دور رعاية المسنين.. حكاية بلا نهاية

رعاية المسنين موضوع غاية بالأهمية، يحتاج منا وقفة جادة وصريحة، لاحتوائهم اجتماعياً ومادياً، بعد أن (بلغوا من العمر عتيا)، وفي العراق وبسبب الظروف التي مر بها البلد، يبدو ان عمر العراقي غيّر معادلة العمر البيولوجي للإنسان، فمن هو بعمر الخمسين في العراق يبدو وكأنه بعمر السبعين في بقية البلدان الأوروبية، ولذلك نجد في دور المسنين العراقية ، عدد كبير من الرجال والنساء هم في حقيقة الامر ليسوا بمسنين انما ظرفهم الاجتماعي والاقتصادي فرض عليهم تواجدهم في هذه الدور.
قبل مدة ذهبت مع عدد من الناشطين الى احد دور المسنين في بغداد ( دار رعاية المسنين في الرشاد)، وتفاجأت بنزلاء هذه الدار، البالغين من العمر ( 45 ـــ 50 )، واستغربت في وقتها هذه الاعمار، لأني كنت أتوقع ان تكون الاعمار متقدمة بالعمر وتصل الى الثمانين او السبعين، لكن تبين بعدها ان هناك من لجأ بنفسه الى تلك الدور، لأنه لم يجد معين له او مسكن يحميه من اخطار الزمن، او ان أولاده هم من استغنوا عنه تلافيا لمشكلات حصلت بين المسن وبين عائلته، قصص وحكايات غريبة عجيبة، تسمعها من اول خطوة لك في تلك الدور، وعلى وفق الشروط التي تعلنها هذه الدور يجب ان يكون نزيل الدار قادرا على الاهتمام بنفسه، ولا يحتاج الطبيب يوميا، ولكن البعض من الإدارات أنشأت قسماً خاصاً لمن لا يقوى على رعاية نفسه.
ندرك تماما ان الاهتمام بكبار السن مسؤوليتنا جميعا، أبناء وأصدقاء واقارب، اذا انتبهنا الى تعليمات الأديان السماوية التي تدعو جميعها الى رعاية كبار السن واحتوائهم من غدر الظروف، وهناك عدد من الناشطين المدنيين الذين عملوا على تهيئة برنامج خاص بهم وبنحو دوري لزيارة دور رعاية المسنين، ولكن تبقى هذه الاعمال النبيلة مجرد جهود فردية، متوزعة بنحو متواضع على هذه الأماكن، المطلوب هو تابعة جادة وحرص حقيقي لتكون تلك الدور مسكناً آمناً وملاذا حقيقاً لكبار السن .
عدد من هذه الدور في بغداد كانت البديل الأمثل لكبار السن حيث وجدوا الصحبة الطيبة مع من يقاربونه بالعمر، وهناك من وجد شريك حياته، ليكمل معه ما تبقى له من سنين، وبالفعل حصلت أكثر من حالة زواج لهم وسط احتفال من زملائهم بالدار.
في «الصباح الجديد» وفي ملحق هذا الأسبوع، نجد من الأهمية بمكان أن نكون داعمين لتلك الدور ولكل من يحرص على رعاية مسن في بيته او يجتهد ليكون قربهم في دور رعاية المسنين، داعمين بالكلمة وبالعمل، داعين المسؤولين وكل من يهمه الامر، الى التواصل على وفق برنامج اسبوعي او شهري لمتابعة دور رعاية المسنين والوقوف على احتياجاتهم الخاصة، ومحاسبة المقصرين لا سامح الله في عملهم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة