بين الآونة والآونة الأخرى يحتدم الجدل والنقاش بين الاوساط الاعلامية والسياسية بشأن تحديد يوم وطني للعراق، وإن سألت عراقيا عن عيد بلاده فإنه سيبحلق في وجهك ويمضي بعيدا والحيرة بادية على محياه .. وغالبا ما يدور الحديث في رحاب تاريخنا الحديث ، أي منذ بداية تشكيل الدولة العراقية عام 1920 ، تاريخ اندلاع ثورة العشرين ، فقد دعا البعض إلى عد يوم 30 حزيران عيدا وطنيا ، ولكن هذا المقترح لم يحظ بالقبول بسبب الخلافات بشأن الثورة ،.. فيما دعا البعض الاخر إلى اعتبار تاريخ تأسيس الدولة العراقية في اذار 1921 يوما وطنيا ،.. ثم ينتقل الحديث بعدها إلى اعتبار تأسيس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني 1921 عيدا وطنيا ، إلا انه هو الاخر لم يجد اجماعا .. قالوا اذن لنتخذ من تاريخ تنصيب الملك فيصل الاول في 23 آب 1921 ملكا للعراق عيدا وطنيا .. فردّ أخرون ، ان الملك فيصل لم يكن عراقيا انما كان مستوردا بإرادة إنكليزية ! ..لينطلق رأي اخر يدعو اصحابه إلى عد انضمام العراق إلى عصبة الامم المتحدة وانتهاء الانتداب البريطاني في 3 تشرين الاول عام 1932 عيدا وطنيا.. ودار حول الامر نقاش طويل ، حتى قبله الناس ، الذين ما لبثوا ان غيروا أراءهم فغاب التوافق والإجماع ، ، ليُفتح الباب امام طرح مقترح جديد بجعل يوم 14 تموز 1958 عيدا وطنيا ، وهنا اعترض انصار الحقبة الملكية فهذا التاريخ بالنسبة لهم يمثل نقطة سوداء بعد تصفية العائلة المالكة بطريقة بشعة جدا .. قالوا اذن 9 نيسان 2003 هو اليوم المثالي لاعتباره عيدا وطنيا ، ففيه تحطمت عروش الدكتاتورية المقيتة وسقطت جمهورية الخوف والرعب .. ولكن فيما بعد علا صوت مفاده ان العراق لم يتحرر في هذا التاريخ انما سقط محتلا ، وليس من المنطق ان نعد احتلال البلاد عيدا وطنيا ، فكأن انصار الفكرة خجلوا من فكرتهم فتناسوا ذلك اليوم ولم يعد احد يتذكره وحُرم الموظفون من عطلة سنوية تضاف إلى عشرات العطل غير المحسوبة !! .. لتبقى عملية البحث عن عيد وطني يجمعنا ، مستمرة ، فدعا البعض إلى ان يكون يوم انسحاب الاحتلال الاميركي من العراق في 31 كانون الاول 2011 عيد وطني للعراق.
وتأسيسا على ما تقدم ولأن الاعياد الوطنية للبلدان ليس بالضرورة ان تكون مرتبطة بحدث سياسي او عسكري ، فأني اتقدم بمقترح قد يراه البعض غير مناسب في ظل تزاحم الاحداث وسخونتها .. ومقترحي هو اعتبار يوم الـ 29 تموز عيدا وطنيا للبلاد .. ففي هذا اليوم من عام 2007 تُوج العراق ولأول مرة في تاريخه بطلا لآسيا في بطولة القارة لكرة القدم .. لتشهد البلاد بعدها احتفالات عفوية عمت جميع المحافظات من دون استثناء ودامت اياما جسدت الوحدة الوطنية كما لم تتجسد هذه الوحدة بهذا النحو من قبل .. وبالتأكيد ان حدثا يوحد الشعب بهذا النحو جدير بالاهتمام وبالتالي يمكن اعتماده عيدا وطنيا .. هي مجرد فكرة قابلة للنقاش ، فان لم تحظ بالقبول ، دعونا نفتش عن مناسبات ذات لون ابيض لنتخذ منها عيدا وطنيا لبلدنا ،.. اذ ليس من المعقول ان بلدا عمره 7 آلاف سنة لا يستطيع تحديد يوم ليكون عيدا وطنيا له ؟ وهي سنين تزخر بأحداث هائلة غيرت مسارات الحياة للعالم بأسره.
عبدالزهرة محمد الهنداوي
العيد رياضياً !
التعليقات مغلقة