الفنان سعدي يونس وجلجامش في أمسية المقهى الثقافي في لندن

لندن – ابتسام يوسف الطاهر:
حلّ د.سعدي يونس بحري الممثل، والمخرج، والشاعر، ضيفا الجالية العراقية في لندن، وأحيا امسية مميزة للمقهى الثقافي العراقي هناك، حضرها جمهور غفير، أدهشه أداء الفنان، وهو يقدم تراجيديا الموت والحياة من خلال ملحمة جلجامش السومرية، التي تعد من أقدم النصوص التي عالجت فلسفة الموت والحياة، نص يطرح الأسئلة التي ما تزال تتردد في عقول العلماء والمفكرين.
كانت مسرحية من شخص واحد، ادى الفنان د.سعدي يونس كل شخصيات الملحمة من خلال اقنعة، وملابس، يغيرها تباعا بانسيابية، واقتدار، وامكانيات، ومهارات نادرة، لمدة ساعة كاملة، ابدع الفنان في اداء الحوار لكل الشخصيات، والعزف على اكثر من آلة مع تغيير الاقنعة والملابس، النص كان قد كتبه بالفرنسية والعربية، وعرضت المسرحية في اكثر من مسرح في فرنسا، وبعض البلدان العربية.
قدم الامسية الفنان المخرج علي رفيق، متحدثا عن تجربة الفنان سعدي يونس، وبعد نهاية العرض، دعا الفنان الضيف للحديث عن تجربته الغنية في المسرح، وعن مسرح الشارع الذي اشتهر فيه، تلك التجربة الفريدة التي عرفها المسرح العراقي المعاصر.
الفنان سعدي يونس عشق الفن والتمثيل، متأثراً بوالدته الفنانة والإعلامية هناء إسماعيل حقي، التي كانت ممثلة في المسرح العراقي، ومذيعة في راديو مونت كارلو في الخمسينيات.
بدأ رحلته مبكراً حيث كان عمره عشر سنوات من خلال مشاركته في برامج الأطفال مع عمو زكي، مثل شخصيات متنوعة. فكانت الإذاعة أول مدرسة له كفنان.
واصل التمثيل في المسرح وتلفزيون بغداد وعمره لا يتجاوز السادسة عشر، ومثل دورين مهمين في فيلمين عراقيين (قطار الساعة السابعة)، و(أنا العراق)، وعمل مع فرقة المسرح الشعبي، ولاحقاً شارك في الأعمال المسرحية العالمية، ومثل في أعمال المخرج يوسف العاني، وقاسم محمد، وحقي الشبلي.
وعن مسرح الشارع والممثل الواحد في السبعينيات من القرن الماضي، تحدث الفنان سعدي يونس، عن تلك العروض التي عرفت حينها بـ(مسرح الشارع)، أو (المسرح المتنقل).
تحدث الفنان الضيف: كانت الفكرة ان يذهب المسرح لمن لايقدر ان يأتي إليه، فالمسرح كان للنخبة المثقفة، او القادرة على ارتياد المسارح. اما موضوع المسرحيات فكان مستمدا من حياة الناس”.
عرف المسرح المتنقل، او مسرح الشعب في جامعة السوربون، حيث الفكر الثوري المقاوم آنذاك، بزعامات عدد من المثقفين الكبار، ومنهم جان بول سارتر، وسيمون دي بوفوار.
يقول الدكتور سعدي يونس “في مدينة الثورة (الصدر الان) في بغداد، بعد انتهاء عرض المسرحية في يومها الاول، وقف الجمهور الذي يبلغ عدده 1200 مشاهد بأجمعه لعدة دقائق يصفق، ويهتف لممثلي المسرحية، والحق ان هذا يبعث التفاؤل في نفوس العاملين في المسرحية، فما أجمل ان تمثل امام جمهور كبير يتألف من العامل، والجندي، والفلاح، والموظف، والسائق، وصباغ الأحذية، وهم يصفقون لك، ويتفاعلون مع المشاهد.
ومن المفارقات التي ذكرها الفنان سعدي يونس. ” في أحد العروض، كان أحد الممثلين يجلس مع الجمهور، وإذا بشرطي يصفعه ويأخذه جانبا يحقق معه، ونحن ننتظر الممثل ليؤدي دوره”.
للاسف مازال الشرطي في بلداننا ليس رجل قانون، وانما متسلطا ليمارس اهانة المواطن بلا سبب، ومن دون اعتبار لظروفهم، اضافة الى حقدهم المعتق على الثقافة والفن!
تجدر ااشارة الى ان الدكتور يونس أسهم في العديد من المهرجانات المسرحية والسينمائية في فرنسا. وترجم العديد من روائع التراث العربي إلى الفرنسية مثل: ملحمة جلجامش، وحكايات من ألف ليلة وليلة، وحكايات من حضارة النيل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة