اكد أن السلطات ساومته للتراجع عن آرائه المناوئة للاستفتاء
السليمانية ـ عباس كاريزي:
اشعل اعتقال الاجهزة الامنية الكاتب والباحث النشاط المدني مسعود عبد الخالق في اربيل الرأي العام في الاقليم، وتحولت على اثره مواقع التواصل الاجتماعي الى منابر للتنديد بما اسموه سياسة تكميم الافواه ومصادرة حرية الرأي المستمرة من قبل السلطات في اربيل.
عبد الخالق الذي يترأس مؤسسة استاندارد للدراسات والبحوث، يعد احد اهم الشخصيات المنفتحة الاكاديمية، كان قد حذر خلال ندوات ومناظرات فكرية وعلمية من مخاطر السياسات التي تتبعها السلطات في اقليم كردستان وتحديدا في مسألة الاستفتاء وانعدام الشفافية والتضييق على المبادئ الديمقراطية والتجاوز الحاصل على الشرعية وسيادة القانون في كردستان، وهو ما ولد استياء لدى السلطات، التي قامت قبل قرابة شهرين باغلاق مؤسسة استاندارد التي يترأسها عبد الخالق ومنعته من عقد اية ندوات او بحوث فكرية.
وبينما وجه نشطاء وصحفيون واكاديميون انتقادات شديد اللهجة الى الاجهزة الامنية والسلطات في اربيل، على خلفية اعتقال عبد الخالق، واشتعلت صفحات الفيس بوك بالاراء المنددة بما وصف بالقمع والقهر الحاصل في اربيل من قبل الحزب الديمقراطي، قال مسعود عبد الخالق في تصريح صحفي عقب اطلاق سراحه بعد ان تم احتجازه لست ساعات اول امس الثلاثاء في اربيل ان القضاء مسيس في الاقليم، وان معارضته للسلطة الراهنة نابع من فداحة الفساد والاهدار الكبير الحاصل لموارد الشعب الذي يشهده الاقليم، مؤكدا انه لن يتراجع عن الافكار والمبادئ التي تبناها وانه مستعد لمواجهة الاخطار وتبعات مواقفه الاصلاحية.
وقال رئيس مؤسسة استاندارد ان السلطات ساومته للتنازل والتراجع عن ارائه وافكاره، الا انه رفض كل المساومات والتهديد والوعيد الذي مورس ضده، والذي وصل الى حد التلويح بطرده وافراد عائلته من اربيل.
من جانبه قال نائب رئيس مؤسسة استاندارد الدكتور رعد محمد ان اعتقال عبد الخالق الذي اطلق سراحه بكفالة اول امس الثلاثاء بعد اعتقاله في اربيل يأتي ضمن الضغوطات التي تمارسه السلطات في اربيل ضد مؤسسة استاندارد، مشيرا الى ان الاجهزة الامنية صادرت العديد من الاجهزة والمعدات الخاصة بالمركز.
واوضح محمد ان رئيس مؤسة استاندارد اعتقل على خلفية دعوى قضائية رفعها ضده وزير البيشمركة وكالة وزير الداخلية كريم سنجاري، بتهمة التشهير بقوّات البيشمركة، وهو ما يمكن ان يؤدي الى سجنه لمدة لا تتجاوز السنة ولا تقل عن ستة اشهر.
في غضون ذلك وجهت مراكز بحوث ومعاهد محلية ودولية المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان وممثليات الدول الاجنبية في الاقليم نداء الى الرأي العام العالمي عن مخاطر التضيق على الحريات العامة والخاصة واستمرار مسلسل اعتقال الكتاب والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني واخرهم الباحث والكاتب مسعود عبد الخالق، في اربيل على خلفية ابداء اراء تخالف اراء الاحزاب المتنفذة التي تحكم الاقليم.
كاروان انور سكرتير نقابة الصحفيين في السليمانية ابدى اسفه لما وصل آليه الاقليم خلال السنوات الاخيرة، وقال للصباح الجديد ان اقليم كردستان كان واحة خضراء لأكثر من عقدين من الزمن، لحرية الرأي وحرية التعبير والانتقاد والتظاهر وحرية المرأة والنشر وحرية الاديان والاقليات.. وكان مثار اعجاب واستغراب الجميع كيف يكون لاقليم فيدرالي محاط بالحروب والنزاعات ان يشع منه كل مبادئ الديمقراطية.. وتابع انور “ ولكن للاسف الشديد نرى ونلتمس ان هذه الحريات باتت تتقلص رويدا رويدا، وذلك باستدعاء النشطاء والصحفيين واصحاب الاقلام الحرة امام المحاكم ومحاكمتهم، ولكن لا ريب بأن جماعات الضغط والنخبة الخيرة من ذوي الباع الطويل في هذا المجال لا يسمحون باستمرار تلك الحالات ونكثف جهودنا لكي يبقى اقليمنا تلك الواحة الخضراء التي طالما حلمنا بان يبقى حرا أبيا وتلك الاصوات النشاز التي تحاول مصادرة حرياتنا ندفنها في مهدها..
ياسين طه مدير الاخبار في قناة ان ار تي بدوره عد في حديث للصباح الجديد انه بين كل مدة ومدة أخرى تتفاجأ الاسرة الاعلامية في اقليم بخرق كبير في حقوقهم الاساسية في التعبير بحرية عن ارائهم ونقلهم للاحداث عبر وسائل الاعلام، كما يضمنها الدستور العراقي، وجميع المواثيق الدولية، آخرها كان اعتقال الكاتب والشخصية المعروفة مسعود عبدالخالق الذي تم التعامل معه بطريقة لا تتلاءم مع مكانته الاعتبارية وشخصيته المعنوية، عبر تمديد احتجازه وتهديده بالترحيل على خلفية قضية تتعلق بالنشر.
واردف طه ان هناك شكوك قوية حول دوافع جلب عبد الخالق الى المحاكم على خلفية دعاوى قديمة، في هذا الوقت بالذات خاصة لما عرف عنه من معارضة سياسات السلطات الحاكمة في اربيل واقليم كردستان عموماً والاعتقال اعقب حملة لتسقيطه شخصيا على مواقع التواصل من قبل جيوش الكترونية مدفوعة الثمن بسبب ارائه المعارضة.
جرجيس كوليزادة الكاتب والصحفي يقول بدوره ان السلطة الحاكمة في الاقليم تنتهج الاساليب القمعية والدكتاتورية نفسها في ادارة الحكم، وتمارس كل الاساليب لاسكات الاصوات الحرة وتقف بشراسة ضد التعبير الحر والرأي الاخر.
ويضيف كوليزادة ان حرية الرأي حق طبيعي من حقوق الاسنان كفلته اللوائح الدولية للأم المتحدة، ونماذج اعتقال الصحفيين والكتاب واصحاب الاراء الحرة واغتيال البعض منهم ماثلة كممارسات مستمرة للسلطة ومدونة في وثائق المنظمات الكردستانية والعراقية والدولية المعنية بالصحافة وحقوق الانسان.
وقال ان “اعتقال الكاتب مسعود عبدالخالق ليس بالشيء الجديد بسبب ارائه الحرة، لان سياسة القمع متواصلة، وسيستمر انتهاج هذه السياسة لان السلطة عبارة عن مافيات عائلية وحزبية وخاصة في منطقة نفوذ حزب بارزاني وهي تتصرف بسلوك غير ديمقراطي وغير انساني، والازمات التي يعاني منها شعب الاقليم مقصودة لاهانة كرامته، فلابد من قوى وطنية مدنية تقف ضد هذه السلطة الغاشمة.