كركوك .. محافظ مُقال .. واستفتاء مُحال !

قبل ايام تحدث نائب كردي عن كركوك بلغة يشوبها شيء من الغرابة ، عندما يقول ، انها مدينة كردية تعرضت للاحتلال في العهد الملكي ، ثم تواصل الاحتلال خلال العهد الجمهوري والبعثي ، ولم يكن الاكراد يمتلكون القدرة على تحريرها لضعف امكاناتهم خلال تلك العهود ! ..وقد آن الاوان لإعادة كركوك إلى حضن اهلها !! .
ان مثل هذه التصريحات ليست مجرد كلمات يطلقها اصحابها ويمضون بعيدا ، انما هي تمثل ارض الواقع ، ففي الوقت الذي يؤكد فيه البارزاني كردية كركوك ورفض اي حوار بشأنها ، فقد سبق لمحافظها المقال برلمانيا ان قرر رفع العلم الكردي فوق جميع ابنيتها الرسمية في اشارة واضحة إلى ان المحافظة تعود للإقليم ، ولم يصدع لقرار المحكمة الاتحادية التي حكمت ببطلان ذلك الاجراء ، ثم بعد ذلك جاء الموقف الصادم لمجلس محافظة كركوك الذي صوّت على شمول المحافظة باستفتاء الانفصال المزمع اجراؤه الاسبوع المقبل متجاهلين جميع المواقف الرافضة بشدة لهذا الانفصال محليا وإقليميا ودوليا
ان قرار مجلس محافظة كركوك الاخير يمثل ضربة قوية لجميع الشركاء في المحافظة ويمثل تعديا صارخا لحقوق بقية المكونات ، اذ اسهم القرار ، في تعقيد المشهد بنحو يصعب معه التوصل إلى حل ، لاسيما مع وجود الكثير من المشاكل المستوطنة المتعلقة بكركوك ذاتها , ومنها مشكلة النفط التي لم تُحل ، اذ سبق ان جرى الاتفاق بين بغداد واربيل على قيام الاخيرة بتسليم 550 الف برميل من النفط يوميا منها 300 الف برميل من نفط كركوك ، مقابل حصول الاقليم على نسبة 17% من الموازنة ، إلا ان هذا لم يحصل ونتيجة لذلك يواجه موظفو الاقليم ومنذ ثلاث سنوات مشكلة في تسلم رواتبهم ، .. ليس هذا و حسب انما هناك قضية المادة 140 وتداعياتها المتضمنة اجراء احصاء سكاني لتحديد حجم المكونات ومن ثم الذهاب إلى التطبيع ، وغيره من الاجراءات ، إلا ان شيئا من ذلك لم يحدث ، بل حٌرمت كركوك من اجراء الانتخابات المحلية منذ عام 2005 الامر الذي ابقى الحكومة المحلية فيها من ذات اللون طوال هذه السنوات ، ما سمح لها اتخاذ العديد من الاجراءات التي من شأنها التأسيس لتكريد المدينة
ومن المؤكد ان المشكلات لا تُحل بمثل هذه الاساليب ، اذا ما علمنا ان اكراد كركوك سيكونون اكثر المكونات تضررا لان المحافظة تحصل على ميزانيتها من المركز وليس من الاقليم ، انما المطلوب البحث عن حلول ومعالجات منطقية يتم من خلالها الوصول إلى منطقة مشتركة بين الفرقاء والمكونات ، بدلا من جر البلد إلى مشكلات هو في غنى عنها ، في وقت مازلنا نعالج جراحاتنا التي اصابتنا نتيجة الارهاب ، إلا اذا كان الاخوة الكرد يسعون لاستغلال انشغال الجريح بمداواة جراحه ليحققوا مآربهم في ضم كركوك إلى (دولتهم) ، فالمكونات الاخرى غير الكردية وفي مقدمتهم (العرب والتركمان) ، لن يسكتوا على السلوك الكردي الاستفزازي ،بالإضافة إلى ان هذه المحافظة تعد مصدرا مهما من مصادر الثروة لما تشتمل عليه ارضها من ابار نفطية كبيرة ، لا يمكن بأي حال من الاحوال السماح للإقليم الاستحواذ عليها بهذه الطريقة التعسفية ، وبالتالي الانجرار إلى منطقة مظلمة تنّشط الذاكرة السوداء التي تحمل ارثا بالفجيعة يمتد لعقود من الزمن وتمحو الذاكرة البيضاء التي نبحث عنها لتمنحنا القدرة في مغادرة الماضي إلى مستقبل أكثر بهاء مثل سائر خلق الله .
عبد الزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة