شاناز ابراهيم أحمد
الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة أصابتني بخيبة أمل.. فقد كنت أتوقع بأن الكارثة التي حلت بشعبي، والتراجع والإنكسار الذي حدث في عموم كردستان سيدفع بالمسؤولين عنها أن يوجهوا رصاصة الى رؤوسهم ليتخلصوا من هذا العار الذي ألحقوه بشعبهم وبقدسية إسم البيشمركة. أو في الأقل يتحلوا بشيء من الشجاعة والمروءة ليغادروا المشهد السياسي ويقدموا إستقالاتهم.. ولكننا لم نشهد شيئا من هذا القبيل، بل على النقيض تماما، فهؤلاء الذين تسببوا بالكارثة خرجوا علينا مرة أخرى وكأن شيئا لم يحصل،وكأنهم ليسوا معنيين بما حدث ولا بتداعيات مابعد الكارثة. وبدوا وكأنهم لم يتلقوا تحذيرات وتهديدات عن نتائج ما هم مقبلون عليه ولا ببدائل الإستفتاء المشؤوم المطروحة عليهم للخروج من المأزق الذي زجوا شعبهم فيه.
هم قيادات النخبة السياسية نفسها الذين قادونا منذ أكثر من خمس سنوات من أزمة الى أزمة، ومن كارثة الى كارثة أخرى حتى أعادونا عشرات السنين الى الوراء وفرطوا بدماء آلاف الشهداء الذين ضحوا لأجل قضيتهم العادلة، وأنا على يقين بأننا إذا تغاضينا عما فعلوه بنا، فإنهم سوف يستمرون في غيهم وطغيانهم وسيفعلون بنا أسوأ مما فعلوه.
لم يعد يهمني ولاغيري من أبناء شعبي كيف توزعت الأدوار، وأين ستنتشر القوات العسكرية، وأية رقعة جغرافية خسرناها، ولا من يقاوم أو يجيش الجيوش ويطلق المدافع، فكان الأجدر أن لايحصل ما حصل، والآن خرجت الأمور من تحت أيدينا، فمهما قاومنا وحاربنا فإن الأمور سوف لن ترجع الى ماكانت عليه سابقا. المهم هو كيف نحافظ على قدسية إسم البيشمركة ونحمي أرواح مواطنينا ونحقق لهم الأمن والأمان وكيف نخرج من هذه المحنة برؤوس مرفوعة وبأقل الخسائر..
أعتقد بأن ما نريده لن يتحقق على أيدي هؤلاء الذين صنعوا هذه الأحداث بغرورهم وبالترفع على الوطن والشعب ومكتسباته، وعليه فإن المسؤولية تقع اليوم على عاتق كل فرد منا بإختلاف الإنتماءات الحزبية، يجب علينا أن لاندع مسعود البارزاني يتفاخر ويتباهى بمنصبه الرئاسي ويقودنا ثانية نحو مستقبل مجهول، نحن من يجب علينا أن نرغمه على المغادرة والإستقالة، ونحن من يتوجب عليه أن يدعو الى محاكمة كل الذين تسببوا بكارثة تشريد مواطنينا في كركوك وطوزخورماتو وخانقين وآلتون كوبري ومخمور وشنكال الخ..نحن جميعا مسؤولون عن ذلك بإختلاف إنتماءاتنا الحزبية و توجهاتنا السياسية.
فعلى صعيد الإتحاد الوطني يجب على جميع أعضائه أن يمارسوا دورهم بالضغط على القيادات التي باعت نفسها وحزبها ويرغمونهم للمغادرة الى بيوتهم حتى يخففوا من الآلام التي تجرعناها خلال الفترة الأخيرة، وأن يعملوا لإستعادة مكانة الإتحاد الوطني الى تلك المرحلة التي كان الإتحاد فيها بعز مجده وتألقه في ظل قيادة مام جلال، وأن يعمل الجميع من أجل الإسراع بعقد المؤتمر الحزبي لإنقاذ الإتحاد الوطني من التبعية والإستسلام لإرادة الآخرين.
ومن أجل الحفاظ على كرامة شعبنا يجب أن لانسمح لهذه القيادة السياسية الفاشلة وعديمة الخبرة بكردستان أن تمثلنا مرة أخرى في أية مفاوضات قادمة ببغداد، فالشعب في ظل هذه المحنة يحتاج الى قيادات مخلصة وواعية بالمسؤولية، وليس الى أناس باعوا ضمائرهم وإسترخصوا دماء وتضحيات وكرامة شعبهم، وأذلوا أنفسهم وحزبهم أمام سلطة مسعود البارزاني، فهؤلاء ليسوا مستعدين على الرغم من كل ما حصل أن يعترفوا بذنوبهم ويتحملوا بشجاعة مسؤوليتهم في مثل هذه الظروف، وأنا على يقين بأنه إذا ظل هؤلاء يقودون حزبنا فإن أوضاعه لن تتغير بل ستسير من سيء الى أسوأ.
وفي الختام أقول وأكرر بأنه مادامت الأحزاب السياسية تكمن الواحدة ضد الأخرى، وما دام عشاق الكراسي ومهندسو الإعمار الفاشلين والجنرالات المزيفة يبقون في مناصبهم، فإن شعبنا لن يعيش بسلام، ولذلك فإننا إذا سكتنا عن هذه الضريبة الباهضة التي دفعناها من أجل كرسي شخص واحد، فإننا سنكون أسوأ منهم ..
إن سكتنا عنهم.. فنحن أسوأ منهم
التعليقات مغلقة