طائر السمرمر في المقهى الثقافي العراقي في لندن

لندن – ابتسام يوسف الطاهر:
مرة اخرى يثبت المقهى الثقافي العراقي في لندن حضوره واهميته لدى الجالية العراقية، وهو يحتضن المنجزات الادبية والفنية للمغتربين العراقيين، والاحتفاء بها من خلال اماسيه الشهرية، بالرغم من امكانياته المحدودة، بعد اصرار الدولة على التخلي عن واجبها ازاء مواطنيها في الخارج.
كانت ضيفة المقهى الكاتبة فيحاء السامرائي لصدور روايتها انتظار السمرمر. قدم الامسية الكاتب لؤي عبد الاله، مبتدئا بالشكر للمقهى الذي يعد المنبر الاول العراقي لتشجيع الابداعات: “نتمنى ان يكون هذا تقليداً للاحتفاء بكل اصدار جديد للكتاب العراقيين.
ثم تحدث عبد الاله عن بعض من محكيات السامرائي: خلال قراءتي، خصوصا المحكية الثانية، “غبار العجوز” وربما كان الأفضل تسميتها “غبار الزمن” شعرت ان هناك صدمة تتكرر غالبا، في النصوص الأدبية سواء كانت روايات، او قصصاً، او سيرة أدبية، وهذه الصدمة بالذات هي صدمة الـ 79، والصدمات التي سبقتها في الـ 63 او 69 او70 كل هذه الصدمات تشير الى حقيقة، ان العقل المنفي العراقي ليس محكوما بالزمن التاريخي، وتتابع الصدمات، جعلها متكلسة في روح الكاتب، البعض يستغرب حينما يقرأون كتابا عن ما حدث في 63 ، فالزمن العقلي ينفي الفاصل الزمني لأكثر من 50 سنة، فنكون امام عمل يبدو ارشفة ادبية لمراحل عاشها العراقيون خلال الـ 60 سنة الماضية، محكيات فيحاء فيها جوانب إيجابية، فهي لم تكتف بنقل الصدمة، بل حاولت ان تستدرج الواقع من خلال الصوت مثل الأغنيات، وهي تحاول نقل مناخ عام، وهناك قدرة لصياغة ما يسمى المحاكاة الساخرة، فهناك مشاهد مضحكة جدا تتقاطع مع الامزجة المخيفة.
وتابع لؤي عبد الاله: تبدو لي الكتابات التي بقينا نكررها في المنفى، هي نوع من محاولة الشفاء الجماعي عبر النص الأدبي، عبر الرمز، وربما نجد في المحكية السادسة “عصير الظلام”، فحتى العنوان يبدو غريبأ، هي أشبه بشهادة، اذن هذا النص يقترب كثيرا من الواقع، بمعنى انه لم يقدم أي نوع من المجاز او الرمز، انما قدم الواقع كما هو وبنحو تقريري.
وأوضح عبد الاله: انه “في المحكية الثانية، هناك اضاءة لما تعرضت له بعض المدرسات لرفضهن الانتماء للبعث، او لعلاقة مع الحزب الشيوعي، وهذا غير واضح بالعمل بنحو مباشر، ادخلن الى السجن، وتعرضن للتعذيب.. الخ، هذه الحالة تتكرر بعد ذلك في المحكية السادسة، والتي هي عبارة عن رسالة لأخت الشخصية الرئيسة تتكلم فيها عن الفترة ما بين 1979-2003، وهذه صدمة اخرى يمكن عدها شهادة منتزعة من منظمة عالمية لحقوق الأنسان، عما حدث في العراق، في الفترة التي غابت فيها الشخصية الأساسية.”
في مداخلة لفيصل لعيبي: فيحاء في محكياتها نطّقّت الأشياء، والأشجار، والحجر، والمفاهيم، أضافة الى البشر، وهذا ما ذكرني بالأساطير وحكايات الأطفال، التي نجد فيها العصافير، والاشجار تتكلم، وهناك نكهة السخرية من الثوابت، والمسائل الجادة، وفيحاء أعطت لكل شخصيات المحكيات الحرية في الحديث والتعبير، ما عدا شخصية (مطيع) وهو الوحيد المخفي بالرغم من اهميته بالنسبة لـ(نيدابا)، التي تجاهلت هذا الشخص الطيب الوديع، الذي لم نر له رأيا واضحا تجاه أي حالة، واعتقد تنحيته على هذه الصورة فيه تحيز لنيدابا، بالضد من هذا الشخص.
وعبر الشاشة قدم كريم كطافة الروائي العراقي المقيم في هولندا، مداخلته “العلاقة بين السرد والموسيقى”: كانت فيحاء ترسل لي مسوداتها، ومع كل مسودة رابطا لإحدى الأغاني، في البدء لم أفهم الربط بين الأغنية والمسودة (النص)، حتى اكتشفت ان تلك الأغاني هي جزء اساسي من النص، فالغناء لدى فيحاء تحّول الى ذاكرة مستقلة، أكاد أقول ان ذاكرة الأغنية هي أصدق من الذاكرة الطبيعية للإنسان، حين يحاول استعادة الماضي، فذاكرة الانسان معرضة للعطب، عكس ما تنطوي عليه الأغنية في الخزن”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة