خطط الحداثة التكنولوجية السعودية مشاريع عملاقة لا تخلو من المخاطر

في محاولة لتنويع مواردها في ظل هبوط أسعار النفط
الرياض – ا ف ب:

أذهلت السعودية المستثمرين بخطط مشاريعها المعتمدة على التكنولوجيا المتطورة، إلا أن المشككين يطرحون تساؤلات بشأن مدى واقعيتها في حقبة تشهد انخفاضا في أسعار النفط.
وكشفت السعودية عن خطط لإقامة منطقة اقتصادية ضخمة أطلق عليها اسم «نيوم» ووصفت بأنها ستكون «سيليكون فالي» على المستوى الإقليمي إضافة إلى مدينة ترفيهية في الرياض على غرار «والت ديزني» ومشروع لتحويل جزر في البحر الأحمر إلى منتجعات فخمة.
وعرضت مخططات المشاريع على 3500 من مدراء الشركات خلال «مبادرة مستقبل الاستثمار» التي وصفت بأنها «دافوس الصحراء» وسعت إلى تصوير المملكة المنغلقة على نفسها بصفتها وجهة للأعمال التجارية ، ولكن تساؤلات جدية تطرح بشأن قدرة السعودية على تنفيذ مشاريع من هذا النوع، الممولة جزئيا من صندوق ثروتها السيادي، في وقت تحاول جاهدة تنويع اقتصادها في ظل هبوط أسعار النفط.
وأفادت مجموعة «يوراسيا غروب» للاستشارات أن «المبادرة طموحة أكثر مما يجب وتنطوي على مخاطر هائلة لجهة التنفيذ ولن تساعد على التعامل بشكل فاعل مع تحديات التوظيف» ، وأضافت أن «عرض السعودية المستمر مبادرات وخططا استثمارية جديدة يعطي انطباعا بوجود ديناميكية ، ولكن الحكومة ليست لديها القدرة على تنفيذ عدة برامج طموحة في الوقت نفسه».
وقد تمثل المشاريع غير المسبوقة لجهة حجمها ومدى طموحها أعباء تمويلية في وقت تواجه الحكومة عجزا كبيرا في ميزانيتها فيما توقف تقريبا النمو في اقتصاد المملكة غير النفطي.
وأكد آلان لوي من «أميريكان بزنس غروب» أو (مجموعة الأعمال الأميركية) في الرياض أن الصورة المستقبلية «ضبابية». وقال لوكالة فرانس برس «لم نر شيئا كهذا من قبل. علينا الانتظار لرؤية» إلى أين ستؤول المشاريع.
والمشاريع التي تبلغ كلفتها مئات مليارات الدولارات هي من بنات أفكار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي برز كرائد لقيادة المملكة نحو توجهات أكثر ليبرالية ومهندس برنامج «رؤية 2030» الإصلاحي واسع النطاق.
وفي محاولته عرض التغيير الذي يتطلع إليه، حمل هاتفا قديما من طراز «نوكيا» بيد وآخر حديثا من طراز «آيفون» في اليد الأخرى خلال قمة مبادرة مستقبل الاستثمار، في مقاربة تلقى صدى لدى جيل الشباب المهووس بالتقنيات الحديثة ، وفيما يسعى إلى كسب دعم أوساط شباب المملكة، إلا أنه يواجه تحديا حقيقيا في إقناع الشعب بأن إصلاحاته ستؤدي إلى خلق فرص عمل في ظل انتشار البطالة.
وستكون «نيوم» ومعناها «مستقبل جديد» (اذ تجمع ما بين كلمة نيو اليونانية ومعناها جديد وكلمة مستقبل العربية) وتبلغ كلفتها 500 مليار دولار، مركزا للتكنولوجيا الحيوية والرقمية على مساحة 26500 كلم مربع في منطقة مقابلة لمصر والأردن.
وأظهر الفيديو الترويجي للمشروع نساء يركضن بملابس رياضية تكشف بطونهن ويعملن إلى جانب الرجال في مختبرات، في صورة مناقضة للوضع الحالي حيث يفرض على النساء ارتداء العباءات ويحظر عليهن مخالطة الرجال.
وأوضح أن الروبوتات ستسير اقتصاد خدمات المشروع. وفي بادرة تجسد هذا الطموح، منحت السعودية هذا الأسبوع الجنسية لروبوت اسمها «صوفيا»، ولكن شركة «كابيتال ايكونوميكس» للأبحاث أشارت إلى «ضعف» قدرة المملكة على تنفيذ مشاريع كبيرة الحجم من هذا النوع ، إلا أن المدافعين عن هذه المشاريع يؤكدون أن الوضع مختلف هذا المرة حيث يشرف وليه العهد الشاب الإصلاحي، الذي بات يمتلك نفوذا واسعا، مباشرة على المشاريع.
وقال الأمير محمد إن القطاع الخاص سيصوغ الإطار التنظيمي لمدينة «نيوم» للتشجيع على الاستثمار، على خلاف مشاريع سابقة لطالما غرقت في البيروقراطية ، فيما قال الرئيس التنفيذي لشركة سعودية طلب عدم الكشف عن اسمه إن «السعودية اليوم أمام معضلة الدجاجة والبيضة».
وأوضح لوكالة فرانس برس «ما الذي يأتي أولا؟ بالنسبة لنا، إنها الدجاجة،» التي تعني بالنسبة إليه إيجاد البيئة القانونية المناسبة المنظمة للاستثمار ، وسيكون صندوق الاستثمارات العامة في المملكة، الذي يسعى إلى مضاعفة أصوله إلى نحو 400 مليار دولار بحلول العام 2020، المستثمر الرئيسي في المشاريع.
وتعهد مستفيدون من الصندوق من القطاع الخاص مثل الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون بالاستثمار إلا أنه لا يزال ينتظر أن يقدم آخرون التزامات ملموسة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة