أصدرنا آلاف التقارير لتشخيص المخالفات والتلكؤ في تنفيذ المشاريع
ساعدنا وزارة العمل على استرداد 12 مليار دينار خلال (6) أشهر
استردت وزارة العمل مبالغ بحدود ( 12 ) مليار دينار للمدة من 1/1/2017 ولغاية 30/6 /2017 والعمل مستمر ، ومن المؤسف أن مثل هذه الحالة وبهذا الحجم من المخالفات لم تحدث في دول المنطقة العربية وفي الدول المجاورة ، ولكن من المؤسف أيضا وجود حالات لأشخاص لا يمكن تصورها كأن يتسلم مواطن راتب الرعاية الاجتماعية وهو في منصب وظيفي عالٍ مثل ( كقاضٍ ، أو أستاذ جامعي ، أو عضو مجلس محلي)
حاوره: سامي حسن
اكد رئيس ديوان الرقابة المالية الاتحادي الدكتور صلاح نوري خلف ان الهدف الرئيس للديوان هو الحفاظ على المال العام من الهدر او التبذير او سوء التصرف وضمان كفاءة الاستعمال من خلال الفحص والتدقيق اللاحق لمعاملات الصرف في الدوائر الحكومية للتأكد من عدم حصول ذلك .
ويمارس الديوان أسلوبا آخر للرقابة هو رقابة تقويم الاداء للجهات الخاضعة لرقابته ، وان المادة (6) من القانون حددت مهام الديوان في فحص وتدقيق معاملات الانفاق العام للتأكد من سلامتها وعدم تجاوزها للاعتمادات المقررة بالموازنة واستعمال الاموال العامة في الاغراض المخصصة لها وعدم حصول هدر او تبذير او سوء تصرف فيها، وكذلك تنفيذ رقابة تقويم الاداء للجهات الخاضعة لرقابة الديوان واجراء التدقيق في الامور التي يطلب مجلس النواب اجراء التدقيق بها .
في ضوء هذه المهام ركز الديوان على تدقيق مشاريع الموازنة الاستثمارية ، اذ ان معظمها نسبة التنفيذ واطئة ، واشتملت على هدر بالمال وذلك من خلال كشف الفارق ما تم صرفه على المشريع مع الانجاز المادي على ارض الواقع .
وقد اصدر الديوان عدة الاف من التقارير شخصت المخالفات والتلكؤ في المشاريع في شتى انواعها ، اذ كلفت الامانة العامة لمجلس الوزراء قيام الديوان بتدقيق العقود التي تكون مبالغها من 150 مليون دينار فاكثر .
وعن اساليب العمل الرقابي الجديدة اوضح الدكتور خلف ان الديوان اعتمد اسلوب التدقيق المستند على المخاطر بالنسبة لتدقيق البيانات المالية ( الحسابات المالية ) للادارات الحكومية والشركات العامة ، وقد اعتمد هذا الاسلوب منذ عام 2015/2016 بنسبة 25% ، وفي سنة 2017 بنسبة 50% .
ويتميز هذا الاسلوب باعتماد التخطيط والتنفيذ وفقا للاهمية النسبية للحسابات ودرجة احتمال تعرضها للمخاطر ، ومن ثم اختيار عينة التدقيق بصورة ملائمة ، ويوفر هذا الاسلوب الوقت والجهد ، اذ انه ينصب على الجوانب الجوهرية في البيانات المالية .
اما في مجال رقابة الاداء يضيف الدكتور خلف ان الديوان اعتمد ايضا اسلوبا جديدا هو تقويم اداء السياسات والبرامج ، واكتسبت هذه الممارسة بعد التنسيق والتعاون الفني مع جهاز الرقابة الهولندي لعدة سنوات واثبت هذا المنهج نجاحه وفعاليته في تشخيص الظاهرة وتحليلها الى مجموعة مشكلات ومن ثم اجراءات التقييم والاستنتاجات والتوصيات ، وقد نشرت التقارير لهذا الاسلوب على موقع الديوان الالكتروني وهي :
1 – سياسة وزارة الموارد المائية في إدامة وتطوير الأهوار للمدة من (2011 ولغاية 2016) رقم الاصدار 5094 بتاريخ 13/3/2017 .
2 – تقويم اداء سياسة وزارة التربية في توفير الابنية المدرسية لطلبة التعليم الثانوي ، اصدار رقم 6219 في 27/3/2017 .
3 – وتقويم اداء سياسة وزارة التربية الخاصة بتدريب وتطوير مهارات المعلمين والمدرسين باصدار رقم 6291 في 28/3/2017 .
4 – تقويم اداء سياسة وزارة النفط / شركة مصافي الوسط بخصوص مشكلات الماء والشوائب للنفط الخام المتسلم عبر الخط الاستراتيجي للمصافي الصغيرة للمدة من 1/1/2014 ولغاية 28/2/ 2017 باصدار رقم 6755 بتاريخ 2/4/2017.
5 – سياسة وزارة الصحة والبيئة في الحد والتقليل من حالات التسمم الغذائي برقم اصدار 6805 في 5/4/2017 .
6 – تقرير تفصيلي عن اعمال الرقابة والتدقيق التخصصي على سياسة محافظة بغداد في تنفيذ مشاريع المجاري باصدار رقم 7420 في 11/4/2017.
7 – سياسة وزارة التربية في تطوير الارشاد التربوي واثره على تحسين الحالية النفسية للطلبة باصدار رقم 7403 في 11/4/2017.
8 – تقويم اداء سياسة الدولة في الحفاظ على التنوع الاحيائي في عموم العراق باصدار رقم 10286 في 18/5/2017.
9 – تقويم اداء سياسة وزارة الكهرباء للحد من ظاهرة الضائعات في شبكات توزيع الطاقة الكهربائية للسنوات ( 2012 و2013 و2014 ) برقم اصدار 10057 بتاريخ 16/5/2017 .
10 – سياسة وزارة الزراعة في ادارة وتطوير المحاجر الزراعية والبيطرية اصدار رقم 12417 بتاريخ 14/6/2017 .
11 – تقرير خاص باعمال الرقابة والتدقيق التخصصي على سياسة وزارة الصحة والبيئة في توفير وتطبيق متطلبات الوقاية والسلامة الهنية في المؤسسات الصحية الحكومية باصدار رقم 13089 في 20/6/2017 .
12 – مشاريع الموازنة العامة للدولة للسنوات (2013 ، 2014 ، 2015 ) باصدار رقم 414/1/12836 في 8/8/2016 .
واشار الدكتور خلف الى ان الديوان نفذ تدقيق التقاطع للرواتب بهدف الكشف عن حالات ازدواجية صرف الرواتب الوظيفية مع (الرواتب التقاعدية ورواتب الحماية الاجتماعية والقروض الميسرة ) ، وتم ذلك على مرحلتين ، المرحلة الاولى للسنوات ( 2008 – 2013 ) عن طريق لجنة مشتركة برئاسة الديوان وعضوية وزارات ( المالية ، والتخطيط ، والعلوم والتكنولوجيا ) تم خلالها كشف (22 ) الفا و921 مخالفة وبعدها اوكل العمل الى الوزارات ومكاتب المفتشين العموميين ، اما المرحلة الثانية فقد بدأت عام 2016 استنادا لمتطلبات اتفاقية الاستعداد الائتماني لصندوق النقد الدولي ، وتم كشف (26) الفا و953 مخالفة لغاية هذا التاريخ ، والعمل مستمر ، اذ ان بعض الوزارات مازالت لم تزود الديوان بقاعدة المعلومات المطلوبة لانجاز هذه المهمة .
والجدير بالاشارة الى التعاون والتنسيق الجيد بين الديوان وهيئة التقاعد الوطنية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، وقد استردت وزارة العمل مبالغ بحدود ( 12 ) مليار دينار للمدة من 1/1/2017 ولغاية 30/6 /2017 والعمل مستمر ، ومن المؤسف ان مثل هذه الحالة وبهذا الحجم من المخالفات لم تحدث في دول المنطقة العربية والدول المجاورة ، ومن المؤسف ايضا وجدت حالات لاشخاص لايمكن تصورها ان يتسلم راتب الرعاية الاجتماعية وهو في منصب وظيفي عال مثل (قاضي ، استاذ جامعي ، عضو مجلس محلي ) .
اما بالنسبة لحيادية الديوان فانه مازال على حياديته ولم يتعرض لضغوطات سواء من مجلس النواب او السلطة التنفيذية .
اما عن موقف ديوان الرقابة المالية من الغاء مكاتب المفتشين العموميين يقول الدكتور خلف ان بداية تأسيس مكاتب المفتشين العموميين واختيار المفتشين والملاك الوظيفي كان غير سليم ، ولم يعتمد المهنية والخبرة الوظيفية والتخصص العلمي في تعيين المفتش العام وموظفي المكتب عام 2004 وما بعدها ، كان هذا من اول اسباب الاخفاق في العمل وعدم وضوح المهام وتنفيذها من قبلهم ، فضلا عن عدم الاستقلال عن الوزير .
ويضيف رئيس الديوان فالتقييم السليم بعد توفير الامكانات المالية والبشرية الملائمة من حيث ( التحصيل العلمي والخبرة العملية ) والموارد المالية ، اذ ان من اهم التخصصات التي يحتاجها المكتب هو ( القانون ) والذين لهم خبرة عالية في التحقيق الاداري ، فضلا عن اختصاص المحاسبين ومن الافضل تخصص محاسبة قانونية ، اضافة الى التخصص الدقيق الملائم لطبيعة نشاط الوزارة وتكيلاتها ، وفك ارتباط المفتش العام عن الوزير ، ويتوجب وجود تشكيل اداري تنسيقي لتسلم تقارير المفتشين العموميين بنحو دوري عن تقييم تنفيذ السياسة القطاعية للوزارة ، ليتاح لرئيس السلطة التنفيذية ( رئيس مجلس الوزراء ) لاتخاذ القرارات التصحيحية .
وعن تدقيق المشاريع الاستثمارية يقول رئيس الديوان الدكتور خلف يجري تدقيق المشاريع الاستثمارية على مرحلتين وهما المرحلة الاولى : تدقيق اجراءات التعاقد ، حيث تحال العقود المبرمة مبالغها (150) مليون دينار فاكثر الى الديوان لتدقيق اجراءات التعاقد ( وجود حاجة فعلية ، دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية ، اجراءات المناقصة ودراسة العطاءات والاحالة الى الجهة المنفذة ، وشروط العقد القانونية والمالية …) ، وكان هذا بتكليف من الامانة العامة لمجلس الوزراء عام 2007 والغي عام 2017 .
ويستطرد رئيس الديوان اما المرحلة الثانية : تدقيق تنفيذ المشروع من الجانب المالي والفني ، ويجري ابلاغ الجهة المستفيدة بنتائج التدقيق ، وفي هذا النشاط اصدر آلاف التقارير والعديد منها اوصى الديوان باجراء التحقيق الاداري من قبل المفتش العام المختص .
ويضيف لقد قدم الى رئيس الوزراء تقريرا تضمن مسحا عن التقارير الرقابية الصادرة عن المشاريع الاستثمارية للسنوات ( 2012 ، 2013، 2014 ) مع ابرز الملاحظات الرقابية التي تتكرر من دون تجاوزها ، وقد اشر هذا التقرير المشاريع المتلكئة ، ومن الجدير بالذكر وجه رئيس الوزراء بتشكيل لجنة برئاسة رئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء ، وخرجت هذه اللجنة بمجموعة من التوصيات صادق عليها رئيس الوزراء ووجهتالى كل من وزارتي التخطيط والمالية والى الوزارات كافة الالتزام بحزمة من الاجراءات لكي تضمن عدم تكرارها في خطة 2017 وصاعدا ، واهمها عدم ادراج اي مشروع من دون وجود دراسة جدوى فنية واقتصادية رصينة تقبل من قبل وزارة التخطيط .
ويضيف رئيس ديوان الرقابة المالية قوله اما ما يخص المخالفات فقد شكلت لجنة في الامانة العامة لمجلس الوزراء وفيها ممثل عن ديوان الرقابة المالية للتحقيق والتوصية بالمخالفات الجسيمة في المشاريع الاستثمارية .
واكد الدكتور خلف ان الديوان يقوم بتدقيق البيانات المالية والانشطة للمصارف الحكومية بهدف ابداء الرأي الفني المحايد فيها ، ومارس ايضا تقييم المخاطر المصرفية ولو بنحو محدود عام 2015 ، وينوي التوسع بهذا التقييم العام المقبل 2018 بنحو كامل ، وان هذا التقييم يبين مدى المخاطر التي يتعرض لها المصرف وهي ( مخاطر الائتمان ، مخاطر السيولة ، مخاطر رأس المال ، المخاطر التشغيلية) .
ويزيد رئيس الديوان في حديثه ان ابرز المخاطر التي تتعرض لها المصارف التجارية ( الرافدين ، الرشيد) والمصارف التخصصية ( العقاري ، الصناعي ، الزراعي ) هي مخاطر الائتمان والمتمثلة في التأخر في تسديد القروض او عدم تسديدها من قبل المقترضين ، سواء موظفي الدولة او المواطنين .
اما بالنسبة للمصرف العقاري فانه يواجه خللا هيكليا بين الاقراض للغير (القروض الاسكانية) والاقتراض من المصارف لغرض دعم التمويل للاقراض ، اذ ان مدة الاقراض الاسكاني من (15) سنة فما فوق ، بينما الاقتراض من المصارف الحكومية ( الرافدين ، الرشيد ) ينبغي تسديدها خلال مدة (5) سنوات مع الفوائد .
ويؤكد رئيس ديوان الرقابة المالية الدكتور صلاح نوري خلف ان الموازنة العامة للدولة تمثل اهم ادوات السياسة المالية ، اى ادارة المال العام ويتضمن ايرادات ضخمة ، وتخصيصات للانفاق متوقعة بشقيها (الجارية والاستثمارية ) ، ان هاجس الجمهور بأن الموازنة العامة على مر السنوات منذ عام 2003 ولغاية الان فيها الهدر ولم يقابلها بنية تحقيقية وخدمات ، وينبغي التوضيح والتصحيح ان اعداد الموازنة واقرارها من قبل مجلس النواب وتصبح قابلة للتنفيذ ، لا تمثل هدرا بالمال العام ، ولكن يحتاج إلى أسس أخرى للاعداد ومن ثم للمراقبة ، وانما الهدر في المال العام بالتنفيذ ، واغلبه انفاق مخالف للتشريعات ولغير الاغراض المحددة بقانون الموازنة ، او خروقات لتعليمات تنفيذ الموازنة ، والاكثر في الموازنة الاستثمارية التي سبق ان بينا انفا عن تنفيذ المشاريع الاستثمارية ، وهذا الانفاق يشمل المحافظات كافة .
ويشير الدكتور خلف الى ان دور ديوان الرقابة المالية يأتي في تدقيق مشروعية الانفاق وابلاغ الجهة المعنية والوزير المختص ، وتضمنت توصيات بالمئات في اجراء التحقيق الاداري من قبل المفتش العام وهيئة النزاهة ، لكن الحد من المخالفات المالية في الموازنة الجارية والاستثمارية مازال يمثل تحديا كبيرا لديوان الرقابة المالية والحكومة
*ان الخلل الكبير الذي حدث في مؤسسات الدولة نتيجة التغيير عام 2003 وما تبعه على مستوى السلطة التنفيذي ، وابرزها تبوء المناصب القيادية من قبل اشخاص اغلبهم غير مؤهلين من حيث الخبرة الوظيفية والتأهيل العلمي ، وكانت القرارات الادارية ذات الاثر المالي خاطئة فضلا عن وجود قصد الاثراء الشخصي ، والاكثر عدم الالتزام بالقوانين والتعليمات التي استقرت عبر ممارسات طويلة وقواعد السلوك الوظيفي ، اي بمعنى خرق للقوانين والتعليمات وعدم الالتزام بالقيم المؤسسية ، هذا الانفلات والفوضى رافق هذا التحول في العراق ، وان الفساد الاداري والمالي الذي حدث وهو مميز في العراق هو ( فساد مسلح وفساد مغطى سياسيا في العديد من الحالات ) مما اضعف اجراءات مكافحة الفساد من قبل الذين يتصدون له لانهم من دون حماية كافية .