العراقي انتشال التميمي وسابقة مهرجان الجونة السينمائي

عبدالعليم البناء

تحت شعار «سينما من أجل الإنسانية»، أُعلن في جمهورية مصر العربية (الأربعاء العاشر من مايو/آيار 2017) عن إطلاق مهرجان سينمائي دولي جديد باسم «مهرجان الجونة السينمائي» في منتجع الجونة على شاطئ البحر الأحمر في مصر.
ويهدف المهرجان إلى الاحتفال بماضي وحاضر ومستقبل السينما، و»الإسهام في تحقيق التكامل الثقافي الشامل في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباقي دول العالم وفق اللجنة المنظمة للمهرجان».
وبعد أشهر من التحضير، وتضافر مجموعة جهود ودعم من رجال أعمال ومؤسسات راعية، تم إقرار موعد الدورة الأولى من المهرجان والتي ستعقد بين 22 و29 سبتمبر/أيلول 2017، على أمل أن يأخذ المهرجان دوره كرافد جديد يترافق مع بقية التجارب المهرجانية سواء تلك المصرية أم العربية والدولية. حيث يجيء هذا المهرجان بمبادرة من رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس والمنتجة بشرى رزة، وعمرو منسي رئيس شركة «أي ايفينتس»، والمنتج كمال زادة، وتم وضع اللبنات الأولى لهذا المشروع الفني المهم والكبير، الذي ترعاه وزارة الثقافة المصرية، ويدعمه سميح ساويرس مؤسس مدينة الجونة.
وما يلفت النظر أن مهرجان الجونة السينمائى الدولي، إختار انتشال التميمي مديراً للمهرجان، وهو ما يشكل سابقة هي الأولى من نوعها على صعيد مصر، في كون مديره التميمي عراقي الجنسية، حيث لم يحدث من قبل في أي مهرجان سينمائي مصري، أن يتولى إدارته سينمائي غير مصري، وهو ما يؤكد استمرار الطاقات الإبداعية العراقية في تكريس حضورها الفاعل، في مختلف ساحات الإبداع العربية والعالمية، فحفرت أسماءها وتركت بصماتها هنا وهناك، بما انطوت عليه من خبرات وإمكانات وقدرات متنوعة ومهمة ومؤثرة، وباتت تستقطب اهتمام جميع المعنيين بالإبداعات المختلفة، وكان الناقد والناشط والمبرمج السينمائي إنتشال التميمي واحداً منهم.
ولم يأت اختيار التميمي لإدارة مهرجان الجونة السينمائي من فراغ، فالقائمون على هذا المهرجان الذي يهدف إلى الاحتفال بماضي، وحاضر، ومستقبل السينما، والإسهام في تحقيق التكامل الثقافي الشامل في مصر، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وباقي دول العالم، يعرفون حتما التاريخ الفني والابداعي الطويل لهذا الرجل الذي سبق له أن خاض غمار تجارب عدة في هذا الاتجاه.
شغف انتشال التميمي كان مبكراً ومتزامنا بالصحافة وبالسينما، وبدأ أوائل سبعينيات القرن الماضي، حيث وفرت له الكتابة والتصميم الصحافي في عدد من الصحف العراقية، التعرف على نخبة من المثقفين والإعلاميين العراقيين، ورافق ذلك ولعه المبكر بالسينما والحرص على مشاهدة الأفلام العربية والأجنبية التي كانت تتسابق دور السينما البغدادية على عرضها حينذاك.
وبعد مغادرة التميمي العراقَ أواخر السبعينيات، اتسعت أمامه الفرصة لتطوير قدراته وإغناء تجربته الفنية والذوقية النقدية، ليصبح بعد سنوات أحد أبرز المبرمجين للأفلام العربية ومديرا ومحكما وناقدا في مهرجانات سينمائية متعددة، ومارس بشكل فعال مهمة (المبرمج السينمائي)، وهو اللقب الذي يفضل أن ينادى به برغم حداثته في الوسط الفني العربي، بينما نجدها في مهرجانات العالم قديمة ومنتشرة بصورة واسعة، فلقد وصل إليها نقاد وإعلاميون ومنتجون وبائعو تذاكر في المهرجانات العالمية وآخرون ممن شغفوا بالسينما، وبعض هؤلاء وصل إلى أن يدير مهرجانات مرموقة.
ويرى بأن تراكم الخبرة يحتاج إلى زمن طويل، وقد يتصور البعض أن برمجة الأفلام أمر سهل، وهو تصور بعيد عن الحقيقة، فبرمجة الأفلام تعني الاطلاع الكامل ومعرفة ما ينجز، والمغامرة في اكتشاف مجموعة جديدة من الأفلام والمخرجين.
وبدأ التميمي عمله فعلياً عام 1996 حين عمل مديرا فنيا ومبرمجا لبرنامج الأفلام العربية التي اختارها من 13 بلداً عربياً، ولقد اختار الأفلام الخمسين المشاركة في ذلك المهرجان من النتاج السينمائي العربي ما بين 1967 وهو معروف عربياً بنكسة يونيو/حزيران ولغاية سنة المهرجان أي 3 عقود من الإنتاج السينمائي العربي، فلقد شهد العام الذي تلا النكسة نهوضاً كبيراً في مستوى الإنتاج السينمائي العربي وخصوصاً الفئة الوثائقية، وكان هذا المهرجان هو ما حفزه لتأسيس مهرجان روتردام للفيلم العربي، وعمل مديراً فنياً ومبرمجاً للأفلام العربية فيه، فضلاً عن برمجة الأفلام العربية في أكثر من مهرجان عربي وعالمي.
ومن المعروف أن انتشال التميمي كان مديرا لبرنامج الأفلام العربية في مهرجان أبوظبي السينمائي لمدة ثمانية أعوام، وكون خلالها خبرة كبيرة في هذا المجال، وشارك من قبل في لجان تحكيم مهرجان كارلوفيفاري عام 2009، وكيرالا في الهند 2005، والإسماعيلية للأفلام الوثائقية 2005، وبرلين 2006، ولوكارنو السويسري 2007، وهو يسافر أكثر من 25 مرة في العام إلى الجهات الأربع ليحضر المهرجانات أو الاجتماعات والندوات المتعلقة بالسينما، حتى باتت السينما جزءاً من حياته إن لم تكن هي حياته، كما أنه بسبب ذلك كله بات (حريف) بل أكاد أزعم (اخطبوط) مهرجانات، دون أن تفوته شاردة أو واردة من هذا المهرجان أو ذاك عربيا ودوليا، وطبيعة الإنتاجات السينمائية بمختلف أنواعها روائية أم وثائقية أم قصيرة، ناهيك عن صناعها من كتاب ومخرجين ونجوم ومنتجين ومبرمجي مهرجانات، ومجموعة كبيرة من نقاد السينما البارزين والإعلاميين المعنيين بالسينما في أنحاء العالم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة