ترامب وخطته الجديدة للسلام في الشرق الأوسط

تتمثل بإنعاش المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية
حسين ايبش
ترجمة: حسين محسن

خلال زيارته لإسرائيل، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقوى صلة علنية حتى الان بين مبادرتين مهمتين هما اعادة احياء السلام الإسرائيلي الفلسطيني واقامة تحالف إسرائيلي عربي لمواجهة إيران. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قد أعرب عن ارتياحه للجهود التي يبذلها العاهل السعودي الملك سلمان في التوصل الى اتفاق سلام عاداً ان الملك يحب ان يرى السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وفي صميم هذه المحادثات، تتمثل الاستراتيجية «الخارجية» لإنعاش المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. وستكون المحادثات مرتبطة بتطوير ائتلاف اوسع في الشرق الاوسط لمعارضة إيران في الشرق الأوسط.
وتفيد التقارير أن فكرة ترامب هي أن الدول العربية ذات الأغلبية السنية يمكن أن تشكل تحالفاً شبيهاً بحلف الناتو. ويمكن أن يكون لهذا التجمع بعد ذلك علاقة أقل رسمية لكن وثيقة مع تركيا. والأهم من ذلك أنه يمكن أن ينخرط هذا الحلف في تنسيق هادف وتعاون مع إسرائيل لتشكيل كتلة إقليمية موحدة ضد إيران و تشكيل دور رئيسي في جبهة موحدة ضد إيران – و هذا من شأنه أن يوفر لإسرائيل حافزاً جديداً لإقامة صلح مع دولة فلسطينية مستقلة. فالفلسطينيون، بدورهم، ستقدم لهم إسرائيل والدول العربية غطاء سياسياً، ودعمًا دبلوماسياً، ومساعدات اقتصادية للمساعدة في تقديم التنازلات المطلوبة للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي.
من الناحية النظرية، ههذا هو النهج الوحيد الذي لم يطرحه أي شخص منذ سنوات عديدة لإقامة السلام، ويحتمل أن يقدم سيناريو مربح لإسرائيل والفلسطينيين والدول العربية. وهناك أدلة على أن إسرائيل وبعض الدول العربية الرئيسة والفلسطينيين قد يكونون منفتحين على هذه الديناميكية.
التحدي الرئيسي هو، من سيبادر أولاً. إسرائيل لديها بالفعل معاهدات سلام مع مصر والأردن، بالتالي فإن اللاعبين الحاسمين من الجانب العربي هما السعودية والإمارات، وأية بلدان عربية أخرى يمكنها المشاركة. إن أكثر التطورات الواعدة هو مشروع «ورقة مناقشة» تعممها السعودية والإمارات تحتوي مجموعة من تدابير بناء الثقة بين إسرائيل والدول العربية. وسيتضمن ذلك الإتصالات السلكية واللاسلكية والعلاقات التجارية مع إسرائيل و تبادل رحلات الطيران، مقابل التحركات الإيجابية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، مثل تقليل أنشطة الاستيطان أو تخفيف الحصار المفروض على غزة.
قد يميل القادة الإسرائيليون إلى الاعتقاد بأنهم إذا انتظروا وقتاً أطول، فإن التنازلات المطلوبة منهم سوف تنخفض أكثر من ذلك. وسيكون هذا خطأ. فإن تكلفة العلاقات الدبلوماسية الاعتيادية لن تكون منخفضة أبداً. البلدان العربية مقيدة بمواقفها الدبلوماسية والسياسية الطويلة الأمد، وقيمها الحقيقية، وتقييمها الصادق للأثر السياسي المزعزع للاستقرار للاحتلال الجاري الذي بدأ في عام 1967.
يبدو أن ترامب يدرك أن هذا النوع من الاتفاق الجزئي هو أكثر ما يمكن تأمينه، لأن ترامب لا يرغب بأثارة حل الدولتين أو الاستقلال الفلسطيني.
إذا كان ترامب حقاً يحاول التوصل إلى إتفاق – و الذي سيكون أول تقدم كبير منذ عام 1993، وبالنسبة للدول العربية، فإن مثل هذا الاتفاق ليس بالكاد مثالياً، ولكنه بالتأكيد سيكون كافيًا للسماح بزيادة التعاون مع إسرائيل.
لا شيء من هذا يريده الفلسطينيون، فمطلبهم هو دولة مستقلة بدلاً من الاحتلال. وعلاوة على ذلك، فإن احتمال التوصل إلى اتفاق مؤقت يقدم لهم خيارًا مريعاً ولكن مألوفاً، 50 عاماً من الاحتلال و 24 عاماً من مؤتمر أوسلو، وكلاهما كان من المفترض أن تكونا مؤقتتين،
ومع ذلك، وكما هو الحال في كثير من الأحيان في الماضي، يمكن أن يقدم هكذا أتفاق للفلسطينيين مجموعة محدودة جدا وغير مرضية للغاية من المكاسب المحدودة، وكلها تأتي مع ثمن يصاحب ذلك. أو يمكنهم رفض كل ما يقدم لهم، و الإكتفاء بما لديهم.
هذا أمر مزعج حقاً. ولكن فلسطين ليس لديها سوى إجابة عقلانية واحدة، وهي موافقة مصحوبة بحقد و إستياء. وسيضطر الفلسطينيون إلى مقارنة احتمال التوصل إلى اتفاق مع الوضع الذي كانوا عليه قبل بضعة أشهر. وفي السنوات الأخيرة، وجدوا أنفسهم معزولين، و مبعدين، وشعروا بقلق عميق من أن قضيتهم قد تم تجاهلها، ليس فقط من جانب المجتمع الدولي بل حتى من قبل العالم العربي. الآن، و فجأة، مع ترامب، هم يعودون إلى الأضواء، و على جدول الأعمال.
بالنسبة لعباس وحلفائه القوميين العلمانيين، كل هذا هو هبة من السماء. وهي لا تحيي آمالها في أن تحقق استراتيجيتها الدبلوماسية نتائج ملموسة فحسب، بل تؤكد من جديد أيضا دورها على الصعيدين الدولي والإقليمي.
واعرب نتانياهو عن حماسته لإقامة علاقات اقوى مع الدول العربية، لكنه شكك في التوصل الى اتفاق واسع النطاق مع الفلسطينيين. ومن جهة أخرى، فإن احتمال إقامة علاقات أقوى مع السعودية والإمارات قد يدفعه إلى تقديم تنازلات. لكن بعض شركائه في الائتلاف، ولا سيما نفتالي بينيت من الحزب اليهودي اليميني المتطرف، ينتظرون الانقلاب على أي تحركات يقوم بها تجاه الفلسطينيين.

*عن الفورين بوليسي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة