في وقت أصبحت فيه قطر الصديق العدو للولايات المتحدة
بقلم: كليفورد ماي
ترجمة:حسين محسن
في أعقاب الفظائع الإرهابية في 11 سبتمبر/أيلول 2001، رسم الرئيس جورج بوش خطاً في الرمال. وقال “ان كل دولة، في كل منطقة، لديها الان قرار لاتخاذه”. “أما أن تكون معنا أو مع الإرهاب”. ومنذ ذلك الحين، و بنحو مخيب للآمال، أكثر الدول تلاعبت بهذا الخط، حيث وفرت الدعم لأميركا وأعداء أميركا على حد سواء.
هل هذا لأنهم يتعاطفون مع أهداف الإرهابيين أم لأنهم يخافون من الإرهابيين؟، أم أن هناك بعض التفسيرات الأخرى؟ هذا غير واضح. لكن ما هو واضح أنه : لا توجد دولة وضعت رهاناتها على نحو أكثر فظاعة من قطر.
إن 313،000 مواطن في قطر هم أغنى الناس في العالم بفضل احتياطيات الغاز الطبيعي الوفيرة. وهناك نحو 2.3 مليون أجنبي – بمن فيهم الهنود والنيباليون والبنغلاديشيون والفلبينيون – يقومون بالعمل الذي لا يريد القطريون القيام به.
ما الذي يجعل من قطر “الصديق والعدو”؟ للولايات المتحدة، من ناحية، تستضيف عائلة آل ثاني الحاكمة أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى، فإنها تمد اليد الكريمة لحركة طالبان، و توفر ملاذاً لقادة حماس، و تتخذ موقفاً متسامحاً تجاه ممولي تنظيم القاعدة، و تدعم جماعة الإخوان المسلمين، و تنشر الفكر الإسلامي المتطرف من خلال قناة الجزيرة.
و في الآونة الأخيرة، ضاعفت قطر من هذا التعامل المزدوج. ففي نيسان / أبريل، وفقا لمصادر وردت في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، دفعت قطر ما يقارب المليار دولار إلى إيران والقاعدة، و بدا هذا التمويل ظاهرياً لتأمين الإفراج عن أفراد العائلة المالكة و مرافقيهم الذين اختطفوا في أثناء الصيد في العراق. وفي مايو / أيار، ذكرت الصحافة السعودية أن وزير خارجية قطر التقى بقاسم سليماني.
ولهذه الأسباب ولأسباب أخرى، يجب أن تكون قطر موضوعاً لوسائل الإعلام والتدقيق العالمي. لكن لم يكن الأمر كذلك.
هل كانت تبرعاتها السخية لعدد من المراكز الفكرية المؤثرة في واشنطن والجامعات الأميركية ومؤسسة كلينتون عاملاً؟ أم هل لبعض النخب في واشنطن و خبراء العلاقات العامة تأثير في ذلك؟.
وقد بدأت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي معهد السياسات غير الحزبية و التي تأسست بعد هجمات 11 سبتمبر / أيلول، وهي منظمة لم تقبل مطلقا أي تمويل من الحكومة لأي غرض، بدأت بدراسة أنشطة قطر منذ نصف عقد. في الشهر الماضي، وبالتعاون مع معهد هدسون ومركز جامعة جورج واشنطن للأمن الإلكتروني والوطني، عقدت المؤسسة مؤتمراً تحت عنوان: “قطر والجهات العالمية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين: إدارة أميركية جديدة تضع سياسات جديدة بعين الاعتبار”.
وكان المتحدث الرئيسي روبرت غيتس الذي خدم تحت حكم ثمانية رؤساء أميركيين، ولا سيما كوزير الدفاع ومدير المخابرات المركزية، قد ناقش بصراحة دعم النظام الأميركي للجهات الشائنة وأشار إلى أن القاعدة العسكرية في قطر ليست أمراً “لا يمكن الاستغناء عنه”. من جهته إد رويس، رئيس مجلس الإدارة في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب أضاف، أنه إذا لم تتغير السلوكيات القطرية، “ستكون هناك رغبة مطلقة في النظر في خيارات أخرى لوضع قاعدة عسكرية”.
وقال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي السابق لنائب الرئيس جو بايدن ومستشار الأمن القومي الأسبق لهيلاري كلينتون “إن الوضع الراهن لتمويل الإرهاب الذي ينبع من الخليج، بما في ذلك من قطر، غير مستدام، نحن نحتاج إلى أن نفعل أكثر مما نقوم به حاليا في سبيل إنهائه”.
وبعد ساعات من المؤتمر الأميركي-الخليجي ، أخذت الأحداث مجرى غريب: حيث نقل تقرير وكالة الأنباء القطرية الرسمية عن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إنتقاده للرئيس ترامب، مشيراً إلى الصداقة مع إيران، و مشيداً بحركة حماس وأشار إلى العلاقات “الجيدة” مع إسرائيل . وسرعان ما ادعى المسؤولون القطريون أن التقرير كان أخباراً مزيفة – نتيجة لهجوم إلكتروني. لكن إذا كان الأمر كذلك، من هو المسؤول عن هذا الهجوم؟
وقد تم ذكر كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران وروسيا كمشتبه فيهم.
وبعد بضعة أيام، سرقت رسائل بريد إلكتروني من وإلى يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن، ثم تم نشرها، وكانت بعض رسائل البريد الإلكتروني التي تم نشرها، بين السفير عتيبة وخبراء في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، و لا يمكن أيضاً التكهن من الفاعل هذه المرة.
و يمكننا التفكر، بأن الرسائل قد تم تسليمها عمداً إلى مؤسسات إعلامية مغرضة في محاولة لإحراج السفير الإماراتي و التبرير لقطر، ثم فجأة، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية والسفر والتجارة مع قطر وأصدرت إنذاراً إلى الأمير: أثبت أنك معنا وليس ضدنا.
ومنذ ذلك الحين، حاول وزير الخارجية ريكس تيلرسون تهدئة الخلافات في الخليج. و قد كان ترامب أقل دبلوماسية، حيث وافق بشدة مع السعوديين على أن توقف قطر تمويل الإرهاب.
ولفتت قناة الجزيرة إلى أن “التعاون الخفي”، فضلاً عن “التعاون الواضح” كان “حملة للحد من صورة وأهمية قطر”.
*عن واشنطن تايمز.