إسراء يونس:
يطل علينا الشاعر العراقي محمد جاسم المقيم في عزلة منفاه ومهجره الألماني في ديوانه الثاني (أغطية الكلمات) الذي صدر عن دار الشؤون الثقافية العامة بـ(168) صفحة من القطع الصغير. ليؤكد في مغامرته الجديدة رغبة الآخرين من قراء قصائده ليخرج من عزلة تساؤلاته الذاتية والوطنية والكونية فيرصفها في قرار مفاجئ ويقرر طباعة ديوانه الآخر.
يجد القارئ في قصائده وجع الروح والكلمات وتساؤلاتها التي لا تنتهي حتى يشعرك محمد الجاسم انه سليل تلك الروح التي تمردت على احتكار الآلهة القديمة لصناعة الحلم الشعري وقررت أن تذهب في صناعة موضوعاتها وهاجسها بتدفق مخبوء ومنعزل في زاوية ما بركن بيته حيث يمارس طقوسه بصبر وحياء ونبوءة.
كان هذا الكتاب الجديد وليد تلك اللحظات المسورة بالصمت والقراءات ووجع الغربة لتؤسس لنا تجربة شعرية ناضجة ومكتملة في تفسير وعي قصائدها وأسئلتها:
“أيها الشريدُ بلا كأس
من (معينٍ) بضياء
ذهبت أنت
وتركت العرين
يفكر بانقضاضك المرجأ”
فهو يرسم لنا في ديوانه الجديد هذا (أغطية الكلمات) صورة الشعر في وجدانه النقي وكبريائه العالي ونبرة حزينة يتدفق منها صدى المهابة والخوف من المغامرة، لتشعر مع كل قصيدة أن هذا البوح المنثور في سماء الموسيقى إنما هو صنع القلب الواعي، قلب الشاعر في هاجسه الجنوبي حتى لتشعر إن محمد الجاسم إنما يؤسس لرثاء الوجع الإنساني في ألم الوطن والمهاجـر واغترابه عن المكان السومري.