16 عامًا انقضت على «هجمات 11 أيلول» ولا تزال تردداتها مستمرة في العالم

تُشكل احدى التحديات الكبرى في القرن الحادي والعشرين
واشنطن ـ وكالات :
بينما تواجه الولايات المتحدة الأميركية دمارا بسبب إعصارين شديدين في غضون ثلاثة أسابيع فقط، فإن الأميركيين احيوا امس الاثنين ذكرى أحد أكثر الأيام المروعة، في وقت حضر الرئيس دونالد ترامب، وهو من مواطني نيويورك، إحياء ذكرى الحادث للمرة الأولى وهو رئيس لأميركا، ويشارك في لحظة صمت في نفس توقيت ضرب الطائرة الأولى لأحد البرجين قبل 16 عاما.
وسقط نتيجة تلك العمليات قرابة 3000 قتيل، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة.
وبعد انقضاء 16 عامًا على أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، اندلعت عدة حروب وتغيّر ثلاثة رؤساء أميركيين وقُتل 9288 جنديًا اميركيًا وأصيب مليون آخرون، وأنفقت تريليونات الدولارات، ورغم ذلك لايزال هناك 41 سجينًا محتجزين في معتقل «غوانتانامو» الأميركي.
هذه هي التكاليف المرتبطة بأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 فحسب. وقد قتل أكثر من 180 ألف عراقي في الصراع منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، في حين قتل ما يقدر بـ 170 ألف شخص في 73 ألف من الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم منذ عام 2001 ، حسبما جاء في تقريرٍ لصحيفة «جيروزاليم بوست» الاسرائيلية.
وعندما يُحاول المرء أن يُقيِّم العنف الذي اندلع في 11 أيلول/ سبتمبر، فإنّ الآثار الدائمة لذلك التاريخ تبدو غير معقولة. وذلك أيضًا لأن الإدراك المتأخر يميل إلى تقديم نظرة خطية وحتمية للتاريخ. لقد كانت أحداث 11 من سبتمبر / أيلول وراء اندلاع الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على الإرهاب، والتي أدت إلى غزو أفغانستان ثم العراق.
وأدى ذلك إلى فرض الديمقراطية في هذين البلدين، كما أدى أيضًا إلى تأييد الفلسطينيين لحركة «حماس» في غزة عام 2006 مما أثر على الربيع العربي وقيام ثورات شعبية في 2011 في تونس ومصر والفوضى في ليبيا. وأدى ذلك إلى تغذية الصراع في منطقة الساحل في أفريقيا، في حين أدت إلى رخاوة الدولة العراقية وصعود تنظيم «داعش» الذي استغل الصراع السوري.
وهناك أيضًا ميل نحو رؤية آثار 9/11 من خلال عدسة أميركية أو غربية، وكأن العمليات التي أطلقها الإرهاب في نيويورك وواشنطن لم تكن موجودة من قبل، وكأن كل ما يحدث في أماكن مثل العراق أو أفغانستان هو فقط رد فعل على سياسة الولايات المتحدة. ونعلم أنَّ 9/11 كانت لها جذور أعمق بكثير تعود إلى تفجير «مركز التجارة العالمي» عام 1993. كما تأثرت أيضًا بزيادة التطرف الإسلامي الذي تأسس في باكستان وأماكن أخرى. ولم يكن تنظيم «القاعدة» منظمة إرهابية إسلامية مناهضة للولايات المتحدة فحسب؛ فقبل يومين من أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، اغتيل أيضًا القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود على أيدي متطرفين مرتبطين بتنظيم «القاعدة».
لذلك فإنّ الهجمات التي وقعت في 11 أيلول / سبتمبر لم تكن من فراغ، ولم تكن ضد أميركا فحسب. لقد كانت جزءًا من ظاهرة عالمية رهيبة تجمع بين صعود الإيديولوجيات الإسلامية السياسية المرتبطة بالسلفية والوهابية والإخوان المسلمين وغيرهم من حركات التطرف. ولقد استهدفوا الأقليات في دولهم، بمن في ذلك الشيعة المسلمون والأحمديون والأكراد والأقباط وعدد كبير من الاقليات الاخرى، بينما يستهدفون الغرب. ويمكن الكشف عن جذور 11 سبتمبر في الحروب الجزائرية والشيشانية والبوسنية وفي مصر، حيث ولد أيمن الظواهري في عام 1951.
وكان للظواهري جذور في الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي في مصر، ومعه أسامة بن لادن من المملكة العربية السعودية ورجال مثل خالد الشيخ محمد من باكستان، الذين رأوا أنفسهم كجزء من حركة إسلامية تعمل في جميع أنحاء العالم، وكان نتيجة ذلك أحداث 9/11 المميتة.
إن جيل الرجال مثل بن لادن، الذي ولد عام 1957، والرجال الذين سعوا للقبض عليه – مثل الوكيل الخاص لمكتب التحقيقات الفدرالي جون أونيل، والذي قتل في الحادي عشر من سبتمبر / أيلول ، لم يستطع أن يتصور الحرب التي نشارك فيها اليوم. إن من ولدوا في الحادي عشر من سبتمبر / أيلول يبلغون من العمر الان 16 عامًا، وهم بالغون بما فيه الكفاية تقريبا، للمشاركة في القتال في أفغانستان، حيث اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إبقاء القوات الأميركية هناك.
إنهم بالغون بما فيه الكفاية لمحاربة الجيل الجديد من وصفتهم إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بـ»المتطرفين العنيفين».
من هم المتطرفون الجدد؟ يُشير مؤشر الإرهاب العالمي إلى أنّ 74٪ من جميع الوفيات الناجمة عن الإرهاب في عام 2015 كانت بسبب «داعش» و»بوكو حرام» و»طالبان» و»القاعدة». ومما لا يُثير الدهشة أنّ معظم هذه الوفيات حدثت في أفغانستان، ونيجيريا، وباكستان، وسورية.
وقد زاد الإرهاب بشكل كبير منذ 11 أيلول/ سبتمبر، وهو ما يزيد بمقدار خمسة أضعاف بحلول عام 2014، وفقا لما ذكرته صحيفة «غارديان» البريطانية. وقبل 11 أيلول / سبتمبر، كانت معظم الهجمات الإرهابية في كولومبيا وبيرو وأيرلندا الشمالية وإسبانيا والهند. وبعد ذلك، كانت في العراق والهند وأفغانستان وباكستان وتايلاند والفلبين وإسرائيل.
ولمكافحة التهديد الإرهابي، رفعت الولايات المتحدة بشكل كبير عدد القوات الخاصة التي توظفها، من حوالي 43 ألف في عام 2001 إلى أكثر من 70 ألف اليوم.
ويقول الجنرال ريموند توماس الثالث قائد قيادة العمليات الخاصة في الولايات المتحدة في شهادة للجنة الخدمات المسلحة في مايو/ أيار من هذا العام إنّ الولايات المتحدة لديها 8000 رجل منتشرون في أكثر من 80 بلدا.
لقد أصبحت الولايات المتحدة وحلفاؤها يتقنون قتل الإرهابيين، بكفاءة أكثر بكثير مما كانت عليه في التسعينات، عندما كانت عمليات هزيمة «القاعدة» غالبا ما يتم التعامل معها من قبل سلطات إنفاذ القانون دون أوامر بإلغاء أهدافهم.
وفي أوروبا، حيث قُتل المئات في الهجمات الارهابية في السنوات الأخيرة. وقد أنجبت الدول الأوروبية العديد من المتطرفين، منهم 5000 انضموا إلى «داعش».
وفي وقت لاحق، كان 9/11 حادثا مروعًا بشكل خاص لأنه جاء بعد عقد واحد فقط من نهاية الحرب الباردة. وتبدو التسعينات فترة ساذجة من الأمل الآن، لقد انتهى الفصل العنصري، ووُقعت اتفاقات أوسلو في إسرائيل، وكتب فرانسيس فوكوياما نهاية التاريخ.
وكان من المفترض أن «يحلّ السلام». وكان من المفترض أن تغزو الديمقراطية العالم. ولكن لم يحدث ذلك. وبدلا من ذلك، ظهرت الأعراض التي جاءت في كتاب بنيامين باربر «الجهاد في مواجهة عالم ماك»، حيث يتحدث عن كيف أعادة العولمة والعشائرية تشكيل العالم بالكامل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة