غارودي.. مسؤولية الغرب وإسرائيل عن انتشار الإرهاب

انتهى المفكر الفرنسي روجيه غارودي الماركسي «سابقا» الى نبي ملهم للاسلاميين في الشرق الاوسط بعد وفاته العام 2012 عن عمر بلغ الثماني والتسعين عاما، وقد وصفه الكاتب الاسلامي فهمي هويدي بانه شيخ مشاغبي العصر وإمامهم، والمشكلة التي يعاني منها القراء العاديين وبخاصة في فرنسا ان غارودي برأ في اخر سنوات عمره المجتمعات المنكفئة الى التطرف من مسؤولية انتاج الارهاب ومنظمات القتل والتجييش، وكان يعتبر كل ذلك من انتاج»الصهيونية والامبريالية» وحدهما.. وهذا هو موضوع كتاب اعيدت طباعته مؤخرا بعنوان «الارهاب الغربي» ويدور في منظومة افكاره نفسها حيث انتقدته الصحافة الفرنسية واخذت عليه النظر الى الارهاب من زاوية واحدة ولهذا فانه يفتقد الاحاطة الشاملة بموضوع الارهاب ومصادره، كما قالت اللوموند، وهو مكمل لكتابه (الأساطير المؤسسة لدولة اسرائيل) .. الذي قدمه للمحاكمة والسجن مع ايقاف التنفيذ .. والاخر (اميركا طليقة الانحطاط ).. اما منشورات الاسلاميين فقد قالت «انه الصرخة النقية في زمن الاقنعة الزائفه» .
معروف ان»روجيه غارودي» اعتنق الاسلام وتسمى باسم «رجاء غارودي» وصدر هذا الكتاب عن دار «الأمة الجزائرية» المعنية بكتب اصول الدين ومناهضة الغرب بعد أن رفضت كل دور النشر الفرنسية طباعته، وهو يتناول جذور الإرهاب الثقافي والسياسي والاجتماعي بالعودة إلى 3 آلاف سنة مضت، وصولاً إلى الحضارة الأمريكية الحديثة، الَّتي تستخدم الآن مقولة محاربة الإرهاب «لضرب كل أعداء الولايات المتحدة».
يبدأ الكتاب بمقدمة أشبه بدراسة سياسية عن تداعيات أحداث 11 سبتمبر، ثم ينتقل إلى توْطئة تشكل سيرة صغيرة عن تاريخ تحولات غارودي الفكرية وأسبابها حيث ‏يقول: «نعم أصبحت مسلمًا، دون أن أتنكر ليسوع أو إلى ماركس، على العكس فقد أردت أن أبقي على إخلاصي لهما، وكما في جميع الأديان «والتي هي طريقة من طرق الاعتقاد، بينما الإيمان طريقة من طرق الفعل»». ‏
ويقدم «روجيه غارودي» في طيات الكتاب صورة أكثر دقة عن فلسفات الشرق، فقد قسمه لعدة أقسام أفرد فيه لكل حضارة قسمها الخاص.. وشرح فيه إضافة إلى فلسفة الشرق إبداعهم للفنون.. حيث ابتدأ بحضارة الهند ثم انتقل إلى التاوية في الصين، ثم الزردشتية في بلاد فارس وصولاً إلى هيراقليطس، وإلى الحضارات الإفريقية، حيث يرصد في النهاية النتائج الكارثية الَّتي حققتها الرأسمالية، في السنوات الأخيرة الماضية، من زيادة في عدد العاطلين عن العمل، إلى زيادة الجريمة وتعاطي المخدرات كنتيجة لهذه السياسات، فيقدم احصائيات تعود في معظمها إلى أواخر التسعينيات.. ‏
وفي مستهل الكتاب يقول روجيه غارودي عن نفسه ما يلي: ولدت عام 1913 في أسرة بعيدة عن التدين، أو ملحده بالمعنى الديني ، وعندما بغلت العشرين من عمري كانت الازمة الاقتصادية والكساد يجتاحان الولايات المتحدة ، ويمتدان إلى أوروبا ، في ذلك الوقت بدأت رحلة البحث عن الحقيقة ، وتلمسها في كل الافكار والفلسفات والايديولوجيات ، وكنت مرتبطاً بالقيم الدينية المسيحية ، وواصلت بحثي من حدود قناعاتي الفكرية .
– الماركسية وبدايتي الفكرية ..
لا انكر ان الماركسية شكلت فكري وصاغت وجداني في المرحلة الأولى من حياتي في الوقت الذي كنت فيه أؤمن بالمسيح الذي يمثل عندي قمة الطهر وايماني بالمسيح عليه السلام كان دافعاً قوياً لاقبالي على الاسلام بعد 40 عاماً من تديني المسيحي وفكري الماركسي ، وذلك لأن الإسلام احترم المسيح عليه السلام وهو الدين الأكثر تفتحاً، ويضيف القول بان «وجداني الاسلامي»بدأ يتشكل في الجزائر حيث كنت جندياً فرنسياً ضمن قوات الاحتلال للجزائر ، ووقعت مع مجموعة من الجنود أسرى في أيدي الثوار الجزائريين ، وحدث تمرد من الأسرى الفرنسيين في معسكر الاعتقال، فأمر قائد المعسكر بإطلاق النار على المتمردين وكانت السرية الجزائرية المكلفة بإطلاق النيران علي مع زملائي من المسلمين وفوجئت بهم يرفضون إطلاق النار على الأسرى وأنا معهم، وسألت قائد السرية لماذا فعلوا ذلك ؟ فقال لي : لأننا مسلمون ، ومن العار أن نطلق النار على أسير أعزل لا سلاح معه، وظل الحادث في وجداني حتى اعتنقت الإسلام عام 1982».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة