ على مركز زميل له أو يتقدم للعمل بشروط أدنى تؤدي الى أزاحة ذلك الزميل من عمله..!، والحفاظ على أسرار المهنة, وأن لا يسيء استعمال حرية الصحافة بقصد مغرض) !)
اقتطعت هذا النص من (قانون نقابة الصحفيين الفرنسيين) الذي يشير الى الشروط والمعايير والمبادئ التي تعتمدها النقابة في الذين يعملون تحت مظلتها بصفة (صحفي) وما يجب أن يتحلى به كل من ينخرط ويتشرف بهذه المهنة…، وهذا ما يدعونا الى وقفة جادة مع أنفسنا ونحن نطالع هذا النص، ونتساءل نحن معشر الصحفيين والإعلاميين في عصر الحرية والديمقراطية.. من منا يدرك قيمة ماورد آنفاً..؟ وما حجم وجسامة المسؤوليات الأخلاقية والاجتماعية والتاريخية والمهنية التي يتحملها من اختار بإرادته (مهنة المتاعب )..؟
بعد الانفتاح وأجواء الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير غير المسبوقة في العراق والمنطقة، استبشرنا خيراً بـ (التخمة) التي أصابت القارئ بسبب الكم الهائل من المطبوعات التي أغدقت عليه أكثر من مواد الحصة التموينية وساعات تجهيز الكهرباء الوطنية !
صحف ومجلات تحيط به من كل جانب، تحمل الغث والسمين، فيها ما يهدي وما يُضل، ما يجمع وما يفرق، ما يقرِّب وما يبَّعد، مايحبِّب وما يكرِّه.. ما يعطي وما يبتز، منها ما يدار من قبل أهل الصنعة والكار، وأخرى من قبل من لا علاقة له بها..!!
منها من يتشوق إليها المثقفون والقراء، ومنها من يتشوق إليها أصحاب اللوندريات
“الأُوتجي ” وباعة (حب عين الشمس ) !
حرية الصحافة والرأي يجب أن تقترن بالمسؤولية وإلا قد تغري بتحريف الأخبار وقلب الحقائق والتشويش على المتلقي وتنتهك حقوق الأفراد والمجتمع على حد سواء ، وفي هذا الصدد يقول والتر ليبرمان وهو من أشهر صحفيي الولايات المتحدة: «إن جمهوريتنا وصحافتها سوف تنهضان أو تنهاران معاً، فالصحافة القديرة والنزيهة (المتجّردة)، التي تهتم بالصالح العام، والمتمتعة بعقول ذكية مُدرَّبة لمعرفة ما هو صائب، و تملك الشجاعة لتحقيقه، بإمكانها المحافظة على تلك الفضائل العامة التي من دونها تكون الحكومة الشعبية التمثيلية صورية، ومدعاة للسخرية، فالصحافة المتهكمة التي تشكك في الفضائل البشرية، سوف تُنتج مع الوقت شعباً خسيساً مثلها، وسلطة صياغة مستقبل المجتمع الحر ستكون في أيدي صحفيي الأجيال المقبلة
وأنا في طريقي الى مغادرة قاعة الاحتفال الخاصة بالعيد الوطني للصحافة ، وبعد أن شاهد ماشاهد (السائق) خليل أبومحمد زميل له في المهنة أصبح رئيساً لتحريرصحيفة فضائية ،التفت الي ..و بادرني قائلاً :(أستاذ يرحم والديك.. تره السياقة تعبتني.. شتكول أتركها وأشتغل صحفي ؟
أبتسمت وتداركت الموقف وقلت له “عزيزي أبو محمد ..اذا أنتم يامعشر السواق أشتغلتم بالصحافة .. اكيد لو ترفعون الأجرة لو تشتغلون بنظام العداد ” !

ضوء
هناك من يعتقد أن الصحافة هي أقصر الطرق للأبتزاز والمساومة والشهرة!
عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة