الموصل عادت

بين ضجيج الفرح وصخبه وزهو الشعب بجيشه وما حققه من انتصارات وتضحيات لتحرير ارض الموصل، هنالك صوت خافت لالا ف الأمهات والزوجات اللواتي دفعن ثمن عودة الأرض وإنقاذ العرض بدماء أحبتهن الذين أبوا ولم يتقبلوا ان يدنس ارض وطنهم شراذمة الأرض وشذاذ الأفق ومجرمو العصر من مستبيحي الاعراض ومنتهكي قدسية الأرض والدم ، بل كانت الحرب بالنسبة لهم عرساً وولادة وهاهم اليوم بعد ان كانوا فرساناً فوق التراب ضمتهم الأرض بين ثناياها محتفلة بهم ومبتهجة بقدومهم مواسية أمهاتهم وزوجاتهم وحبيباتهم بأنهم في أحضان امينة ، وابواب السماء شرعت لهم وفرحت بهم .
الا ان حزن الفراق لا يوازيه أي فرحة ولسان حالهن يقول عادت الموصل ولكنكم لم تعودو لنا، عادت محملة ومثكلة بدمائهم الطاهرة، عادت وفي كل زقاق منها شذرات من خطواتهم وابتساماتهم وصلاتهم ودعواتهم بأن يكونوا فداءً وجداراً منيعاً يقي أحبتهم وذويهم شرور واهوال ما رأوا بين أزقة الموصل.
فهنا حبيبة بانتظار تحديد موعد زفافها وهنا زوجة على موعد مع ولادة اول فرحة لهما، وهنا أم أعدت العدة لاستقبال فلذة كبدها وهو راجع من ساحة القتال، كلهن ماتت في قلوبهن فرحة العودة من دون الزوج والابن والحبيب.
عادت وهي حرة من دون نقاب ولا حسبة ولا جلاد ولا عضاضات، ولا لحى قذرة، ولا وجوه غريبة والسن لا تنطق الا بالتكفير والإرهاب.
وعادت جثامين الابطال لتدفن في مقبرة « وادي السلام « عاد ابن البصرة والعمارة والناصرية والسماوة والديوانية وبغداد على متن طائرات متوشحين بالأعلام ممددين في التوابيت لتمتلئ الأرض والسماء بشذى عطرهم واريج دمائهم النقية التي ارتضت بالموت ورضيت به ولم ترتضى بالمغتصب او المعتدي.
فهنيئاً لتلك الأمهات بما زرعت أناملهن وغرست من ابطال شجعان أرادوا ان يكن حرائر لا يدنس ذيل اثوابهن أجنبي أو مستعرب ليبقن كماهن حرائر يوم ولدن ويوم زففن ابناءهن للحرب، ويوم يرزقون الشهادة.
زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة