«كاباريهت».. رواية جديدة لحازم كمال الدين

عمان – الصباح الجديد:

صدرت حديثاً عن دار «فضاءات» في عمان، الرواية الثالثة للفنان والكاتب حازم كمال الدين تحت عنوان «كاباريهت». تتناول الرواية شخصية امرأة عراقية يُختطف زوجها في بغداد من جهة مجهولة وما يترتب على ذلك الاختطاف. كتب عنها الناقد ياسين النصير:هذه الرواية، هذا النص الروائي لا يكتبه إلا حازم كمال الدين، رجل المسرح الخبير بتمارين الذاكرة والجسد، والممعن حد الهوس بكتابة نصوص مغايرة للسياق. هذه المرة يرسي حازم قلمه على أرض العراق، وعبر سفرات عديدة – كاد أن يقتل في احداها- يرصد لنا المتغيّرات عبر انزياح صورة الواقع اليوميّة المأساوية لتصبح صورة فنيّة أبلغ بكثير من صور الواقع، ها هو يمزج بين سردية ممسرحة على أرض بغداد القديمة والحديثة، وتطلعات ممعنة بالكاريكترية الساخرة عن مستقبل العراق، ومن خلال شخصيات تجمع هي الأخرى بين داليا السندباد وداليا علاء الدين، وداليا الزوج المختطف، هذه الذكورية والأنثوية تتشرب جميع تفاصل الرواية، لتغطي الألسن والأزياء والأتربة والرياح والإشاعات، فبغداد لا تمسك بلغة واحدة، فالكلّ يعيش ضمن ثنائية الذكورة/الأنوثة، مثل هذه الثنائية الطائرة في سماوات بغداد ومعاركها، يقلّب حازم كمال الدين بغداد الحاضرة الغائبة عبر وضعية ما يحدث في الواقع باسلوب فنطازي ساخر، وبطريقة ممسرحة يمكن أن تبدّل الشخصيات مكياجها في كلّ مشهد فلا يهمّ أن تكون واقعية ترى ما يحدث أو متخيلة ما سيحدث، فالممكنات قائمة في كلّ نقطة تفتيش وساتر وحاجز، وعبر مشهد «تمثيل» للواقع عبرالرسم، نرى بغداد وما يحدث فيها مرئية بعيون وأقلام وألوان مجموعة من الفنانين المؤجرين لتدوين خرائب الدمار. لايهمّ أن تتبع شخصية داليا التي اختطف زوجها، أو أن تعيش معها وهي تتنقل بين ممالك الطوائف وحصونها المسيّجة بالدين والكونكريت، فالرواية مجسّ حاد لخربشة كلّ الصورة القديمة التي خرجنا بها قبل التدمير واحتفظنا بها في الذاكرة، وعند أية عودة للعراق، نجد أن يداً شيطانية تعمّدت تخريب تلك الصور المختزنة بالذاكرة العراقيّة المهاجرة، أما الذاكرة العراقيّة التي عاشت وتعيش المآسي المركبة فقد مُحيت بممحاة الحروب والطوائف والفساد. شيء ما يحدث كما لو كنّا في فلم سينمائي غريب، لا بأس من أن نعثر بين حين وحين آخر عبر السرد على نتف من مدينتنا، فالخراب لايمكن تعميره إذا كانت النفوس خربة، ومثل هذه الحكاية جديرة بأن تقرأ لتضيف عليها فهي نصّ مفتوح وما عمله حازم هو أن فتح لنا باب الدخول لقراءة نصّ بغداد المفتوح والذي يجعل أي قارئ للرواية غير مكتف بما يقرأه سيضيف الكثير وسيغيّر الكثير فما زالت بغداد حبلى كما يقول النصّ بالمحتملات وما كتبه حازم كمال الدين إلا جملة استهلالية واخزة وغامضة للدخول إلى نصّ العراق الكبير، رواية تقرأ.

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة