المضامين لا العناوين

اثبتت المتغيرات السياسية في العراق ان الاصرار على التمسك بآليات ومناهج العمل الحزبي ينتج ثقافة بالية لاتختلف كثيراً عن تداول السلطة في الانظمة الشمولية فليس هناك ايمان حقيقي لدى كثير من الزعامات بمضامين العمل الديمقراطي وليس هناك رغبة حقيقية في التخلي عن السطوة والمال والنفوذ والاستجابة لتطلعات الرأي العام برؤية شخوص يزهدون بمثل هذه العناوين ويؤمنون بالدولة العادلة مضموناً لاشكلا وقولا ولطالما تحدث التاريخ السياسي للدول عن زعامات وطنية اتخذت من نفسها مثالا حياً وانموذجا للتجرد من الاهواء والملذات وقدمت اجسادها واخلاقها وثقافتها بما يبهر الشعوب وبما يعزز التمسك بالوطنية والانسانية ويكفي ان نتذكر هنا مافعله غاندي وماجسده نلسون مانديلا من قيم روحية وانسانية واذا تعمقنا كثيرا في مثل هذا الاستشهاد فهناك العشرات او المئات من هذه النماذج الحية التي عمقت بدورها وادائها من قيم التعايش والتداول السلمي للسلطة ونبذ الاستبداد والتفرد والدعوة لشيوع ثقافة التواضع والخدمة للوطن والجماهير لا للمرؤوسين والزعماء..ويصر الكثير من قادة الاحزاب والكتل السياسية هنا في العراق على ترك الكثير من الانتهاكات للعملية الديمقراطية بمافيها ارتكاب المفاسد المالية والاقتصادية والاجتماعية وعدم معالجة هذا التشويه الكبير للعلاقة بين الجمهور والقيادات داخل هذه الاحزاب والكتل من دون تصحيح المسارات او الاتعاظ من التجارب السابقة والاصرار على ترسيخ مضامين الولاء والتبعية والانقياد والطاعة العمياء والقبول بما يقوله القائد والزعيم بوصفه شخصا معصوما ..!! واتخاذ هذا المسلك الوحيد والتصديق بان هذا هو الطريق المضمون لكسب الاصوات في اية مظاهر انتخابية على مستوى الحزب او الكتلة او على مستوى الانتخابات المحلية او انتخابات مجلس النواب وهناك اليوم سباق محموم نحو التثقيف بعقد التحالفات على وفق هذه الثقافة ومحاولات لاجترار اساليب الخداع والكذب نفسها التي مورست في الانتخابات السابقة من دون ان يعي هؤلاء ان الانكشاف والتعرف على هذه الممارسات لدى ملايين العراقيين سيفضي الى هزيمة متوقعة لهذه الزعامات ولهذه الاحزاب ولهذه الكتل والتحالفات بينها ولن ينفع هؤلاء المتشبثين بهذه الاليات البالية وجود الالاف من المغرر بهم او ممن استجابوا للمغريات المالية والوعود في الصعود مجددًا والحصول على مكاسب انتخابية فمساحات الحقيقة والشفافية تتسع في كل يوم يبرع فيه شياطين السلطة في تقمص ادوار الزهد والورع والتعفف وسيغرق هؤلاء في مركب الكذب ماداموا لايؤمنون بأن النجاة وكسب القلوب في الصدق وحده…!!
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة