“الزراعة” تتخذ سلسلة إجراءات لمكافحة التصحّر المستفحلة في العراق

بالتنسيق مع المنظمات الدولية لغرس الأشجار المقاومة للجفاف
متابعة الصباح الجديد:

برغم سلسلة الاجراءات التي اتخذتها وزارة الزراعة لمكافحة التصحر الذي بلغت نسبته مايقرب من الـ90 % ومازال يستفحل ويبتلع مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية ، والتي اسهمت الظروف البيئية والفنية وشح المياه بتحويلها الى أراضٍ جرداء برغم تخصيص الأموال للمبادرات الزراعية والتي ذهبت أموالها هدرا .
وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة ، حميد النايف، إن دائرة مكافحة التصحر اتخذت سلسلة اجراءات لمكافحة هذه الظاهرة البيئية المستفحلة، أبرزها التعاون مع المنظمات الدولية من خلال زراعة الاشجار المقاومة للجفاف، فضلا عن برنامج خاص متمثل بتزويد كل فلاح بمرشة للمياه تمنح له بأسعار مدعومة من أجل تشجيعه على إعادة الكثير من الاراضي الى الحاضنة الزراعية .
واكد المتحدث الرسمي إن زيادة مساحات التصحر بنحو كبير نتيجة انخفاض مناسيب المياه من دول الجوار والتي لاتعطي العراق حصته المائية بنحو عادل .
وتتسارع في العراق ظاهرة التصحر والتملح وتقدر نسبة الأراضي الزراعية التي تعاني من التملح ب 50% بسبب الإهمال لسنوات في قطاع الزراعة والري ، أضف إلى ذلك الكارثة البيئية بتجفيف اهوار العراق إذ جفف أكثر من 20 الف كم2 أي ما يعادل 90% من مساحتها هذه التي كانت تمثل أوسع مساحة مائية في النظام البيئي في الشرق الأوسط إذ تزيد على ضعف مساحة لبنان ، ومن المعروف إن الاهوار كانت غنية بمواردها النباتية والزراعية والحيوانية والسمكية إضافة إلى محافظتها على التوازن البيئي .
وللتصحر مؤشرات طبيعية و أخرى بشرية وبرغم الاقتناع بأهمية الأخيرة وكونها وثيقة الصلة من قلب المشكلة إلا إن الدليل على وضعها كأساس للقياس لم يتوفر بعد بنحو نظامي وفي ضوء الكثير من الاعتبارات الأخرى ثبت انه من الصعب مراقبتها، لذا سنورد هنا أهم المؤشرات الطبيعية التي تتمثل في : غزو الكثبان الرملية للأراضي الزراعية ، تدهور الأراضي الزراعية المعتمدة على الأمطار ، تملح التربة ، إزالة الغابات وتدمير النباتات الغابية ، انخفاض كمية ونوعية المياه الجوفية والسطحية ، تدهور المراعي ، انخفاض خصوبة الأراضي الزراعية، اشتداد نشاط التعرية المائية والهوائية ، زيادة ترسبات السدود والأنهار واشتداد الزوابع الترابية وزيادة كمية الغبار في الجو. و يمكن استخدام هذه المؤشرات و غيرها في تعيين حالة أو وضعية التصحر في المناطق المختلفة من أقطارنا العربية والتي يقصد بها درجة تقدم عملية التصحر في الأراضي والتي يقررها المناخ والأرض والتربة و الغطاء النباتي من ناحية ودرجة الضغط البشري من ناحية ثانية.
وقد حددت أربع حالات للتصحر هي التصحر الشديد جدا و يتمثل بتحول الأرض إلى وضعية غير منتجة تماما وهذه لا يمكن استصلاحها إلا بتكاليف باهظة وعلى مساحات محدودة فقط وفي كثير من الأحيان، تصبح العملية غير منتجة بالمرة والتصحر الشديد وينعكس بانتشار النباتات غير المرغوب فيها وانخفاض الإنتاج النباتي بحدود 50% والتصحر المعتدل حيث ينخفض الإنتاج النباتي بحدود 25% والتصحر الطفيف ويتمثل بحدوث تلف أو تدمير طفيف جدا في الغطاء النباتي و التربة ، وعليه فإن مقياس استمرارية تهديد التصحر يعبر عنه بخطر التصحر وهو يقيم على أساس سرعة درجة حساسية الأرض للتصحر من ناحية، ودرجة الضغط البشري و الحيواني من ناحية ثانية.
وهناك جملة من العوامل الطبيعية والبشرية تتداخل وتتشابك لتخلق ظاهرة التصحر فبالنسبة للعوامل الطبيعية يلعب المناخ دورا مهما إذ تقع معظم البلاد العربية في النطاقات الجافة و شبه الجافة وللنباتات والحيوانات دورها بتفاعلها مع بيئتها فهي تسهم بصورة رئيسة إما بالحفاظ على توازن البيئة أو بتدهورها. فالإفراط الرعوي يؤدي إلى سرعة إزالة الغطاء النباتي وما ينتج عنه من اشتداد التعرية.
أما فيما يخص العوامل البشرية التي يؤكد الباحثون بأنها تلعب دورا رئيسا في خلق التصحر فيتمثل دور الإنسان في مجالين: الأول الضغط السكاني وإذا أخذنا في الاعتبار توقع عدد سكان العالم العربي الذي سيزداد في السنوات المقبلة فهذا يعني استمرار الضغط السكاني الذي ينتج عنه مزيد من التوسع الزراعي وزيادة أعداد الماشية، ومن ثمة زيادة الرعي وقطع الغابات والهجرة واستيطان أماكن غير ملائمة لاستغلال مواردها بنحو مستمر إضافة إلى توسع المدن وتضخمها الذي يكون في كثير من الحالات على حساب الأراضي الزراعية . كل هذه العوامل تسهم بتسريع التصحر.حيث أن نمو السكان والفقر والتدهور البيئي يعزز كل منهما الأخر.
اما المجال الثاني يتمثل في نمط استخدام الأرض الذي تختلف نوعيته وكثافته من مكان إلى آخر ومن أوجه استخدام الأرض قطع الأشجار. وفي العراق تراجعت مساحة الأراضي التي تغطيها الأشجار بسبب إهمال السلطات السابقة هذا القطاع . فقد تعرضت غابات الشمال إلى التلف بسبب القطع العشوائي وما رافقها من إحراق آلاف القرى .. كذلك تراجعت أعداد النخيل من نحو 30 مليون إلى نحو 12 مليون بسبب الحروب وقلة المياه والأمراض الزراعية والإهمال. لذا بات تدهور الغابات والنباتات الأخرى عاملا مهما في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف .
ويسهم الضغط الرعوي بخلق التصحر الذي يقصد به تحميل أراضي المراعي عددا من الماشية أو أنواعا معينة منها لا تتفق وطاقة هذه المراعي على تغذيتها.والملاحظ أن تصحر الأراضي الرعوية لا يؤثر في الإنتاج الحيواني فقط لكنه يعجل بحدوث سلسة من الوقائع تؤثر في كل النظام البيئي، مثل قلة أو زوال الغطاء النباتي وما يصاحبه من تعرية التربة وزيادة خطر انجرافها. وهذا غالبا ما يقود إلى انخفاض في الإنتاجية الأولية بنحو يتعذر معالجته .ومن ثم يضعف من إمكانية البيئة على التعويض النباتي.كذلك فان الإفراط الرعوي يعمل على إحداث تبدل نباتي بواسطة إحلال أنواع غير مستساغة ، محل الأنواع المستساغة نتيجة الرعي المختار .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة