تدابير بناء الثقة والأمن في سهل نينوى

بعد سبعة أشهر على التحرير
(2ـ2)
مايكل نايتس
و يوسف قليان

التعمير وإعادة التوطين
لا تشكّل الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» الأساس المنطقي الوحيد لإعداد هيكل أمني أفضل تنظيماً في سهل نينوى. فقد كان العديد من اللاجئين في «إقليم كردستان» يترقبون الانتهاء من امتحانات أبنائهم في حزيران/يونيو قبل التفكير في العودة إلى نينوى، لكن الآن تزداد ضغوط العودة. ووفقا للقادة المحليين الذين استطلعهما كاتبيْ هذه المقالة، لا يزال90,000 شخص من أصل سكان سهل نينوى الذين بلغ عددهم120,000 شخص قبل عام 2014 مشردين. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 41 في المائة من المسيحيين المشردين من سهل نينوى يرغبون في العودة، ولكن لم يعد حتى الآن سوى3,365 مسيحياً إلى منازلهم. وأحد الأسباب هو أضرار الحرب: وكانت “مساعدة الكنيسة المحتاجة”، وهي منظمة غير ربحية ملتزمة بإعادة بناء سهل نينوى، قد قدّرت وجود12,970 منزلاً بحاجة إلى إعادة بناء بتكلفة محتملة تتجاوز 200 مليون دولار. غير أنه لغاية الآن، لم يتمّ تجديد سوى 232 منزلاً. وحتى إذا كان بالإمكان البدء بإعادة البناء، لن تشهد المنطقة إعادة توطين جماعية من دون ثقة الشعب بقدرة قوات الأمن على حماية العائدين، وعدم مقاتلة هذه القوات بعضها البعض. ولا يزال الخوف يسيطر بشكل كبير على الشعب من نهوض تنظيم «الدولة الإسلامية» مجدداً، كما أنهم لا يؤمنون كثيراً بأن قوات الأمن الكردية أو العراقية ستنجح الآن حيث فشلت في عام 2014.

دور الائتلاف في إعادة بناء الثقة والاستقرار
يقدّم سهل نينوى أرضاً خصبة لتطوير تدابير بناء الثقة والأمن بدعم من الولايات المتحدة. ويعود السبب في ذلك إلى أنه رغم سوء العلاقات بين قوات الأمن في المنطقة، إلا أنها ليست “سيئة للغاية” إلى درجة تمنع التعاون. وإذا كان تمكين الجهات الفاعلة المحلية أمراً ممكناً، فمن المرجّح أن تختار التنسيق فيما بينها نظراً لأن سهل نينوى مكاناً صغيراً جداً وأن مصير عائلاتهم ومنازلهم ومجتمعاتهم المحلية على المحك. وإذا أقدمت جهات فاعلة خارجية مثل «منظمة بدر» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» على فرض وتيرة سير الأحداث، قد تصبح المنطقة ببساطة ساحة معركة بالوكالة تسكنها القوات الوطنية التي لا تحتاج إلى تحمّل تكاليف الصراع. لذلك، يجب استثناء القوات الخارجية (مثل الميليشيات التي جُلبت من وراء سهول نينوى) من ترتيبات الأمن المحلية حيثما أمكن ذلك، وربما استبدالها برجال محليين. وفي كركوك، تمّ تخفيف حدة التوترات جزئياً بين «وحدات الحشد الشعبي» والقوات المحلية من خلال إقامة تفاهمات بأنه يٌرحب بالرجال المحليين للانضمام إلى «وحدات الحشد الشعبي»، غير أنه لن يُسمح للغرباء – سواء كأفراد أو وحدات كاملة – بالخدمة في المنطقة.
يجب أن يكون هذا المبدأ، الذي يشدّد على تجنيد السكان المحليين، حجر الزاوية في الهندسة الأمنية في سهل نينوى وقد يحظى بتأييد شعبي. إنه أفضل طريقة للحد من رد الفعل السلبي لدى الأكراد تجاه «وحدات الحشد الشعبي» في المنطقة، حتى أنّه قد يمهّد الطريق أمام اندماج قوات كردية تعمل بالوكالة مثل “حرس سهل نينوى” و”قوات سهل نينوى” و”دويخ نوشا” ضمن «وحدات الحشد الشعبي» بالطريقة نفسها كما حصل مع “وحدات حماية سهل نينوى”. وعلى غرار العديد من «قوات الحشد الشعبي» القبلية السنّية، تتلقى “وحدات حماية سهل نينوى” أجورها من بغداد، لكنها تتمتع بقيادة وسلطة محلية تجعلها تعمل بطريقة شبه مستقلة عن قادة «وحدات الحشد الشعبي» .
ومن شأن سهل نينوى أن يكون موقعاً مثالياً لنظام مماثل لـ”الآلية الأمنية المشتركة” التي طبقها الجيش الأمريكي بين 2009 و2011 من أجل إنشاء مجموعة ثلاثية الأطراف – أمريكية-عراقية-كردية- من الدوريات ونقاط التفتيش ومراكز القيادة. وقبل عام 2014، تمثّلت إحدى نقاط ضعف الترتيبات الأمنية المحلية في التصوّر المحدود الذي كان لدى القوات المؤيدة للأكراد والقوات الموالية لبغداد إزاء تحركات وأنشطة بعضها البعض. فضلاً عن ذلك، لم تدخل القوات الكردية القادرة إلى مناطق الشبك أو تقدّم لهم الحماية. ويمكن أن تشعر مجتمعات الشبك باطمئنان كبير من الدوريات ونقاط التفتيش ومراكز القيادة المشتركة التي تضمّ ضباط مخابرات “الأسايش” الكردية وقوات «وحدات الحشد الشعبي» المحلية بالإضافةً إلى الجيش العراقي أو وحدات الشرطة العراقية. وقد يساهم ذلك في الحدّ من الميل المتنامي للشبك نحو الحصول على الدعم من الجماعات المدعومة من إيران مثل «منظمة بدر».

*عن معهد واشنطن.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة