الإشكالية في السؤال: أي العهدين أفضل..؟

لا ينبغي للقاريء ان يتوقع مني اجابة شافية على السؤال: عهد صدام افضل أم عهد التغيير؟ ذلك لأني عدّه سؤالا غير منهجي ولا تتوفر فيه عناصر الموضوعية التاريخية التي لا تُجيز المقارنة بين حقب التاريخ استنادا الى جزئيات مصالح او منافع او اضرار او أحداث ذات طبيعة طارئة، أو حتى ما تخسره البلاد من ارواح ابنائها، ورب قائل ان المدخل هذا خالف معايير المجادلة والبحث الاحترافي حين سمى العهد الذي خلَف نظام صدام بـ»عهد التغيير» .. حسنا.. انه من وجهة نظري عهد التغيير والسقوط والاحتلال والتحول الديمقراطي والفوضى معا، فكل من هذه التوصيفات لها قدر معين في ما حصل في التاسع من نيسان 2003 وما لحقه، وإن على نحو متفاوت.
من الطبيعي ان يدافع المنتفعون من النظام السابق، ممن خسروا منافعهم ومناصبهم وامتيازاتهم عن ذلك العهد ويجيبون على السؤال حول الافضلية بين العهدين على طريقة «وهل نحتاج الى مقارنة؟ انظروا احوال الامن واعمال العنف والتفجيرات؟» وربما ينضم اليهم الكثير من المواطنين ممن فقدوا اعزاء لهم في دورات العنف، ويعيشون كوابيس التهديدات اليومية لحياتهم، وحياة عائلاتهم.
وبالمقابل، من المفهوم ان ينبري باستحسان العهد الجديد وذم ما قبله اولئك الذين فتح هذا العهد امامهم فرص الاثراء والسلطة والمنافع وتغيّرت احوالهم نحو حظوظ ما كانوا يحلمون بها.
والحال، فان الذين يرون بأن العهد السابق «افضل» سيجدون وفرة من الامثلة والاسباب عن الاستقرار والخدمات والاداء الحكومي ليعززوا جدالهم، يضيفون لها خطايا العهد الجديد الصارخة من دورات العنف وتردي الخدمات وانحلال الادارة وتضاربها وفسادها، فيما يجهّز المدافعون عن عهد ما بعد صدام اسباباً حاشدة حول «افضلية» هذا العهد من حيث مرتبات الموظفين وموارد العائلات وحريات التعبير والتعددية السياسية ويضيفون لها ما ارتكبه العهد السابق من خطايا باشعال الحروب مع الجيران والتجنيد الاجباري والبطش المفرط بكل من تحيطه شبهة عدم الولاء وفقدان عشرات الالوف من الشباب في طاحونة الحروب.
ان الاجابة على السؤال»ايهما افضل من العهدين؟» يمكن ان تتحقق في حال تكفلت بها عقول محصنة ضد الولاء وضغوط المصلحة والخوف والمجاملة.. وهي ستكون اكثر دقة وموضوعية ومطابقة لمعايير البحث المسؤول حين تستعيد البلاد عقلها واستقرارها وتضع جانبا وعثاء رحلتها الوعرة.. آنذاك (انتباه) لا اهمية للنظر الى العهدين، كماضٍ..
فالمهم هو المستقبل.
*******
سوفوكليس
« أفضل أن أفشل بشرف على أن أنجح عن طريق الغش».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة