رئيس مجلس محافظة ديالى د. علي زيد الدايني في حديث لا يخلو من الصراحة:
ديالى ـ وكالات:
بعد سقوط النظام عام 2003 ولحد كتابة هذه السطور استنشق العراقيون نسيم الحُرية في مُمارسة حياتهم المهنية بضوابط أخلاقية وقانونية، وكان لأبناء السلطة الرابعة فضاءا واسعاً بهذا المجال ، لذا نحن لانجافي الحقيقة في قولنا أنّ وسائل الاعلام بمختلف مُسمّياتها وطبيعة عملها كان ولازال لها دوراً حيوياً وفاعلاً في عملية بناء العراق الديمقراطي الجديد ، ومن ألأدوار المهمة التي رصدتها تلك الوسائل هي كشفها وفضحها لكثير من ملفّات الفساد وسوء ألأداء الوظيفي أو الاستخدام الخاطيء للسلطة التي منحها الدستور لمن يؤدّي خدمة وظيفية عامّة مهما كان عنوانه أو اسمه ، في ذات الوقت لم تنسى أو تبخس المؤوسسات الاعلامية ايّة ومضة أو جهود لبعض الشرفاء وألأمناء من أبناء هذا الوطن من الذين حافظوا على المال العام او كانوا حريصين أشدّ الحرص على القيام بواجباتهم الرسمية بالصورة التي تُرضي الباري عزّ وجل وأبناء هذا الشعب الصابر، لكن بصراحة وطيلة عقدٌ ونيف من التغيير لم يلمس أو يشاهد المواطن العراقي البسيط أيّ ملامح لبناء دولة حضرية وعصرية تُحاكي على ألأقل نظيراتها العربية أو ألاقليمية ..! لا بل ألأدهى منه زحفت معالم الفوضى والتجاوزات على مداخل ووسط المُدن وألقت بثقلها على طبيعة الخدمات العامة التي تمّ وضعها بناءاً على خُطط وبرامج حسب عدد السكان ومساحة المراكز المدنية ، هذا الفشل أو تلك الفوضى قطعا جاءت بسبب غياب الجدية والوطنية لدى مُعظم العناوين السياسية والتنفيذية ومن يُمثّلها في الوزارات والمؤوسسات الرسمية التي انشغلت بمغانمها ومصالحها الكتلوية والطائفية والشخصية ..!! والزائر للمحافظات العراقية يرى بوضوح حالة العجز والفشل الكبير في التوافق بين وزارات الحكومة المركزية وسلطات الحكومات المحلية بذريعة قلّة التخصيصات وغياب التنسيق والتقاطع في الصلاحيات..!! حتى أضحت مُدننا وكأنها من مُدن القرون الوسطى ..!! الاّ من بعض الترقيعات في ألأرصفة وألأصباغ أو وجود لمشاريع وهمية وأخرى مقبورة لن تجد من يعيد لها الحياة.. وبعد زيارتنا لأكثر من محافظة عراقية حطّ الرحال بنا اليوم في مدينة البرتقال والحمضيات –محافظة ديالى ذات البساتين المُثمرة والخُضرة الجميلة لنتعرّف من مسؤوليها وأهلها عن واقعها الحالي .
الجغرافية والطبيعة
هي احدى المحافظات التي تقع وسط العراق ومركزها مدينة بعقوبة، ومحافظة ديالى تُعتبر من المناطق المُحاذية للحدود الايرانية بسبب موقعها بالجهة الشرقية من العراق وتبعُد عن العاصمة بغداد حوالي ( 57 كم) ويمر بها نهر ديالى الذي يصب بنهر دجلة ، وتشتهر بزراعة الحمضيات بأنواعها ، فيها ( سبعة أقضية وخمسة عشر ناحية) بمساحة تصل لـ ( 17,685 كم2 ) أي مايعادل مساحة دولة الكويت ، وعدد سكّانها حوالي
( 1,224000 مليون نسمة ) موزعين بين أقضية ونواحي وقصبات المحافظة ولها سلسلة من الجبال تُسمّى جبال حمرين وحوضها الجميل ويوجد فيها أيضاً ســد ديالى بالاضافة الى بحيرة حمرين ، يتألّف النسيج الاجتماعي لأبناءها من قوميات وديانات عدّة فهناك القوميتين ( العربية والكُردية ) حيث تتمثّــل القومية الكردية في المناطق الشمالية للمحافظة مثل ( قضائي مندلي وخانقين ) وديانات آخرى غير مُسلمة كالصابئة في قضاء المقدادية ، وفي ديالى شواهد تأريخية عديدة منها : بعض التلول ألأثرية التي تعود الى بداية ألألف الخامس قبل الميلاد وحتى العصور الحضارية المتأخّــرة ومن أهمّـها ( تل أسمــر وهو موضع مدينة اشنونا وقد وجد فيه عدد من المعابد والقصور والتماثيل ( وتل أجرب ) وتل أشمالي وفيه ( معبدا الأله الشمس وعشتار) ، ومن الجدير بالذكر هو ذلك التنوع في السُكّــان من قبائل وعشائر مختلفة عاشت متألفة منذ فترة طويلة في المحافظة أهمّــها ( الجبور والعزّة وبعض من عشائر الدليم والعُبيد والسعيد والعسكري والهواشـم والموسوية والزبيد والسادة الكيلانية..وغيرهم ) .
لقاء رئيس مجلس المحافظة
وصلنا بعقوبة مركز محافظة ديالى حيث مقار الحكومة المحلية والدوائر الرسمية لنتوجه مباشرةً برفقة المهندس / حيدر خضيـر عباس العامري – مدير فرع المحافظة للمنتوجات النفطية للقاء رئيس مجلس المحافظة – الدكتــور- علـي زيـد منهــل الدايني الذي كان في انتظارنا بحضور بعض أعضاء المجلــــس قائلاً : مرحبا بكم بين أهلكم شاكرين لكم عناء الحضور للوقوف على حقيقة وطبيعة الواقع الخدمي لمحافظتنا لذا نتقدم اليكم بأسمى آيات الشكر وألامتنان لخطوتكم الكريمة هذه فانتم ميزان الحق والحقيقة ونحن مسرورون بتواجدكم وتواصلكم مع أبناء هذا الوطن بامتداد جُغرافيته وتنوّع قومياته ودياناته ، بعد ذلك تحدّث الدايني بكل شفافية وصراحة مع الوفد الصحفي الذي زار المدينة وقد وقف طويلاً عند أهمّ المحطات الخدمية التي بات العراقيون جميعا ومنهم أبناء مدينة البرتقال بحاجة الى نقلة نوعية وجذرية في طبيعة تلك الخدمات المتواضعة التي تصل لجميع مناطق هذه المحافظة أو غيرها كذلك ذكر أهم المعوقات والعراقيل التي تعترض عملية انجاز المشاريع الحيوية والمهمّة التي تمّ وضعها ضمن أولويات المجلس في هذه المرحلة ،
وبدأ الداينــي حديثه حول الواقع الصعب والمعاناة التي يعيشها المواطن فيما يخص الطاقة الكهربائية قائلاً : لدينا مشكلة في نقص التجهيز وقبل أيّام التقيت بمعالي وزير الكهرباء حول هذا الموضوع وأخبرني بأنّ الوزارة تُجهّــز المحافظة بـ( 483 ميكا واط ) فأجبته بأنها لاتكفي في ظل هذه ألأجواء الحارّة واللاهبة ونحن لانطلب شيئاً تعجيزياً سوى ألأخذ بنظر الاعتبار بمقترحنا القاضي بتخصيص طاقة محطة المنصورية الكهربائية البالغة آلآن حوالي ( 100 ميكا) الى محافظتنا للاستفادة منها في هذه الظروف المناخية الصعبة لحين وصول أنتاج تلك المحطة الى طاقتها القصوى البالغة ( 700 ميكا ) كون المحافظة تعاني من ظروف اقتصادية صعبة وحرجة، هذا جانب ومن جانب آخر والحديث لازال للدكتور الدايني : لدينا خط آخر من محافظة كرمنشاه الايرانية ويحمل حوالي ( 80 ميكا ) ويمر عبر قضاء خانقين لكن للأسف الاخوان مسؤولي هذا القضاء يأخذون ( 60 ميكا) لتبقى ( 20 ميكا ) تصل لقضاء المقدادية (( هنا نفى بعض الحضورمن ألأعضاء في التحالف الكردستاني هذه المعلومة ، لكنّ الدايني أصرّ على صحّتها ..!! )) لذلك أهالي بقية المناطق تعاني من قلّة الطاقة وسأضرب لكم مثلاً في هذا ( أنا شخصيا على خط الطواريء والقطوعات تصل لأربع ساعات أحياناً ، فكيف هو حال المناطق آلآخرى ..!) أمّا فيما يخص موضوع المياه الصالحة للاستخدام فهو أصلاً مصدره من ايران وتقريبا آلآن شبه متوقّـف بعد غلقه من قبلهم ولدينا مُغذّي آخر من شمال العراق وايضا الاخوة هناك أقاموا عدّة سدود وما يصلنا اليوم من كميات المياه فهي قليلة جدّاً وهناك حُصّــة للمحافظة من وزارة الموارد المائية ، لكن للأسف تتعرّض لتجاوزات خطيرة من قبل أصحاب المزارع والبساتين وبصراحة هناك صعوبة في الوصول لبعض تلك المناطق وهذا ماضاعف من حجم معاناة بعض المُدن والقصبات ، وأضاف الدايني : لاننسى أنّ معظم أهالي المحافظة هم من العاملين بالقطّاع الزراعي وقد واجهوا ظروفا أمنية صعبة أدّت الى هجرة ونزوح الكثير منهم لمناطق آخرى اضافة لتوقّف جميع المصانع في المحافظة وبالتالي ليست هناك حركة اقتصادية في المدينة سوى الزراعة ونعمل بجد لعودة العوائل لمناطقها من أجل اعادة الاهتمام بألأراضي والحقول الزراعية ، وحول الخدمات النفطية قال د. علي : بالنسبة للقطّاع النفطي تبقى وزارة النفط أكثر الوزارات الخدمية وفاءا لتعهّداتها في خدمة الناس ولاتوجد لدينا أيّ مشكلة وكُل ماتحتاجه المحافظة وتحت أصعب الظروف يعمل ألاخ مدير الفرع وزملاءه على توفيره ، بل هم مُتفضلون علينا بسرعة ودوام تجهيز جميع القطّاعات الحكومية وألأهلية بالمشتقات النفطية لتشغيل المولّدات في الدوائر والمستشفيات وتلك ألأهلية في المناطق ونحن راضون كُل الرضا عن أداء مُديـــر الفرع المهندس – حيدر خضير العامري وكوادر فرع المحافظة للمنتوجات النفطية ومن خلالكم نشكر مسؤولي وزارة النفط بمختلف عناوينهم وكذلك مُدير عام شركة التوزيع ألأستاذ / علـي عبـد الكريـم الموسوي لتعاونه الكبير مع فرع المحافظة وليس أخره سرعة ألاجراء في تبديل نوعية البنزين المُجهّز لمحافظتنا الذي كان يصلنا بنوعية رديئة شكا منه أصحاب المركبات في محافظتنا والذي تبيّن لنا لاحقاً انه يصلنا من المصافي الشمالية بآخر أفضل منه من مستودعات بغداد .
الحلول والمُعالجات
بالنسبة لموضوع ايجاد حلول أو معالجات لأزمة الكهرباء والمياه في الوقت الحاضر على ألأقل يقول د. الدايني : العمل يجب أن يكون تضامني بين الدولة والمواطن ، بالنسبة للكهرباء حاليا هي وزارة سيادية ومثالاً على ذلك لو قُمنا بطلب زيادة حُصّـة المحافظة من الطاقة بالنسبة للخط الثاني ( الايراني ) فالحكومة المركزية هي المسؤولة عن تسديد مبالغ تلك الخدمة وهو اتفاق بين دولتين وليس بين محافظة ونظيراتها هناك لذا نحن لانملك صلاحية هذا ألأمر والعراق اليوم كما تعرفون يمر بأزمة اقتصادية خانقة اذ من المُفترض استيراد حوالي (400 ميكا ) لتحسين الطاقة الكهربائية لكن بسبب تلك ألأزمة تمّ تخفيضها لـ(200 ميكا ) من هنا المحافظة مُلزمة دستورياً بتنفيذ التعليمات المركزية بهذا الخصوص ، وللعلم مُتابعة توفير الخدمات هو من اختصاص الجهة التنفيذية في المحافظات ( أي المحافظ ) وللأمانة ألأخ محافظ ديالى لم يبخل يوماً بأيّ جهود من أجل خدمة أبناء محافظته لكنّ الظروف المالية الصعبة تحول دون تحقيق مانصبوا اليه ، ولكي نكون مُنصفين يجب أن لانلقي اللوم على الحكومة المركزية فيما يخص خدمات الكهرباء والماء فالمواطن يتحمّل الجزء ألأكبر في هذا الجانب ومؤشر لدينا كما هو في المحافظات آلآخرى بناء أحياء ومناطق ( غير قانونية ) تجاوزاً على ألأراضي الزراعية والصناعية عمل ساكنوها على سحب خطوط كهربائية ومد شبكات مياه من المحطات الفرعية وهذا أدّى الى نقص كبير في تلك الخدمات ورغم ذلك تعمل دائرة الماء والمجاري في محافظتنا على توفير المياه بواسطة شاحناتها الحوضية لتوزّعه على المناطق التي تعاني من شحّة في هذه المادة ، وحول وجود تقاطعات أو أزمات بين أعضاء المجلس بسبب مرجعيتهم الحزبية والسياسية ..؟ قال د. الدايني : بصدق مجلس المحافظة يعمل بروح الفريق الواحد من أجل خدمة ألأهالي ولاتوجد هناك أيّ تقاطعات أو أزمات بين ألأعضاء بمختلف انتماءاتهم وتوجّهاتهم ومعظمهم يتجوّل يومياً في المناطق السكنية والدوائر الرسمية لمحاولة حل بعض المشاكل الخدمية وغيرها من أجل تخفيف العبء عن المواطن في هذه الظروف الصعبة .
الواقع الصحّي والزراعي
عُرفت ديالى بأنّها مصدر مهم من مصادر زراعة الحمضيات وتشتهر بكُثرة البساتين والحقول الخضراء ، لكنها اليوم تعاني من مشكلة قلّة المياه لسقي تلك المزارع ، ومشكلة آخرى لاتقل أهمية عن الاولى وهي غزو آلآفات التي باتت تفتك بالمحاصيل بسبب غياب أو ضعف العلاجات من قبل الجهات المعنية يرافقه جهل لدى بعض المزارعين في كيفية استخدام المواد الكيمياوية الكفيلة بالقضاء عليها أو الحد من خطورتها ، من هنا ناشد الفلاحون في المحافظة وزارة الزراعة والمعنييــن بسرعة اتخاذ ألاجراءات المناسبة لحل هذه المشكلة التي أضافت ثُقلاً آخر على كاهل ألمزارعين ، أمّا الواقع الصحّــي : فقد طالب بعض المواطنون من وزارة الصحة أن تولي أهمية أكبر بالمستشفيات والمراكز الحكومية وخاصة تلك الموجودة في ألأقضية والنواحي بسبب أنّ بعضاً منها قد تعرّض لأضرار مختلفة خلال فترة الاحتلال الداعشي المجرم لتلك المناطق رغم أنّ معظمها عاد للعمل بصورة طبيعية لكنّها لازالت بحاجة الى رعاية أكثر من خلال رفدها بالكفاءات الطبية ذات الاختصاصات النوعية مع زيادة في حصّة المحافظة من ألأدوية والمُستلزمات الطبّية .
(( بهذه الكلمات انتهى لقاءنا مع رئيس مجلس المحافظة الدكتور – علــي زيـد منهل الدايني لنغادر مكتبه مودّعين بمثل ما أُستقبلنا به من حفاوة وتكريم لنواصل جولتنا في لقاء بعض المسؤولين للوقوف على طبيعة الخدمات والمعاناة التي يشكوا منها أهالي هذه المحافظة وكذلك محاولة البحث عن البدائل التي من شأنها تحريك عجلة الاقتصاد عن طريق فتح باب الاستثمار في هذا الجانب أو ذاك. ))