الجريمة السياسية وقانون هيئة دعاوى الملكية

برغم مرور اكثر من 10 سنوات على تشريع قانون هيئة دعاوى الملكية، الا ان محاكم البداءة مازالت تستقبل الى اليوم دعاوى مقامة على وزارة المالية، استنادا لقانون هيئة دعاوى الملكية للمطالبة بالتعويض او ابطال قيد العقارات المصادرة او المحجوزة التي انتزعت ملكيتها خلافا للقانون. احدى الحالات التي تواجه المحاكم، تتمثل بمطالبة الدولة، بتعويض نقدي، لكون ان النظام السابق، قام بإعدام منتسبين في الجيش السابق، استنادا لأحكام المادة 156 من قانون العقوبات النافذ، واستتبع قرار الاعدام، الحكم بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للمعدوم. فيتم رفع دعوى قضائية على اعتبار ان الاعدام هنا، تم لدوافع سياسية وبالتالي تكون مشمولة بالمادة 3 أولا من قانون رقم 13 لسنة 2010 التي تنص: تسري احكام هذا القانون على العقارات المصادرة والمحجوزة والتي انتزعت ملكيتها لأسباب سياسية او عرقية او دينية او مذهبية.
فالحالة المشار اليها في اعلاه هي لأسباب سياسية. والحقيقة ان المادة 156 جاءت ضمن الباب الأول الذي شمل الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي حيث نصت: يعاقب بالاعدام من ارتكب عمدا، فعلا بقصد المساس باستقلال البلاد او وحدتها او سلامة اراضيها وكان الفعل من شأنه او يؤدي الى ذلك.
وبالعودة الى نص المادة 21 أولا التي استثنت الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي من وصف الجريمة السياسية وبالتالي، فتعتبر الجريمة التي تنطبق عليها احكام المادة 156 جريمة اعتيادية وليست سياسية. المادة 21 عرفت الجريمة السياسية: هي الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي او تقع على الحقوق السياسية العامة او الفردية وفيما عدا ذلك تعد الجريمة عادية. فحتى الجريمة السياسية لا تعتبر سببا سياسيا حتى يبنى عليها الحكم بالشمول بقانون هيئة دعاوى الملكية. ثم ان قانون مؤسسة الشهداء رقم 3 لسنة 2006، عرف الشهيد على انه: كل مواطن فقد حياته بسبب معارضته للنظام البائد في الرأي او المعتقد او الانتماء السياسي او تعاطفه مع معارضيه او مساعدته لهم بفعل من افعال النظام بنحو مباشر.. برغم ان التطبيقات القضائية الكثيرة على القانون، سواء عندما كانت اللجان القضائية المشكلة في هيئة دعاوى الملكية او في محكمة البداءة بعد حل تلك اللجان، مازال هناك غموض وعدم وضوح في بعض فقرات القانون، وهذا ما سبب شمول فئات كثيرة بالقانون.
القانون مازال يطبق والمحاكم تستقبل عشرات الدعاوى التي تطالب الحكومة بالتعويض، وهذا ما يتطلب وجود دراسات قانونية رصينة، وأرضية قانونية، تستند اليها المحاكم في اصدار الأحكام، ذلك ان النصوص القانونية الموجودة، لا يمكنها ان تفي بالغرض. القانون الذي كلف خزينة الدولة مبالغ طائلة، لابد ان يكون عرضة للمراجعة والتعديل، بما يضمن حقوق الدولة وحقوق المواطن على السواء.
سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة