لعل مبادرة السيد عمار الحكيم بتأسيس تيار الحكمة الوطني ، كانت من ابرز ماتمخض عنه الحراك السياسي الذي شهدته الساحة السياسية في العراق ، وحملت هذه المبادرة بين طياتها الكثير من المعاني والدلالات ، بل وحتى المفاجآت كونها حركت الكثير من الاسئلة والاستفسارات ، وحفزت بقية القوى السياسية لان تعيد النظر في توجهاتها وبرامجها ، وهذا ماتؤشره العديد من التصريحات التي تلمح الى حصول مايمكن ان نسميه انشقاقات او تكتلات في بعض الاحزاب والكيانات السياسية .
وبرغم اهمية انطلاق هذه المبادرة ، ولو انها جاءت متأخرة وفي وقت يمكن ان يفسرها البعض بأنها مبادرة انتخابية لانها تتزامن مع الاستعدادات التي تتهيأ لها كل القوى السياسية ، لكنها بالتأكيد ستبقى هي الرائدة في مجال اعادة انتاج العملية السياسية التي عجزت معظم الاطراف السياسية من خوض غمارها ، وفي مرحلة لم تتحسس اهميتها وخطورتها تلك الاطراف .
لكن ، وانطلاقا من روح التجديد التي تحلت بها هذه المبادرة ، ثمة افكار وتساؤلات يمكن طرحها لتعميق وانضاج توجهات تيار الحكمة الوطني ، والدفع بأتجاه التوجه لتحقيق المشروع الوطني في اطاره السياسي ، فكما جاء في تسمية التيار بالحكمة ، فهذا يعني خلوه من الانتماءات والتوجهات الدينية والاسلامية لابل وحتى المذهبية ، وهذا ماجعلنا نعتقد ان التيار هو منفتح على كل المكونات بغض النظر عن الدين والمذهب والقومية وحتى المناطقية ، برغم من ان زعيم التيار هو من سلالة عائلة دينية ومرجعية ، الا ان ذلك لايمنع ان تكون افكاره وتوجهاته وطنية وعراقية مع الحفاظ على المعتقد الديني والمذهبي ، وهذا هو عين الصواب والحكمة ، لأن العمل السياسي غير العمل الديني ، وهذه نقطة تحسب لصالح السيد الحكيم ، اذا صح ذلك الاعتقاد .
المبادرة تضمنت اشارات واضحة بل التركيز على دور الشباب ، وهذه مسألة غاية في الاهمية والخطورة في الوقت نفسه ، ذلك ان اعطاء دور للشباب يجعلنا نشعر بالثقة والأمل لأننا نحتاج الى طاقات متجددة في العطاء وفي المنجز ، لكن على قيادة التيار ان تتعامل مع الشباب على وفق اركان الكفاءة والتخصص والشهادة والتجربة ، يسبق ذلك عملية تأهيل مبرمجة تصقل المواهب وتفرز الكفاءات ، وان لاتجري عملية الاختيار بموجب المحاصصات والولاءات ، بل هي فرصة كبيرة امام السيد الحكيم لأن يبرهن بالفعل على ان الاختيارات لاتخضع الى امزجة ورغبات القيادات الوسطية ، وانما ينبغي ان تسير على وفق ضوابط محددة هدفها تقديم العقول النيـرة لا الاســماء الشخصيـة.
ايضا ماورد في المبادرة ، هو الانفتاح على المحيط العربي والاقليمي ، وهذه قضية غاية في الاهمية ، فليس المهم مع من يتعامل هذا التيار ، الاهم ان تكون خياراته في التعامل متوازنة وتستند الى الحفاظ على المصالح الوطنية والشعبية والسيادة العراقية ، وان لايرتمي في احضان هذه الدولة او تلك لاي سبب كان ، المهم جداً ان لايلبس التيار عباءة الغير ، ولايتخلى عن عباءته العراقية لانها ومهما كانت الظروف سوف تبقى هي من تحميه من كل الشرور بل وحتى من الاوهام والوعود.
اشارة اخيرة ، عندما يعد التيار برنامجه السياسي ، نريده ان يكون مختلفاً كلياً عن بقية البرامج السياسية التي طرحتها الاحزاب ، لانها لم تقدم أي جديد وتشابهت في الطروحات والتوجهات بل استنسخت بعض البرامج مع تعديلات بسيطة وقدمت كمنهاج عمل سياسي لهذا الحزب او ذاك ، مع التأكيد على ايضاح القضايا بمسمياتها الحقيقية ، لا ان تترك معومة وتخضع للاستنتاجات والاجتهادات .
رياض عبد الكريم
أفكار وتساؤلات حول تيار الحكمة الوطني
التعليقات مغلقة