روح النصر

العراقيون ومنذ الأزل عرفوا من دون الأمم الباقية بشدة العزم والمروءة والشهامة والاقدام والشجاعة حين تشتد الكروب وتحتدم المحن ويكون الخيار الوحيد هو أن يشهر المرء سيفه بوجه من يريد أن ينال من كرامة قومه أوعشيرته أو ممن يحب .. وهنا تتجلى روح التضحية ونكران الذات ، وأن بطون التأريخ تتحدث بلسان الفخر والأعتزاز عن بطولات العرب ومآثرهم منذ بداية الرسالة وحتى عصر الفتوحات وأن الأمم مازالت تحتفظ في أكبرمتاحفها بلوحات خطت حروفها بمداد من نور ومنذ مئات السنين ولم يستطع أي كان من الأعداء أن يمحوها .
أسوق ذلك وأنا أسمع أهازيج النصر تدوي في كل ركن من أركان البلاد بعد الأعلان عن تحرير مدينة الموصل الحبيبة مما علق بها من غبار رياح صفر غطت سماء ربوعها الخضر .. وعادت شيئاً فشيئاً تتنفس الصعداء بعد أن جثمت على أنفاسها خفافيش الظلام وحلت لياليها المقمرة الى دهليز معتمة وموحشة ،وأغلقت بجهلها كل أبواب الرجاء بل وأنطفأت بسمات الأطفال وتلاشت الأماني عن القلوب الفتية التي كانت تحلم مابين ربوع أم الربعين بمستقبل زاهر يحقق أحلامها بالعيش الكريم .
فطوبى للنشامى الرجال من ابطال القوات الأمنية ورجال الحشد الشعبي وكل الشرفاء ممن اسهموا بصنع النصر ولكل يد سمراء أمسكت بسارية راية الله أكبر لترتفع على مأذنة وجامع وبناية عاث بها الأشرار .. وتحية لم قاد المعارك وتحمل العطش والجوع من أجل أن يتحقق النصر الناجز وتطمأن روح الشهداء وتغمض عيونهم على صحيات الله أكبر وينعمون بأنغام زغاريد الأمهات وكل حرائر العراق .
طوبى لاحفاد الحسين بن علي وعمر والحمزة وكل من اسهم بصنع الأنتصارات وتحقيق الآمال بعد أن أراد لها أعداء الله أن تطمر وتتلاشى والى الأبد لا سمح الله ..
وبعد أن تحقق نصرنا في الموصل فهذا النصر لايعني هو النهاية فالمخاطر مازالت محدقة والأعداء مافتئوا يتربصون لكل نصر يتحقق وكل أمل منشود يتحقق أيضاً ، وما علينا اليوم الآ أن نحافظ على روح النصر وأن نضيع الفرص أمام الأعداء وأن نكون يداً واحدة وقلباً نابضاً بالحب والأيمان ونكران الذات وأن نشمر عن سواعدنا لخوض معارك أخرى لتنظيف البلاد من هذه الحشود المدمرة وهذا الجراد الأصفر الذي يريد أن يأكل الأخضر واليابس ويحيل بلادنا الى صحراء قاحلة لاينبت فيها الكلأ ..
تحية للشهداء الذين سقطوا وظل حلم النصر ملء عيونهم وينام بين شغاف قلوبهم .. وتحية لكل الغيارى الذين صنعوا النصر وأثلجوا القلوب .. وتحية لكل ضابط وجندي ومنتسب وقائد اسهم بصنع النصر .. وطوبى للقائد العام حيدر العبادي ومن معه وكل يوم وهم مع النصر على موعد أن شاء الله .
محمود خيون

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة