رواية «سرير الألم» لزهرة عز
عبد الغفار العطوي:
رواية ( سرير الألم) للقاصة والروائية المغربية زهرة عز، الصادرة الناشر روافد للنشر والتوزيع 2017 القاهرة، تعد من الروايات التي تهتم بالطابع الفكري على حساب الجانب الفني، فالأداء السردي فيها يبدو كلاسيكيا، و الراوي(ة) على الاعم الاغلب، هي الصوت الخفي للكاتبة التي رسمت خطاها وفق مشيئتها، يبدوان الاتفاق ضمني بينهما، لدرجة التماهي والتمازج في الرؤية والترقب، مع اختلاف في الموقعية بين الداخل للراوية والخارج للمؤلفة، و خرق الكاتبة لدور الراوية قائم على تبادل الموقعية ووجهات النظر لعالم سردي يعتمد الثيمات اكثر من التقنيات من دون عناء يذكر كما سنفهم؟ فالرواية التي تتحدث عن الافكار وصراع شخصياتها حول الافكار المتعلقة بالقيم والمفاهيم لا ترضى بازدواجية المواقف بين الكاتب(ة) و الراوي(ة) حول ما هو عمومي من المقدمات والنتائج ،او في التفاصيل الدقيقة للحوادث المتوقعة وغير المتوقعة، لأن الضبط ضروري في عموم هذه الرواية من حيث ان ما تود طرحه الكاتبة لا يتعارض مع رغبة الراوية في الإخبار، والعكس صحيح، من هنا نستشف ثلاث طرق في فهم ايديولوجية الرواية وجينالوجيتها، في متبنياتها، ووجهة نظر الكاتبة و الراوية، كل على انفراد فيما نريد طرحه حول الصراع الظاهر فيها بين عالمي الذكورة و الانوثة في ترسيخ الهوية، و أيهما له الغلبة في حركة الخط و المحو، إذا ما علمنا ان الصراع الذكوري الانثوي قائم في هذه الرواية وسواها من النصوص السردية على منظور المبتدعات التصارعية على وفق مصالح الاخذ والرد او المد والجزر في تعليق المصادر الخاصة بصراع الهويات والبقاء للأصلح، هذه الرواية المعنونة ب(سرير الألم)، هي عبارة عن رواية أفكار جدلية قائمة بين عالمي الذكورة والانوثة ، بين الرجل و وجهة نظره المبنية على فحولته و ذكوريته، و بين المرأة ووجهة نظرها الواقعة على احقية انوثتها و نسويتها، لكن الطريقة هنا تتعلق في مسألة العرض الذي تتشارك به امرأتان، المؤلفة زهرة عز بكل خلفيتها الثقافية و موروثها السسيو نصي وارهاصات الجينيكو قراطية التي تلوح بها، و الاخرى التي هي من ورق، بيد إنها على ما يبدو تستمد معرفيتها وجينيكو قراطيتها من النسقية الانثوية و مغذيات الوعي الكتابي للمؤلفة، من هنا سحبت الكاتبة البساط من تحت ارجل الراوية (الساردة )، في حين ذهبت الراوية الى تضييق إشتغالات الكاتبة باقتصارها على العمل الثيمي، ليكون هناك منولوجات طويلة للبطلة ( كريمة) مستقلة نوعاً ما و حوارات متعددة ، طالت أم قصرت تخرج عن كونها وعياً سردياً نحو نمط من الخطب و التبادلات السياقية التي هي محمولات فكرية تعكس وجهة نظر ميتافكشنية الكاتبة و ترهق التماسكات النصية في الرواية بترك فجوات إشغال القارئ، و صده عن سبيل ملاحقة الاحداث، من هنا، من هذا التجاذب العقدي بين المرأتين تشظت بقية النسوة بطرائق الحكي، فأصبحن حكاءات باستقلال ثيميائي، من خدوج و حكاية الاستعمار الفرنسي ووجوب ان تكون للمرأة اعتبارات حكائية مستقلة مهيمنة لكنها مصاحبة لعمل الرجل، كما سنتطرق إليه بعد قليل، حتى حضور الغالية في صراعها التصحيحي للهوية الجنوسية، والقيام بتبئير شخصية ( كريمة ) المجورية التي ارتبطت نسقياً بشخصيتي الكاتبة و الراوية ،فنسقية النسونة اعتبارية لارتباط نسوة الرواية بأيقونة( سرير الألم) المقصودة و جسدتها ( المؤلفة و الراوية و كريمة ) في مرموزية عالية ، باقتران السرير بالجنبة الايروسية المتعلقة بصورة النسونة ( صورة النساء النمطية في إحدى إحالاتها السرير )، لكن الاعتبار المهم النشط الفارق ( الألم) هو الذي صنع ميزة نسوة الرواية ، و جعلهن متشاركات في سياقية النمط القهري الاكراهي، من هنا يمكننا القول إن هذه الرواية تمثل رواية المؤلف(ة) ببروز النسقية الامتثالية و التماثلية في حضور قوي وواضح لشخصية المؤلف(ة) و خلق كانتونات نسائية تعتمد الحكي مشغلا سردياً شبه مستقل .
1 – من هنا تبرز الطريقة الثانية في تحميل الرواية و بطلاتها وابطالها تكاليف باهظة في استجلاء مقصدية المؤلف(ة) أي ما كانت تريد زهرة عز أصلاً من وراء الرواية ؟ فمن المؤكد إن هناك مقصديات للكاتبة تخرج من كونها أدوات صراع يتلاقفها الابطال في الرواية، و يقضون بها حياتهم السردية الى محمولات كشفية، تفتح الكاتبة بها و من خلالها مناطق آمنة لتسريب الافكار، ففي حكايات الجدة ( خدوج ) تتلاحم الوقائع التاريخية مع المعاينات السردية، فيما تريد ان تقول الكاتبة ان العدو الاستعماري ( الفرنسي ــ الاسباني ) هو على العموم واحد وان تعدد، فمن الضروري ان يكون المدافع عن الوطن أيضا واحداً و إن تنوع( عربي ــ أمازيغي) ولا بأس أن تكون المصاهرة ونسقياتها المرأة الثورة الناعمة والخشنة حاضرة في صورة سسيوثقافية، و الصراع بين العقل و الظلام، بين الثقافي الفلسفي (ابن رشد في الماضي و يوسف صورة المثقف المتنور الان) وبين الظلاميين التاريخيين الذين احرقوا كتب الفيلسوف ابن رشد والسياسيين والفقهاء الحاليين، سواء أكانوا في المغرب الفقيه الشاذ جنسياً في الريف المغربي والبرلماني المحتال عبد الوهاب اوالدكتور كمال المثقف المزيف في المدن، و الحاج الطاهر ام في العالم العربي والإسلامي، القاعدة التي هيأتها الروائية في سرير الألم هي الصراع الذكوري الانثوي، في الهيمنة الذكورية بمحو الهوية الانثوية وتعليقها فيما يسمى الفحولة المدجنة، و محاولة المرأة محو الأثرالرجولي، ورسم صيغة نسوية وانثوية مستقلة، وأول خطوة جادة في هذا الإتجاه من تمثل الكاتبة هو بوضع ملامح الندية في أنثنة و نسونة عالم الرواية أي جعل المشهدية لصالح المرأة فاعلة و ليست منفعلة، ذلك بتحول المرأة من موضوع الى موقف، فنسوة الرواية لم يكتفين بأن يصبحن موضوعاً و غرضاً لمرامي الرجل بل توجن بالندية وفرض مواقف، كي تستعيد المرأة سلطتها الامومية و تهدد المركزية الفحولية العتيدة، ، لكن الزواج الكاثوليكي بين كريمة و يوسف تم نقضه و اغتيل الاخير في حادثة ظلامية و قفل المحضر على بذرة المنتظر المهدي في احشاء كريمة ، نتيجة زواج امومي وتركت القضايا الاخرى عالقة سجالا بين محو و خط ، السؤال القائم : هل كانت زهرة عز امرأة و كاتبة ومصلحة تعي ذلك؟