قياس شبكة الإنترنت من أجل الحرية

ماريا شينو
مديرة مركز البحوث المجتمعية حول دراسة الرقابة على الإنترنت
لقد حجبت الحكومة في العام الماضي خلال موجة من الاحتجاجات السياسية المميتة في إثيوبيا أكثر من 15 موقعاً من مواقع وسائل الإعلام إضافة الى تطبيق الدردشة في الهواتف الذكية الواتساب كما تم قمع المواقع التي تروج لحرية التعبير و حقوق المثليين جنسيا إضافة إلى المواقع التي توفر أدوات للتحايل على الرقابة مثل تور وبسيفون.
لقد تم الكشف عن كل هذا من خلال استعمال برنامج الحاسوب اونيبروب والذي تم تصميمه لقياس الشبكات والكشف عن الرقابة على الإنترنت و لقد تم تطوير أونيبروب منذ أكثر من خمس سنوات من قبل المرصد المفتوح لقياس التدخل في الشبكة المدعوم من تور والذي أعمل معه من أجل تعزيز الشفافية والمسائلة ومراقبة الرقابة على الإنترنت. إن هذا البرنامج هو مجاني ويعد مصدر مفتوح مما يعني أن أي شخص يمكنه استعماله وبالفعل، فإن عشرات الآلاف من مستخدمي ونيبروب من أكثر من 190 بلدا قد فعلوا ذلك بالفعل.
لقد ساهم هؤلاء المستخدمين في جمع الملايين من قياسات شبكة الإنترنت و التي تنشر جميعها على أوني إكسبلورر و يمكن القول بإنه أكبر مورد متاح للجمهور فيما يتعلق بالرقابة على الإنترنت و بفضل استعمالهم ل أونيبروب فقد كشفنا عن مدى موجة الرقابة في العام الماضي في إثيوبيا إضافة إلى تفاصيل عديدة من حالات الرقابة الأخرى في أماكن أخرى من العالم.
لقد استخدمت الجماعات المحلية في أوغندا أو نيبروب خلال الإنتخابات العامة في العام الماضي عندما حجبت الحكومة وسائل التواصل الإجتماعي. إن بيانات قياس الشبكة التي أعدتها أونيبروب لم تؤكد إجراءات الحكومة فحسب بل وكشفت أيضا عن المواقع التي تم حظرها و الطرق المختلفة التي يستخدمها مزودو خدمة الإنترنت لتنفيذ الرقابة.
لقد كان أوونيبروب مفيدا كذلك في ماليزيا عام 2015 حيث حاول رئيس الوزراء نجيب رزاق الذي تم إتهامه بتحويل ما يقرب من 700 مليون دولار من صندوق الإستثمار الحكومي 1 م دي بي لحساباته المصرفية الشخصية أن يحجب وسائل الإعلام والمدونات التي أشارت إلى الفضيحة ولقد قام برنامج أوونيبروب لقياس الشبكة بمساعدة جماعات المجتمع المدني الماليزية من أجل جمع البيانات التي تشكل دليلا على الحجب.
وبالطبع فإن الرقابة لا تستخدم دائما لحماية أصحاب النفوذ السياسي حيث يمكن أيضا أن تستخدم لتعزيز المعايير الإجتماعية والثقافية، ففي إندونيسيا، على سبيل المثال، قد يكون انخفاض التسامح الاجتماعي مع المثليين جنسيا قد لعب دورا في حجب العديد من مواقع المتحولين والمثليين جنسيا و مزدوجي التوجه الجنسي على الرغم من أن البلاد لا تقيد رسميا حقوق المتحولين و المثلين جنسيا و مزدوجي التوجه الجنسي. إن العوامل المشابهة قد تكون أثرت على الجهود الرامية إلى المواقع التي ينظر إليها على أنها أكثر انتقادا للإسلام.
لقد منع مزودو خدمة الإنترنت في تايلند خلال السنوات الثلاث الماضية الوصول الى عدد من المواقع التي ينظر اليها على انها مسيئة للأسرة المالكة في البلاد ولكن يوجد هنا مبرر قانوني وهو أن التحريم التايلندي الصارم لإهانة اعضاء الأسرة المالكة في البلاد يحمي كبار اعضاء الاسرة المالكة هناك من الإهانة أو التهديدات وتشمل الحالات الاخرى للرقابة على الانترنت المبررة قانونا حظر المواقع الإباحية في البلدان التي تمنع تلك المواد الإباحية.
و هناك حالات حيث الدافع للرقابة غير واضح فلماذا على سبيل المثال تم حظر موقع للتعارف عن طريق الإنترنت في ماليزيا؟ يبدو أن مزودي خدمات الإنترنت في بعض البلدان يراقبون المواقع حسب تقديرهم الخاص حيث وفقا لبيانات أونيبروب فإن العديد من مقدمي خدمات الإنترنت التايلاندية منعوا في وقت واحد الوصول إلى أنواع مختلفة من المواقع – من وسائل الإعلام إلى ويكيليكس إلى المواد الإباحية – مما يشير إلى أنهم على الأرجح تلقوا تعليمات غامضة من السلطات.
لقد كان من الصعب الكشف عن هذه الرقابة قبل أويبروب مما أدى إلى إنعدام المساءلة حيث عادة ما تنكر الحكومات ومزودو خدمات الإنترنت مشاركتهم في الرقابة وحتى في الحالات التي تعلن فيها الحكومات عن قوائم رسمية للمواقع المحجوبة، فإنها قد تترك بعض الأهداف وبالمثل، قد لا يمتثل مزودو خدمات الإنترنت دائما للأوامر الرسمية لرفع الحظر فعلى سبيل المثال، لقد إكتشف مؤخرا بأن برامج فيميو و رديت محظورة في بعض الشبكات في اندونيسيا، على الرغم من رفع الحظر الرسمي على تلك المواقع منذ أكثر من عامين.
لقد ساعد أونيبروب المستخدمين ليس فقط في القدرة على فضح الرقابة على الإنترنت بل ساعد أيضا في الحصول على تفاصيل كبيرة حول كيفية ومتى وأين ومن الذي ينفذ الرقابة فعلى سبيل المثال، تم تصميم إختبار الربط الشبكي للمرصد المفتوح لقياس التدخل في الشبكة لفحص ما إذا كان حجب الوصول إلى مواقع الانترنت قد تم من خلال التدخل في نظام أسماء النطاقات أو حظر حزمة بروتوكولات الإنترنت أو بروتوكول نقل النص بروكسي الشفاف.
تم تصميم إختبارات أونيبروب الأخرى لدراسة إمكانية الوصول إلى تطبيقات الدردشة – وهي الواتساب و تيلغرام و فيسيبوك ماسينجر – ضمن الشبكات، بالإضافة إلى أدوات التحايل على الرقابة، مثل تور و سايفون و فانوس. كما يقدم المرصد المفتوح لقياس التدخل في الشبكة إختبارات البرمجيات التي تكشف عن وجود أنظمة (صناديق الوسط) التي يمكن أن تكون مسؤولة عن الرقابة أو المراقبة.
تدعم البيانات المفصلة للمرصد المفتوح لقياس التدخل في الشبكة المسائلة والمراقبة التي تشتد الحاجة إليها و يمكن للمحامين استعمال بيانات المرصد المفتوح لقياس التدخل في الشبكة من أجل تقييم قانونية الرقابة على الإنترنت في بلدانهم و ربما تقديمها كدليل في قضايا المحاكم كما يمكن للصحفيين والباحثين والمدافعين عن حقوق الإنسان استعمال البيانات لتعزيز عملهم كذلك ويمكن لمشاريع التحايل على الرقابة مثل تور استعمال نتائج المرصد المفتوح لقياس التدخل في الانترنت فيما يتعلق بحوادث الرقابة الناشئة لتشكيل أدواتها واستراتيجياتها.
و يمكن للمرصد المفتوح لقياس التدخل في الانترنت أن يساعد على إثراء الخطاب العام حول شرعية وضرورة و تناسب الرقابة على الإنترنت وهذا ما يجعلها أداة حاسمة لحماية حقوق الإنسان على شبكة الإنترنت وما هو أبعد من ذلك.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة