كشفت سلسلة الاعتداءات الارهابية الاخيرة في بريطانيا عن قناعات جديدة لدى الاوروبيين في التعامل مع موجة التطرف المقبلة من الشرق وبات الاوروبيون على قناعة بأن ملف الهجرة الى البلدان الاوروبية تحتاج الى مراجعة جديدة وشاملة وفي الوقت نفسه تصاعدت الدعوات لاعادة النظر في طبيعة العلاقات بين دول اوروبا والمملكة العربية السعودية ودول الخليج ولربما اسهمت اعتداءات لندن الاخيرة في دعم مواقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب وسعيه المحموم لتثبيت القوانين الجديدة التي تقدم بها الى المحاكم العليا في الولايات المتحدة الاميركية من اجل حظر السفر وفرض اجراءات شديدة على قدوم المهاجرين الى اميركا وهو مادعاه الى التصريح بعد هذه الاعتداءات للمطالبة مجدداً بالتصديق على هذه القوانين وتطبيقها وفي كل الاحوال لابد من القول ان موجة الارهاب التي تتوالى في الدول الاوروبية تحفز الحكومات والرأي العام على اتخاذ خطوات عملية جديدة لمواجهة هذا الارهاب ولم تعد تنفع التطمينات والتصريحات التي تؤكد اصرار الدول الاوروبية على التمسك بالقيم الديمقراطية ورفض الانجرار والاستجابة لما يريده الارهابيون من اهداف تتمثل بتعميق الفجوة بين الشرق والغرب والاسلام والمسيحية فهناك اليوم تبلور مستمر لحركة رأي عام واسع في اوروبا للتعامل مع الاخطار الارهابية باساليب مختلفة وهناك قناعات باعادة النظر في تفسير التطرف الاسلامي وتحديد منابع ومنافذ هذا التطرف وهناك ايضا محاولات للربط بين طبيعة الانظمة العربية والاسلامية الحاكمة وسياستها وأيدولوجياتها وتعاملها مع شعوبها في الداخل وبين ردود فعل المهاجرين الذين يقيمون في بلدان اوروبا تجاه هذه السياسات وفي الوقت نفسه هناك تنبه وقراءات جديدة وتعرف دقيق على مضامين الخطاب الاسلامي وصل الى حد التعرف على افكار المذاهب الاسلامية من اجل الوصول الى معالجات وحلول ادق لما تواجهه اوروبا والمشكلة ان الاوروبيين اعتادوا لسنوات طويلة على توصيف هذا التطرف ونعته ب(التطرف الاسلاموي) من دون تحديد الهوية المذهبية لهذا التطرف وهذه مشكلة قائمة دفع ثمنها ملايين المسلمين في البلاد العربية والاسلامية وتسببت في تشويه سمعة المسلمين عامة في كل الدول التي يقيمون فيها وفي الوقت الذي دعت فيه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي إلى رد أقوى على مااسمته «التطرف الإسلاموي» بعد الهجوم الدموي الذي شهدته العاصمة البريطانية. قال جيرمي كوربين زعيم حزب العمال البريطاني ان بلاده بحاجة لإجراء محادثات صعبة بدءاً بالسعودية ودول خليجية مولت وأججت الفكر المتطرف وهو مايشكل تطوراً جديداً في الموقف من الارهاب واقتراباً حقيقياً من جذور مشكلة الارهاب وهو مايعني بأن حقبة طويلة امتدت لاكثر من عشرين عاماً حاولت انظمة سياسية عربية فيها تضليل الرأي العام العالمي عن الوجه الحقيقي للارهاب وانفقت فيها ملايين الدولارات من اجل اخفاء المرجعيات الداعمة للتنظيمات الارهابية التي عاثت بالبلاد العربية والاسلامية تدميراً وخراباً وانتقلت الى اوروبا لإشباع تعطشها للموت والدم ..ويمكن القول الان ان اوروبا بدأت تتيقظ لمعرفة الحقيقة.
د.علي شمخي
أوروبا.. قراءة جديدة للإرهاب
التعليقات مغلقة