في قضية أثارت المخاوف بشأن الإعلام في ظل أردوغان
انقرة ـ أ ب ف:
بدأت امس الاثنين في اسطنبول محاكمة العديد من الصحافيين في الصحيفة اليومية المعارضة الشهيرة في تركيا «جمهورييت»، بتهمة «دعم منظمات ارهابية مسلحة»، بعدما قضوا عدة أشهر خلف القضبان في قضية أثارت المخاوف بشأن وضع حرية الإعلام في ظل حكم الرئيس رجب طيب اردوغان.
ويحاكم في المجموع 17 صحافيا ومسؤولا ومتعاونا يعمل او عمل سابقا مع الصحيفة المعروفة بنقدها الشديد لنظام اردوغان.
وبدأت المحاكمة بتلاوة اسماء المتهمين التي استقبلها جمع قدم لدعم المحاكمين في قاعة المحكمة بالتصفيق.
وبحسب لائحة الاتهام فان المحاكمين اتهموا بمساعدة واحدة او عدة «منظمات ارهابية» مشيرا الى حزب العمال الكردستاني ومجموعة يسارية متشددة وحركة الداعية فتح الله غولن المتهم من النظام بتدبير محاولة انقلاب في صيف 2016، الامر الذي ينفيه غولن قطعيا.
وتجمع العديد من الاشخاص بينهم صحافيون ونواب من المعارضة امام المحكمة امس الاثنين واطلقوا بالونات ملونة ورددوا هتاف «الصحافة حرة ولا يمكنها تكميمها».
وبين المتهمين هناك اقلام شهيرة على غرار كاتب العمود قدري غورسيل والصحافي احمد شيك ورسام الكاريكاتور موسى كارت اضافة الى صاحب الصحيفة اكين اتالاي ورئيس تحريرها مراد سابونجو.
وأعتبر رئيس منظمة مراسلون بلا حدود بيار هاسكي ان المحاكمة التي بدأت امس الاثنين في اسطنبول «تختصر كل ما يجري في تركيا التي باتت أكبر سجن للصحافيين في العالم».
وتابع هاسكي في حديث على اذاعة فرانس انتر ان تركيا «ديموقراتورية، مزيج من الديموقراطية والديكتاتورية، حيث يتم الاحتفاظ بمظاهر التعددية لكن مع تشديد متزايد للسيطرة على المؤسسات وتلاشي السلطات المضادة» وبينها الاعلام.
واعتقل المشتبه بهم منذ تشرين الأول العام الماضي بموجب حالة الطوارئ التي فُرضَت بعد محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 تموز ، 2016.
وتخشى المعارضة من استغلال السلطات لحالة الطوارئ لملاحقة كل من يتحدى اردوغان، وفي حال تمت إدانتهم، فقد يواجه المتهمون السجن لمدد قد تصل إلى 43 عاما.
وينظر إلى المحاكمة على أنها اختبار لحرية الصحافة في تركيا، التي حلت في المرتبة الـ155 في آخر مؤشر لمنظمة مراسلون بلا حدود المتعلق بحرية الصحافة في العالم، أي بعد بيلاروسيا وجمهورية الكونغو الديموقراطية.
وبحسب مجموعة «بي24» لحرية الصحافة، هناك 166 صحافيا يقبعون في السجون التركية، اعتقل معظمهم في ظل حالة الطوارئ.
لكن اردوغان أصر في مقابلة هذا الشهر أن هناك «صحافيان حقيقيان اثنان فقط» خلف القضبان في تركيا.
وتحولت صحيفة «جمهورييت» التي تأسست عام 1924 وتعد أقدم صحيفة قومية شعبية في البلاد، إلى شوكة في خاصرة اردوغان خلال الأعوام القليلة الماضية. أمين عام منظمة مراسلون بلا حدود كريستوف دلوار يقول إن محاكمة موظفي صحيفة «جمهورييت» يعد بمثابة محاكمة للصحافة التركية بأسرها
وتعد واحدة بين الأصوات المعارضة الحقيقية القليلة في الصحافة، التي تهيمن عليها وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة واليوميات الشعبية الأكبر التي باتت أكثر حرصا على عدم تحدي السلطات.
كما تجري محاكمة رئيس تحرير الصحيفة السابق جان دوندار الذي فر إلى ألمانيا غيابيا، حيث حكم عليه بالسجن لمدة خمسة أعوام وعشرة أشهر على خلفية تقرير في الصفحة الأولى اتهم فيه الحكومة التركية بإرسال أسلحة إلى سوريا.
وقضى المحبوسون حتى اليوم 267 يوما في السجن، باستثناء شيك الموقوف منذ 206 أيام.
منذ اعتقالهم، استمرت «جمهورييت» بتخصيص مساحة لاعمدة صحافييها المسجونين ولكن بفراغ أبيض بدلا من الكتابة.
واعتبر أنصار الصحيفة أن الاتهامات الموجهة ضد العاملين فيها تهدف فقط إلى تكميم أفواههم وتضييق الخناق على «جمهورييت».
وتتهم السلطات موظفي الصحيفة بدعم حزب العمال الكردستاني وحزب التحرر الشعبي الثوري-جبهة، إضافة إلى حركة غولن التي تسميها أنقرة «منظمة فتح الله الإرهابية».
لكن أنصارها يصرون على أن الصحيفة لطالما انتقدت المجموعات الثلاث، بما فيها منظمة غولن، الذي ينفي بدوره أي صلة له بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
وتشير لائحة الاتهامات إلى أن «جمهورييت» أطلقت عملية تهدف إلى بدء «حرب غير متكافئة» ضد اردوغان.
والشهر الماضي، أفادت مجموعة العمل حول الاعتقال التعسفي التابعة للامم المتحدة أن اعتقال موظفي الصحيفة كان تعسفيا، داعية إلى الإفراج الفوري عنهم ومنحهم حق الحصول على تعويض.
ورأت المجموعة الأممية أن سجنهم «ناتج عن ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم» معربة عن قلقها بشأن «ضبابية» الاتهامات الموجهة إليهم المتعلقة بدعم مجموعات إرهابية.