ما زال الجدل قائماً حول قانون حرية الرأي والتعبير بين من ينادي بتطبيق احكام الدستور وبين من يبتعد عن احكام الدستور سواء أكان الابتعاد تضييقا لهذه الحرية او توسيعا لها الامر الذي يتطلب ذكر بعض الامور الخاصة بذلك وكما يلي:
١- تنص المادة (٣٨) من الدستور على ان الدولة تكفل بما لا يخل بالنظام العام والاداب حرية الرأي والصحافة والاجتماع والتظاهر السلمي وهكذا فأن جميع الحريات السالفة مقيدة بقيد عدم الاخلال بالنظام العام والاداب وتحديد ما يخل او ما لايخل يترك للبرلمان والقانون الذي يصدره بهذا الشأن او للقاضي عند نظر الدعوى والافضل ان يتولى القانون محل النقاش حاليا تحديد ذلك زمانا ومكانا وموضوعا واشخاصا فالمسألة خاضعة للبرلمان ولا صلاحية عليه داخلية او خارجية الا المحكمة الاتحادية عند الطعن بالقانون امام هذه المحكمة حيث تمارس المحكمة سلطاتها الدستورية الواردة بالمادة (٩٣ و٩٤) من الدستور وعما اذا كانت القيود والحدود والشروط موافقة لاحكام المادة (٣٨) من الدستور المذكورة ام لم تكن كذلك فتتولى المحكمة ابطالها والغاءها لعدم دستوريتها وهذا هو الحل الذي نقترحه بترويج القانون بالقيود المقترحة على ان يتم الطعن به لاحقا امام المحكمة العليا.
٢- ان ابداء الرأي مكفول شرعا اذ ورد في الكتاب الكريم قوله( ما منعك ألا تسجد اذ امرتك قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) وهكذا فإن ابليس اوضح رأيه عن سبب عدم تنفيذه امر الله بسجوده لادم ويروى ان الخوارج تكلموا عن الامام علي ووصفوه بالمرتد وغير ذلك من الاوصاف الشائنة ولكنه قال دعوهم برأيهم ما لم يسفكوا دما او يغصبوا مالا وفعلا لم يقاتلهم الا بعد قتلهم واليه عليهم عبدالله بن الحباب
٣-ان فضيلة التعبير يجب ان لا تتحول الى رذيلة التشهير أي ان الرأي يجب ان لا يتحول الى سباب وشتيمة وقذف وتشهير وقدح بالاخرين لان بيان الرأي مشروع وشرعي وقانوني ودستوري وهذه العبارات غير شرعية وغير قانونية وغير دستورية وغير مشروعة.
٤- ان فرنسا وهي افضل الدول ديمقراطية منعت التظاهر منذ سنتين لجريمة ارهابية بسيطة ونرى في وسائل الاعلام القوة المفرطة التي تقوم بها الشرطة ضد المتظاهرين في دول الديمقراطية واوطان الحرية.
٥- الحرية المطلقة مفسدة مطلقة وقالوا انت حُر مادامت لا تضر ويقول الفيلسوف الانجليزي اللورد آكتن ان اكثر المجتمعات حرية هي اكثر المجتمعات التزاما ومسؤولية.
٦- الرأي رؤية عقلية قلبية وليست رؤية بصرية بالعين لذلك قال الكتاب الكريم ما كذب الفؤاد ما رأى والفؤاد ليس العين الجارحة والرأي هو ترجيح احد النقيضين في النفس عن غلبة ظن اي الاعتقاد بصواب احد النقيضين ويقول ابن القيم هو ما يراه القلب بعد فكر وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب مما تتعارض به الامارات والرأي خبر والخبر مايحتمل الخطأ والصواب لذاته وترجيح خطئه على صوابه او ترجيح صوابه على خطئه ترجيحا بغير مرجح لذلك قالوا الرأي لا يهدم الرأي فهما في الخطأ سيان .
طارق حرب
حرية التعبير بين الحكم الدستوري والوجه الواقعي
التعليقات مغلقة