القسم الثاني
أحمد موسى جياد
ثانيا – الآثار المترتبة على الموازنة
وفقا لقانون الموازنة لعام 2017، قدرت عائدات صادرات النفط بنحو 57.5 مليارات دولار على أساس تصدير 3.75 مليون برميل يوميا على مدى 365 يوما وبسعر 42 دولارا للبرميل باستعمال سعر صرف قدره 1182 دينارا للدولار (على الرغم من أن سعر السوق أعلى من ذلك).
وقد تم تفصيل إجمالي الصادرات النفطية على النحو التالي:
250 ألف برميل يوميا من النفط المنتج من قبل حكومة إقليم كردستان
300 ألف برميل يوميا من النفط المنتج من قبل شركة نفط الشمال (في كركوك) لنقلها عبر خط أنابيب حكومة إقليم كردستان إلى تركيا، (وكلاهما يخضع لشروط صارمة مفصلة في قانون الموازنة)
3.2 مليون برميل يوميا تأتي من بقية العراق (والتي تصدر من الموانئ الجنوبية)
وقبل البدء بتحليل الأرقام والبيانات لابد من القول ان أحكام الموازنة المذكورة أعلاه شيء والواقع والخبرة شيء آخر تماما؛ اعتمادا إلى حد كبير على مدى امتثال حكومة إقليم كردستان والعلاقة السياسية بين أربيل وبغداد
من الناحية التحليلية ولأغراض المقارنة يمكن تحويل الارقام المذكورة أعلاه إلى أربعة مؤشرات (ثرشهولد) أو مقاييس للمقارنة والتقييم:
المؤشر1: لجميع العراق؛ تشمل جميع صادرات النفط بما في ذلك حكومة إقليم كردستان، أي 3.75 مليون برميل يوميا؛
المؤشر 2: العراق باستثناء حكومة إقليم كردستان؛ وتشمل صادرات النفط من كركوك وموانئ التصدير الجنوبية، أي 3.5 مليون برميل يوميا؛
المؤشر 3: جميع صادرات النفط من موانئ التصدير الجنوبية، أي 3.2 مليون برميل يوميا
المؤشر 4: صادرات النفط من كركوك، أي 0.300 مليون برميل يوميا.
سيتم تقييم كل مؤشر حسب حجم عائدات صادرات النفط التي حققها مقارنة بما تم تخصيصه له في قانون الموازنة. ولتجنب ازدواجية الحساب لابد من الإشارة إلى العلاقة من أعلى إلى أسفل بين هذه المؤشرات الأربعة: فالمؤشر 1 يتضمن المؤشر 2 أيضا؛ والذي بدوره يتألف من كل من المؤشرين 3 و4
الرسم البياني 2: الفائض أو العجز الشهري في عائدات الصادرات النفطية المحققة مقابل الموازنة
كانون ثاني -حزيران 2017)(مليون دولار)
المصدر والملاحظات على الرسم البياني 2: اعداد المؤلف. البيانات ألأصلية من وزارة النفط وقانون الموازنة لعام2017
من البيانات والحسابات والرسم البياني أعلاه يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
1- المؤشر1 (الاعمدة البيضاء) يقيس عوائد الصادرات النفطية الإجمالية المتحققة مقابل الإيرادات النفطية المدرجة في قانون الموازنة من حيث الفائض أو العجز. ويوضح المؤشر بدء العجز المتزايد من آذار / مارس فصاعدا ليصل إلى عجز كلي مقداره 880 مليون دولار. وقد ساهمت ثلاثة عوامل في تحقيق هذا العجز:
أولا، انخفاض أسعار النفط (كما نوقش أعلاه)؛
ثانيا، عدم امتثال حكومة إقليم كردستان.
عمليا، لم تمتثل حكومة إقليم كردستان لمتطلبات الموازنة لمجموعة متنوعة من الأسباب المعروفة، ولكن المشكوك فيها. وبناء على ذلك، وكما ورد في قانون الموازنة لعام 2017، هناك عدم امتثال متبادل؛ حيث إن عدم امتثال أحد الطرفين يؤدي إلى عدم امتثال الطرف الآخر. وبالتالي، فإن عدم تسليم حكومة إقليم كردستان مقدار النفط المحدد في القانون الى الحكومة الاتحادية يؤدي بالمقابل إلى عدم قيام الحكومة ألاتحادية بدفع حصة الإقليم المحددة في قانون الموازنة.
ثالثا، تأثرت الصادرات النفطية من حقول شركة نفط الشمال / كركوك، بسبب دور حكومة إقليم كردستان، تأثيرا خطيرا(كما نوقش تحت المؤشر 4 أدناه) كبيرا ومن الناحية الفعلية فإن العجز الكلي المذكور أعلاه قد تم تقليصه إلى حده الأدنى من الفائض الذي تم تحقيقه في الجنوب (على النحو المبين في المؤشر 3 أدناه)، والذي عوض جزئيا آثار عدم امتثال حكومة إقليم كردستان، التي قدرتها حساباتنا بمبلغ 2.110 مليار دولار خلال النصف الأول من العام.
2. حقق المؤشر2 المتضمن الصادرات من الجنوب ومن كركوك (العمود الأحمر) فائضا إجماليا قدره 1.021 مليار دولار، إلا أن هذا الفائض كان على تراجع مستمر من 445 مليون دولار في كانون ثاني/ يناير إلى 66 مليون دولار في مايس/ مايو قبل أن يتحول و يسجل عجزا قدره 280 مليون دولار في شهر حزيران/يونيو. كما كان عليه الحال بالنسبة للمؤشر 1؛ ويعزى هذا الانخفاض إلى تدني أسعار النفط وعامل كركوك.
3- المؤشر 3 (العمود الأخضر) والخاص بتصدير النفط من المنافذ البحرية الجنوبية يشير الى تحقيق فائض خلال كل من الأشهر الستة بأكملها وبإجمالي قدره 3.04 مليارات دولار. ولكن مرة أخرى، كان الفائض الشهري يتراجع بسبب انخفاض أسعار النفط من جهة، وتذبذب صادرات النفط بين 90.8 و 101.5 مليون برميل. وغني عن القول أن انخفاض صادرات النفط من الجنوب تعكس آثار اتفاق أوبك
4- كان مؤشر4 الخاص بكركوك (العمود البرتقالي) هو الأكثر تدنيا مع ملاحظة تقلب العجز الشهري مما أدى إلى عجز متراكم قدره 2.04 مليارات دولار في النصف الأول من العام. إضافة إلى انخفاض أسعار النفط، ساهمت إجراءات حكومة إقليم كردستان في تقييد التصدير من حقول شركة نفط الشمال حيث تراوحت صادرات نفط كركوك خلال فترة الستة أشهر بين 1.5 مليون برميل (اذار/مارس) 680 ألف برميل (في حزيران/يونيو).
ومن الجدير بالملاحظة ان قانون الموازنة يعتمد تصدير النفط فقط على الرغم من أن العراق يصدر كميات متواضعة من سوائل الغاز الطبيعي (ان جي ال) . ووفقا للمصادر الدولية، تم خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام تصدير نحو 1.4 مليون برميل من الغاز الطبيعي المسال. علماً أن إنتاج سوائل الغاز الطبيعي لا تخضع لاتفاق أوبك لتخفيض انتاج النفط وهذا يوفر للعراق فرصة متواضعة لعوائد إضافية.
كما صدر العراق خلال نفس الأشهر الأربعة أيضا 313 ألف برميل من غاز البترول المسال (ال بي جي)؛ 6.729 مليون برميل من زيت الوقود؛ و 1.224 مليون برميل من النفثا و 89 ألف برميل من وقود الطائرات (جت كيروسين). وللأسف، لا تقدم وزارة النفط أي تفاصيل عن هذه الصادرات أو أسعارها أو عائداتها.
ثالثا – كلمات ختامية بشأن افاق أسعار النفط خلال النصف الأخير من العام
كما ذكر أعلاه، فإن سعر تصدير النفط العراقي يقترب من 42 دولارا للبرميل (الذي فرضه صندوق النقد الدولي على موازنة هذا العام) وذلك في حزيران / يونيه. ونظراً لتمديد اتفاق أوبك / نوبيك لمدة تسعة أشهر وفي ضوء التقارير الأخيرة التي تشير الى معارضة روسيا لأي تخفيض اضافي فإنه يتوقع تفاقم العجز الإجمالي في الموازنة خلال بقية السنة بما يتناسب مع انخفاض سعر النفط.
وفي هذا الصدد، من المهم أن نسلط الضوء على أن هناك الكثير من عدم اليقين وتذبذب أسعار النفط العالمية في المدى القصير وخاصة في إطار توافق الآراء تقريبا على التعبير السائد منذ فترة والقائل «اسعار أوطأ لفترة أطول»
فقد خفض بنك غولدمان ساكس، في نهاية حزيران توقعاته لأسعار خام غرب تكساس الوسيط من 55 $ للبرميل إلى 47.50 $ خلال ألأشهر الثلاثة القادمة ، مشيرا إلى ارتفاع الإنتاج من ليبيا ونيجيريا، فضلا عن ارتفاع في النفط الصخري في الولايات المتحدة
كما خفض بنك الاستثمار الدنماركي ساكسو توقعاته لاسعار نفط برنت في نهاية العام من 58 إلى 53 دولارا للبرميل
وذكرت ادارة معلومات الطاقة الامريكية في الشهر الماضي انها تتوقع ان يكون معدل سعر نفط برنت 53 دولارا للبرميل فى عام 2017 وان سعر خام غرب تكساس الوسيط 51 دولارا للبرميل.
كما وكتب صندوق التحوط (هدجفند)، أستنبيك كابيتال مانجمنت ليك، الى عملائه في 5 حزيران ما يلي «لقد تدهورت سوق النفط العالمية بشكل جوهري» وقد تكون الأسعار عالقة حول 50 دولارا للبرميل أو أقل» «
وعلاوة على ذلك، ووفقا لبلومبرغ، ارتفع إنتاج أوبك بمقدار 260 الف برميل يومياً في حزيران ، مقارنة بشهر أيار / مايو، ليصل إلى أعلى انتاج جماعي حتى الآن في عام 2017. وقد ذكر تقرير صدر مؤخرا عن ان روسيا تعارض أي اقتراح لزيادة خفض الإنتاج الذي تقوده أوبك، وهذا ولد ضغطاً اضافياً دفع الى تخفيض اسعار النفط.
مقابل جميع المصادر الموثوق بها المذكورة أعلاه، يؤكد وزير النفط العراقي أن سعر النفط سيزداد؛ لكنه لم يحدد متى ومستوى الزيادة!!
وختاماً، تشير الحسابات التي أجريتها إلى أن متوسط سعر النفط العراقي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام كان أقل ب 5 دولارات من سعر برنت.
*استشارية التنمية و الأبحاث (العراق) / النرويج