في محاولة لوضع حد للغموض والتساؤلات بـ»وجوده « في الرياض
متابعة ـ الصباح الجديد:
أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري امس الاول الأحد أنه سيعود «قريبا جداً» إلى لبنان في محاولة منه لوضع حد للغموض والتساؤلات التي تحيط بظروف وجوده في السعودية، التي قدم منها استقالته قبل أسبوع.
وفي مقابلة هي الأولى له منذ إعلان استقالته المفاجئة في الرابع من تشرين الثني ، قال الحريري (47 عاماً) انه «حر» في تحركاته في المملكة، بعدما كانت الرئاسة اللبنانية تحدثت عن «حد» من حريته في السعودية.
وشدد الحريري على ان أهم اسباب استقالته، هو عدم احترام سياسة النأي بالنفس في لبنان، مشيراً إلى أن التراجع عن الاستقالة مرتبط بتوقف حزب الله عن التدخل في الصراعات القائمة في المنطقة.
وفي المقابلة التي أجرتها قناة المستقبل اللبنانية من منزله في الرياض، قال الحريري «سأعود الى لبنان قريباً جداً لأقوم بالاجراءات الدستورية اللازمة».
وأعتبر الحريري انه «كان من الأفضل» تقديم الاستقالة في لبنان لكن «كان هناك خطر» وضرورة لاتخاذ إجراءات امنية محددة. وهو الذي كان قال في خطاب استقالته انه لمس أجواء «لاستهداف» حياته.
وأكد الحريري «عودتي ستكون قريبة جداً، يومان أو ثلاثة»، مضيفاً «أنا حر هنا واذا رغبت بالسفر غداً ساسافر».
ومنذ اعلانه الاستقالة يتم التداول بشائعات وسيناريوهات متعددة حول وجوده في «الاقامة الجبرية» أو توقيفه، ما دفع اطرافاً خارجية الى التعبير عن القلق.
ولم تمنع لقاءات عدة اجراها الحريري في السعودية التساؤلات حول حرية حركته. وعمت التساؤلات والشائعات الشارع اللبناني حول مصيره، واتهم حزب الله السعودية بكتابة نص الاستقالة وبـ «اجباره» عليها.
وقبل ساعات من مقابلة الحريري، أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون ان الظروف التي يعيشها الحريري «تحد» من حريته، معتبراً أن «كل ما صدر وسيصدر عن الرئيس الحريري من مواقف او ما سينسب اليه، موضع شكّ وإلتباس ولا يمكن الركون اليه او اعتباره مواقف صادرة بملء ارادة رئيس الحكومة».
ولم يقبل عون، الذي يجري منذ اسبوع اتصالات ومشاورات محلية ودولية، حتى الآن استقالة الحريري، على اعتبار أنه ينتظر عودته لاستيضاح الأسباب، ويبني بالتالي «على الشيء مقتضاه».
وتناقلت وسائل اعلام لبنانية وأجنبية عدة خلال الأيام الماضية روايات مختلفة حول طلب السعودية من الحريري الاستقالة.
وفي تشرين الأول 2016، كُلف الحريري، المولود في السعودية، رئاسة الحكومة بموجب تسوية سياسية أتت بحليف حزب الله الأبرز ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية بعد عامين ونصف عام من الفراغ الرئاسي.
ومنذ التسوية التي اوصلته إلى سدة رئاسة الوزراء وتشكيله الحكومة في أواخر 2016، شهد لبنان هدوء سياسياً نسبياً.
لكن الحريري قال انه طوال الفترة الماضية لم تطبق سياسة النأي بالنفس التي اتفق عليها الأفرقاء اللبنانيون، وهذا ما دفعه الى الاستقالة، منتقداً الدور الذي يلعبه حزب الله في نزاعات مختلفة في المنطقة على رأسها سوريا واليمن.
وقال الحريري «النأي بالنفس هو الأساس لمصلحة لبنان»، متسائلاً «خلال تجربتنا، هل حدث نأي بالنفس فعلياً (…) الجواب كلا».
وربط الحريري في المقابلة تراجعه عن الاستقالة «باحترام النأي بالنفس والابتعاد عن التدخلات التي تحدث في المنطقة».
وقال «نريد تسوية حقيقية ونهائية (…) النأي بالنفس يعني النأي بالنفس، تسوية نهائية حقيقة مع حزب الله في الموضوع الاقليمي»، مضيفاً «قد يكون هناك صراع اقيليمي بين الدول العربية وايران، ونحن دولة صغيرة، لماذا نضع أنفسنا في النصف؟».
ويُعد الحريري حليفاً للرياض التي كانت تقدم المساعدات على نطاق واسع للبنان لدعم موقف حلفائها.
ويتلقى حزب الله دعماً سياسياً وعسكرياً كبيراً من إيران، وهما يساندان النظام السوري في الحرب الدائرة على أرضه. ورفض الحريري على الدوام مشاركة حزب الله عسكريا في الحرب السورية.
وبدا الحريري في تصريحاته الجديدة أقل حدّة مما كان عليه اثناء تلاوته بيان الاستقالة الذي اتهم فيه إيران بـ»زرع الفتن» وحزب الله بـ»فرض امر واقع».
وشهدت الاسابيع الاخيرة تصعيداً كلامياً شديداً بين الرياض وطهران على خلفية نزاعات المنطقة التي يدعمان فيها اطرافاً متناقضة، من اليمن الى البحرين وسوريا.
وشكلت استقالة الحريري من السعودية مؤشراً إلى فتح فصل جديد من الحرب الباردة بين الرياض وطهران على الساحة اللبنانية.
وقال الحريري «لا يمكن أن نكمل في لبنان بطريقة التدخل الخارجي بكل هذه الدول العربية ويكون هناك فريق سياسي يتدخل معها».
لكنه شدد على ان «استقرار لبنان واقتصاده وحريته امور اساسية للسعودية».
وأكد ان علاقته بولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان «ممتازة»، وذلك ردا على المعلومات حول الحد من حرية تحركه في المملكة.
وقال ان العلاقة مع ولي العهد «ممتازة ومميزة» واللقاءات معه «كانت أكثر من ودية»، مضيفاً «انا اعتبره اخا لي، وهو يعتبرني اخا له». ودعا الجميع الى «عدم محاولة التدخل» بهذه العلاقة.
وتسارعت الشائعات على مر الأيام الماضية حول وضع الحريري في السعودية، لا سيما انها ترافقت مع حملة توقيفات شملت شخصيات سعودية معروفة وامراء.